|
ترد أنباء متواترة عن وقوع مجازر في مدينة الديوانية، يذهب ضحيتها العشرات من المدنيين العزل الأبرياء، وأول ما يتبادر إلى الذهن بأن السفاحين الذين يقترفون هذه المجازر بحق أهلنا في الديوانية هم إرهابيون، وفدوا عليها من مناطق تفريخ وحضانة الإرهاب في وسط وغرب العراق، ولكن أهل الديوانية المفجوعين بشهدائهم يؤكدون لنا بأن المدينة خالية تماماً من الإرهابيين، العراقيون منهم والأجانب، وما مصدر بلائهم سوى القوات الأمريكية والمجموعات العسكرية التابعة لها والمحسوبة على القوات العراقية. يروي مصدر ثقة محايد، لا صدري ولا مجلسي، بأن سلسة الأحداث التي وقعت آواخر شهر حزيران المنصرم بدأت عندما فتح أحد قطاع الطرق واللصوص، على حد وصفه، النار على دبابة أمريكية، فاتخذها السفاحون الأمريكان وصنائعهم ذريعة لاقتراف مجزرة رهيبة، أدت إلى سقوط العشرات من المدنيين الأبرياء مضرجين بدمائهم في أزقة المدينة، ويصف هذا المصدر الموثوق قيام القوات المشتركة بفتح نار الرشاشات الثقيلة على المواطنين العزل، بمافيهم المارة من النساء والأطفال، وكان من بين الضحايا أمهات بصحبة بناتهن الطالبات، في ذلك اليوم وكل يوم من بعده غيب الموت الطالبات عن مدارسهن، ولم تفلت قبضات الأمهات أيدي بناتهن حتى في الممات، فذهبن إلى الأبدية خليطاً من الأشلاء والدماء، شاكيات إلى بارئهن قسوة القريب قبل وحشية المحتل الغريب، ولم ترتوي شهوة المحتلين وأتباعهم بهذه الدماء المسفوكة ظلماً وعدواناً فقاموا بقصف عدد من ضواحي المدينة بالقذائف الثقيلة، وهدموا البيوت على سكانها المدنيين. وبالأمس أوردت وكالات الأنباء خبر استشهاد عدد آخر من المدنيين، وغالبيتهم من النساء والأطفال، بنيران القوات الأمريكية، وذراً للرماد في العيون وتوطئة لتلفيق ذرائع وحجج واهية يموهون بها دوافعهم الجلية وراء قتلهم أهالي الديوانية بث الأمريكان نبأ فتح تحقيق في أحداث المدينة. قلنا من قبل بأن الأمريكان لم يأتوا للعراق محررين وإنما لتحقيق عدد من أهدافهم الإستراتيجية في المنطقة، وفي مقدمتها تعطيل نهضة شيعة العراق ومنع انتشار عدوى النموذج الإيراني واللبناني إلى العراق، والهدف من دعوة الرئيس الأمريكي للإرهابيين الأصوليين للمنازلة على أرض العراق هو استدراجهم لقتل الشيعة تمهيداً لإحداث فتنة طائفية تقضي نهائياً على أي فرصة لظهور كيان شيعي قوي في العراق، يشكل تهديداً لمصالح الغرب النفطية في الخليج وللنظم العربية الدائرة في الفلك الأمريكي والصهيوني، وقد نجح إلى حد ما بفضل غباء التنظيمات الإرهابية الجاهلة تماماً بالأمور الإستراتيجية والإعتبارات الموضوعية الواقعية واختراق قيادتها من قبل الأمريكان وصنائعهم من الخليجيين والأعراب في المنطقة. اعتدنا سماع التبريرات والأعذار السخيفة من الحكومة العراقية كلما اقترفت القوات الأمريكية لوحدها أو بمشاركة قوات عراقية مجازر بحق المدنيين العزل في الديوانية ومدينة الصدر وديالى وغيرهم من الشيعة، فتارة تدعي الحكومة العراقية بأن الأمريكان ينفذون عملياتهم من دون تنسيق مسبق معهم، وتارة أخرى تتذرع بأن بعض القطعات العراقية تتحرك بأمرة الأمريكان فقط، ولو صحت هذه الإدعاءات لكان أجدر بأعضاء الحكومة ومن أوصلهم إلى مناصبهم من قوى برلمانية اتخاذ رئيس الوزراء الأسبق عبد المحسن السعدون قدوة مرجعية لهم واقتراف الانتحار الجماعي، لأن لسان حالهم كما كتب السعدون المنتحر في وصيته: لقد فشلت في التوفيق بين أوامر المحتلين ورغبات الشعب العراقي. لقد خيبت هذه الحكومة آمال وتطلعات العراقيين وبالأخص الشيعة الذين يتحملون أفدح الخسائر بسببها، فهي حكومة مسخ تضم في عضويتها إرهابيين ومدافعين عن جماعات إرهابية وأدوات للمحتلين، وقد أثبتت عجزها عن حماية المدنيين العزل ومقدساتهم، ولا يوجد قاسم مشترك واحد تجمع عليه كل الأحزاب والحركات المشاركة فيها سوى التخوف من تنامي التيار الصدري، لذا فإن احتجاجاتها الهزيلة أو سكوتها المشين على استهداف الأمريكان لمناطق انتشار التيار الصدري في الجنوب ومدينة الصدر، من دون تمييز بين المدنيين العزل والمسلحين من جيش المهدي، مؤشر على رضاها وقبولها بما يقترفه الأمريكان من مجازر في مناطق الشيعة. نحذر هذه الحكومة والقوى الشيعية الواقفة ورائها من الاستهانة بدماء الشيعة واتباعها المنهج الصدامي في التعامل مع المعارضة الشيعية، فإن كنتم واثقين من اصطفاف الشارع الشيعي خلفكم ونصرة المرجعية الدينية لكم فاحتكموا إلى صناديق الانتخابات ولا تستعينوا بالمحتلين الأمريكان على منافسيكم من الشيعة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |