مجزرة آمرلي وصمة عار جديدة

 

أوميد كوبرولو

www.turkmendiyari.blogcu.com 

 آمرلي ناحية عراقية تابعة لمدينة طوزخورماتو التي سلخها النظام العراقي السابق من جسد محافظة كركوك وألحقتها إلى محافظة صلاح الدين التي استحدثت بدورها في مركز قضاء تكريت ( مسقط الرئيس العراقي السابق صدام حسين ). آمرلي ناحية عراقية من العصر القديم وأغلب بيوتها مبنية من الطين. نالت هي الأخرى حالها حال شقيقاتها بقية المدن والقصبات والقرى التركمانية والكردية نصيبها من الإهمال في زمن التعريب الصدامي وذلك لكون أهاليها من التركمان 100% . وبعد احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية والإنكيليزية والميليشيات المسلحة التابعة لبعض الجهات السياسية، عفوا تحرير العراق كما تدعيه بعض الجهات العميلة للمحتلين، ظن أولئك الأبناء المظلومين بأن سنوات الظلم والشوفينية والتعذيب والتحقير والمجازر الجماعية والتهجير ألقسري والإهمال قد ولت، وأنهم وأطفالهم البراعم الأبرياء سينعمون بخيرات وبركات المحتلين لبلادهم، عفوا المحررين لهم، وسيبنى مدنهم وقراهم وفق أحدث التصميمات العالمية ويسكنونهم في بيوت على غرار البيوت الأوربية والأمريكية الحديثة، ولا يحرمون بعد اليوم من أي حق من حقوقهم الوطنية، ولا يميزون وتلحقهم الأذى لأسباب طائفية أو عرقية. ولكن الذي يحدث في العراق الجديد منذ السقوط في التاسع من نيسان عام 2003 وخصوصا بعد استلام حكومة معالي السيد نوري المالكي إدارة البلاد يثبت يوما بعد آخر بأن العراقيين في زمن صدام كانوا في ألف خير مما هم عليه الآن. البلد من أقصى شماله وحتى أدنى جنوبه يلتهمه الجوع القاتل والبطالة والمرض والخراب والدمار والإهمال والعمليات التكفيرية والإرهابية والاختطافات والاغتيالات والتمييز العنصري والطائفي والحروب الأهلية المستمرة بين الميليشيات المسلحة أو أبطال المقاومة العراقية من جهة والقوات الحكومية أو قوات الاحتلال من جهة أخرى والنقص في المواد الغذائية والغلاء الفاحش وشحة الماء والكهرباء والوقود وتفشي الفساد الإداري والمالي وحدث ولا حرج.

التركمان الذين لا حول ولا قوة ولا ميليشيات مسلحة لهم ولا قادة سياسيين توفقوا في توحيد صفوفهم كبقية مكونات وأطياف الشعب العراقي كانوا منذ أول لحظة السقوط ولحد الآن هدفا لأطماع وغدر المجرمين والعملاء والخونة. وفي بداية الطريق اغتالت الجهات الضالة خيرة رجال التركمان من سياسيين وعلماء ومثقفين من أمثال المناضلين مصطفى كمال يايجيلي، يشار جنكيز، علي أكرم كوبرولو، صباح كتانة، صباح قرة آلتون وغيرهم كثيرون. وفتحوا النار على المتظاهرين التركمان وقتلوا العشرات منهم. وهدموا بصواريخهم العمياء عتباتنا المقدسة ، وفجروا مقاهينا الشعبية بما فيها من الأبرياء. وبعدها ذبحوا أهالينا في تلعفر في أبشع مجزرة وشردوا أهاليها من بيوتهم. ونفذوا مجازر أخرى في طوزخورماتو وينكيجة وداقوق وقرة تبة وبشير. وها في اليوم السابع من تموز 2007 عادوا أولئك الأوباش والسفاحين الأوغاد الذين لا يخافون الله ولا ذمة وضمير لهم ليرتكبوا جريمتهم النكراء ضد الأطفال الصغار والنساء والشيوخ الأبرياء في ناحية آمرلي التركمانية. حيث فجروا شاحنة صفراء محملة بالمتفجرات في وسط سوق شعبي وبدائي وهدموا أكثر من مائة محل تجاري وبيت لأهالي الناحية التركمانية فوق أصحابها وساكنيها وقتلوا وجرحوا أكثر من 400 إنسان برئ بين ( طفل و أمرآة ورجل عجوز وشاب وشابة ) وبدون أي ذنب اقترفوه عدا كونهم ينتمون إلى القومية التركمانية التي أثبتت ولائها للعراق ورفعت راية العراق الموحد ورفضت تقسيم البلاد إلى أقاليم طائفية وعرقية.

