حكومة المالكي والأفق المجهول

 

عزيز العراقي

ziziiraqi@yahoo.se

الخطوة الجريئة التي اتخذتها قائمة "التوافق" في تعليق عملها في الوزارة , كان لابد منها اذا استمر التعقب القانوني لوزيرها في الثقافة , المتهم  بقتل نجلي عضو البرلمان الاستاذ مثال الآلوسي . والجرءة ليست دائماً رديف الايجابية , والتأكد , والثقة المدروسة . بل قد تكون نتيجة السلبية , والغباء , والحقد , والأنانية .

كلنا نتذكر ان قائمة "التوافق" ارادت قبل عدة اشهر ان تغيّر الدكتور محمود المشهداني رئيس البرلمان المنسوب اليها لضعف امكانياته , الا ان قائمة "الائتلاف" وقفت ضد ذلك , وارادت ان تذكر دائماً , ان رعونة المشهداني وفشله تحسب على قائمة "التوافق" السنية , والحق يقال ان قائمة "الائتلاف" الشيعية في رفضها تبديل المشهداني كانت " جريئة" ايضاً .

اليوم "الائتلاف" و"الكردستانية" يطلبان تغيير المشهداني , و"التوافق" لاتريد . في واحدة من مهازل المحاصصة و الانحطاط الطائفي . ومرة اخرى وبنفس الدوافع "الوطنية" تعلق " التوافق" عملها في الوزارة لغاية ايقاف التعقب القانوني لوزير ثقافتها . وتمكنوا من وضع المالكي في زاوية حرجة , وهو الذي اوقف الملاحقة القانونية لرموز ووزراء في "الائتلاف" , ولم يوقف الملاحقة حسب صلاحياته على وزير ثقافتهم .

والسبب هو في افشال حكومة المالكي فقط , وتوجد اسباب لاتحصى يمكن استغلالها لهذه الغاية , وليس بالدفاع عن القتلة والمجرمين , ومجرد خلق الصعوبات .

وقائمة "الائتلاف" من جانبها والتي تقود السلطة , اول من عمل على افشال الحكومة بكل الطرق , وبمختلف الوسائل , وبالذات من خلال تغليب الاستئثار بمرافق الحكومة , ومرافق الحياة الاجتماعية والاقتصادية . والقائمة اليوم في وضع لاتحسد عليه . والصراع الدموي الجاري بين اطرافها , وبالذات بين "المجلس الاعلى" و"التيار الصدري" لايمزق قائمة"الائتلاف" فقط , وانما الطائفة الشيعية بكل تكويناتها .

القائمة "الكردستانية" الطرف الآخر الذي يقود السلطة , ولاشك ان اغلب القيادات القومية الكردية تعتقد عن "صواب" ان الصراع الحالي بين اطراف العملية السياسية العراقية , يصب في مصلحة هذه القيادات , بعد ان تذوقت طعم السلطة , وفرضت نفسها كأقوى المجاميع السياسية التي استأثرت بالوجود الكلي في كردستان , والنسبة الكبيرة المؤثرة في الحكومة المركزية , وابقاء الحكومة متصارعة , وفاقدة لوحدة الادارة في باقي مناطق العراق , هو الذي يضمن استمرار هذه الامتيازات , وليس لتطوير القضية الوطنية الكردية في عموم كردستان , ويقربها من الأستقلال , كما يعتقد البعض .

القيادات القومية الكردية , وبما هو معروف عنها من " براغماتية" رفعت الشعارات القومية في البداية , ومضى على شبه الأستقلال اكثر من خمسة عشر عاماً . وتشكلت , واستقرت , طبقة اقتصادية تمارس سلطاتها المطلقة في ادارتيها " السليمانية" و" اربيل" . ولحد الآن لم توحد اهم مفاصل السلطة بين الأدارتين, وهي الخمس وزارات الرئيسية .  ان بناء دولة مستقرة ديمقراطية فيدرالية في العراق كما هو معلن في لافتات هذه القيادات , سيسلب هذه القيادات الفسحة التي يتمتعون بها حالياً في ممارسة السلطة المطلقة , والكسب الاقتصادي المنفلت , وستطالب الجماهير الفقيرة المسحوقة في كردستان قبل غيرها بتغيير واقعها المؤلم , اذا استقرت الأمور .

ان اسقاط حكومة المالكي من قبل اطرافها الرئيسية سيعقد الوضع أكثر , ولن يلبي مطاليب جماعة على حساب جماعة اخرى . والجدار الطائفي القومي الذي أحاط العملية السياسية , سيكون اقوى في فرض شروطه من التوافق بين المكونات العراقية اذا تم اسقاط حكومة المالكي . وبدل البحث عن مخرج ينقذ العملية السياسية من المحاصصة الطائفية والقومية , سيكون الانحدار اسرع نحواعماق هذا المأزق , ولاشئ غير المزيد من الدماء وتمزق الشعب والوطن .

 العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com