ذاكرة المستقبل ....... الديمقراطي الوحيد والأخير

جمعة اللامي

Juma_allami@yahoo.com

يولد الدكتاتوريون في البيوت التي لا يتجرأون فيها على إصدار الأمر إلى الخدم

(هنري دي مونترلان)

 دخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حلبة الصراع على الألقاب، والأنواط، والصفات، والمسميات، التي تزخر بها ترسانة ثقافة الأحزاب الشمولية، لينافس نظراءه في أوروبا الشرقية القديمة، وفي الديمقراطيات الأوروبية الغربية، فليس ثمة أحد أفضل من أحد.

اكتشف بقايا ثقافة الأحزاب الشمولية، إنهم سدنة الديمقراطية، فقال أحدهم إنه “الديمقراطي الأخير”، وعلى هذا الطريق قال آخر إنه

الليبرالي الأخير”، وتنافس ثالث مع هذين فقال: “صهٍ، لا فُض فوك”، أنا “الدالتروتسكي الأخير”!

بوتين، رجل المخابرات السابق، يعرف أن السوق تتسع لكثيرين، خصوصاً في ميدان الكلام، الكلام الذي من طرف اللسان، فأراد ان يكون في نقطة جذب تلك السوق، فدخله منافساً.

المنافسة في السوق الرأسمالية أمر شائع. بل هي من بين أهم قوانينها. أما أن يتحول اشتراكي باطني، أو اسلامي دعوي، أو شيوعي

ستاليني، إلى “آخر الديمقراطيين”، أو “آخر العلمانيين”، أو “آخر الليبراليين”، فتلك لا تحدث إلا في “بازارات” العرب.

ومع ذلك، اختار بوتين منافسة هؤلاء المتحولين من العرب، الذين كان الواحد منهم يفتخر بأنه خريج ال”K.G.B”، أو حليفه الذي اشتغل مع أكثر من “20” جهاز مخابرات دولياً، من أجل “الديمقراطية” و”الليبرالية” و”حقوق الإنسان”!

أحد هؤلاء عراقي، والعهدة عليَّ أنا كاتب هذه الحروف، كتب رسالة في “الديمقراطية الجديدة” في بلاد الرافدين، جعل من “المحاصصة

الطائفية، “لقاءً جبهوياً” على طريقة سالف الذكر جورجي ديمتروف، ولكنه لم يتنكر لماضيه في احترام “ثقافة” تصفية الرفاق، واستئصال الحلفاء، والسطو على أموال العباد الفقراء، والعمل كظل لزعيم ميليشياوي، ماركسي مرة، وتابع لدولة مرة أخرى، و”الموساد” مرة ثالثة.

لأسمي هذا “المحاصص” باسم: “الحرامي الأخير”!

اندس “الحرامي الأخير” بين حبات مسبحة، من بين خرزها: “الليبرالي الأخير”، و”الصحافي الأخير”، و”الهزاز الأخير”، و”الناشر

الأخير”، و”القاتل الأخير” و”الشاعر الأخير” و”الديناصور الأخير” و”السادي الأخير” و”الفاشي الأخير”، و”الهامور الأخير” و”الصهيوني الأخير”.

كان “بطرس الأكبر” في عون الرئيس بوتين، اذ كيف له ان يعيش بين هذه الصلال الكثيرة التي تزحف، وتفح في كيس واحد مفتوح من نهايتيه؟

لكنها دنيانا هذه الأيام، بأخلاق العولمة، والكذب، والتدجيل، بحيث صار “الدكتاتور” لا يخجل من صفاته، و”العميل” يفتخر بعمالته لأمريكا مثلاً. وعندما استمع بوتين الى الانتقادات التي وجهت إليه أخيراً، لمعارضته بعض التوجهات الأمريكية، قال علناً، في الرابع من الشهر الماضي إنه “الديمقراطي الحقيقي والوحيد في العالم”.

 العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبعوالنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com