هذه المجزرة الوحشية البشعة التي لم يقدم إلى مثلها حتى أعداء الله لحد الآن، نفذت في ظل حكومة تشترك في إدارتها أحزاب وتنظيمات أسلامية ورئيس الحكومة السيد نوري المالكي ينتمي إلى أحد أكبر تلك الأحزاب، ولكنه وللأسف الشديد أثبتت هذه الحكومة عجزها وفشلها الكبير في القضاء على مثل هذه الجرائم والعمليات الجبانة، لأنها أي الحكومة فشلت في القضاء على الميليشيات المسلحة للأحزاب والتنظيمات السياسية والتي هي رأس المصائب في البلاد، وفشلت في تجريد الشارع العراقي من العصابات والجماعات الإرهابية الأخرى والذين بحوزتهم أسلحة النظام السابق ويحصلون على المتفجرات من جهات داخلة وخارجية معروفة. إن دماء ضحايا مجزرة آمرلي التركمانية في رقاب السادة رئيس وأعضاء الحكومة العراقية قبل منفذي العملية الغادرة. لأن أولئك المسئولين لو كانوا يؤدون واجبهم بإخلاص ووطنية لا لمصلحتهم الشخصية وبما ترضي قادة الاحتلال وحلفائهم في بقية التنظيمات السياسية التي تشارك في إدارة البلاد لما تركوا تلك المدينة الجريحة بدون من يحميها من الفجرة والفاسقين. وستبقى مجزرة آمرلي وصمة عار في جبين كل مسئول عراقي تهاون في وظيفته وأهمل أية فئة من مكونات الشعب العراقي ولم يوفر لهم الحماية والأمن والسلام. بالله عليكم يا أحرار العالم وشرفاءه هل سمعتم بأن أهالي مدينة تصيبهم مصيبة أليمة هكذا لا تمتد لهم يد العون من قبل حكومتهم لتنقذ ضحايا المذبحة من تحت الإنقاذ وترسل لهم أبسط المعونات والمساعدات الإنسانية؟ عدا تكرم السيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني ومعالي رئيس الوزراء نوري المالكي بتنديد واستنكار الحادث الوحشي المدمر. بالله عليكم يا ناس بماذا تصفون مثل هذه الحكومة التي لن يتحرك أحد من مسئوليها ليأمر بإرسال شفل لإنقاذ أبناءها من تحت الأنقاض في ناحية صغيرة والوقوف إلى جانبهم في محنتهم؟ وهل آمرلي ناحية عراقية أم أنها في دولة أخرى؟ فلو إنها عراقية فأين الحكومة العراقية؟ ولماذا لم تصل لتداوي الجراح؟ تركيا الدولة الجارة التي كانت دوما إلى جانب العراقيين في محنتهم تبعث بطائرتين لتنقلا الجرحى لمعالجتهم في المستشفيات التركية والحكومة العراقية نائمة في نومها العميق ( عفوا السادة أعضاءها المحترمون مشغولون في إعداد الخطط الأمنية ومحاربة الإرهابيين والتكفيريين والفساد الإداري والمالي وعجز الميزانية و...و...).

إن تقديم التعازي والرجاء من الله ألعلي القدير بأن يتغمد الشهداء الإبراء في جنات عدن مع النبيين والصديقين والشهداء وأن يلهم أهلهم الصبر والسلوان ويشفى الجرحى وحده لا يكفي أبدا، علينا وعلى الحكومة العراقية العمل الجاد في محاربة مثل هذه الأعمال الجبانة والقضاء عليها كاملة. علينا أن نعود إلى عراقيتنا الحقيقية قبل كل شيء ونطرد الحقد والعدوان والأنانية وحب النفس وكره الآخرين من نفوسنا، وأن نتصافى فيما بيننا ونحب لبعضنا البعض وأن نكون أخوة صافية مثلما كنا عليه في السابق حتى وقبل أن كان العراق تحت حكم النظام البعثي. وعلى الحكومة العراقية المزيد من العراقية والعمل الجاد المثابر من أجل أمن واستقرار البلاد وتوفير الحماية اللازمة لجميع المدن والأقضية والنواحي والقرى العراقية بدون تمييز. على أن يشارك أبناء كل مدينة أو قصبة أو قرية في قوة حماية مدينته أو قصبته أو قريته. ويجب فورا حتى ولو كانت الحكومة العراقية عاجزة عليها إلغاء كافة الميليشيات المسلحة بدون تمييز وتجريد مقاتليها من الأسلحة وتوفير العمل لهم في دوائر الدولة ومصانعها. وألا فلن تكون مجزرة آمرلي الجريمة النكراء الأخيرة التي تؤلمنا وتبكينا وحتما سيكون الألم والبكاء قدرنا الذي يلاحقنا في كل شبر عراقي.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com