|
أنطلق في أواسط شهر آيار الماضي في العاصمة الأردنية / عمان المجلس العراقي للثقافة والذي شهد حضور مؤتمره التأسيسي الأول أكثر من مئتين شخصية عراقية مثقفة من داخل البلاد وخارجه ، والخبر لوحده أثار جدلاً واسعاً بين جمهور المثقفين بعضهم مؤيد والأخر معارض ولكل منهم أسبابه الخاصة به والنابعة عن قناعته أو مصلحته أو منفعته أو فائدته وهذا حق مشروع في ظل العراق الجديد ... المهم أحترام الرأي وقبول الرأي الآخر دون أقصاء أو تهميش مسألة خط أحمر لا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال وهو أمر لابد أن يتمتع بها المثقف ويلتزم بها أكثر من غيره قولاً وفعلاً ، فمن خلال المقالات التي تناولت هذا الموضوع .. فقد طُرحت فيه آراء شتى وملاحظات مختلفة تبين وجهات نظر أصحابها وردود أفعالهم وهذا في حد ذاته يعبر عن حالة صحية ومتعافية تعيشها الثقافة العراقية المتنوعة بأطيافها المتعددة رغم جو الإرهاب والتقتيل على أساس الهوية والتشريد القسري وإنعدام الأمن والخدمات ، نتيجةً لوصولها إلى أعلى مراحل النضوج الفكري الواعي والمتفتح الذي لم تمر به سابقاً في زمن النظام البائد بعقوده الأربعة المظلمة السوداوية من تأريخ العراق الحديث والمعروف بمحاولاته الرخيصة لشراء ذمم الكتاب والشعراء والأدباء الإنتهازيين الذين أصبحوا مجرد أبواق مطبلة ومزمرة للدعاية الفاشية وحزبها المقيت عبر وزيره الصحاف وأمثاله مرسخةً لثقاقة العنف والممارسات القمعية والويلات والمحن الكارثية والحروب العدوانية ، وما أن سقط الصنم في 9/4/2003 بيوم تأريخي مشهود ( أفُرغ من جوهره للأسف ) وتَنَفسَ المثقفون تنفس الصعداء وأنتعشت آمالهم العريضة مجدداً في سبيل غدٍ جميل ومشرق يزهو به العراق وشعبه نحو المستقبل الواعد ، ولكن كل تلك الأحلام الوردية أصدمت بأرض الواقع الأليم عندما أقر نظام المحاصصة الطائفية المقيتة على مستوى إدارة الدولة من قبل سلطة الأئتلاف المنُحلة بالإتفاق مع قيادات النخب السياسية والحزبية وكانت وزارة الثقافة ذات عبء ثقيل على السياسي لكونه يعتبرها حقيبة وزارية ثانوية غير مهمة شاء أم أبى فهي جزءً من هذه الآلية المرسومة بشكل لا مناص منه منذ تأسيس مجلس الحكم الأنتقالي ولحد الآن مروراً بالحكومات ( المؤقتة ، والأنتقالية ، والدائمية ) وبين ليلة وضحاها أصبحت الثقافة أسيرة السياسة المكبلة بمزاجها العكر والمقيدة بأهوائها المتقلبة أسرع من عقارب الساعة والمفروض أن العكس هو الصحيح ، وبلغ الإهمال واللامبالاة ذروته حينما رفضت مذكرة المثقفين من قبل الجمعية الوطنية الإنتقالية حول عملية إعداد الدستور أو ربما بالأصح رميت تلك المذكرة في سلة المهملات دون مطالعتها أصلاً ، ولكن بفضل ضعوط الأوساط الثقافية رغم إمكانياتها البسيطة والمحدودة فقد تمكنت من إجبار الأطراف السياسية على إدخال مادة تتعلق بشؤون الثقافة قبل ثماني وأربعين ساعة فقط من الإستفتاء على الدستور في 15/10/2005 وهي المادة (36) والتي تنص ما يلي : ( ترعى الدولة النشاطات الثقاقية والمؤسسات الثقافية بما يتناسب مع تاريخ العراق الحضاري والثقافي ، وتحرص على إعتماد توجهاتٍ عراقيةٍ أصيلةٍ ) ... والسؤال المهم الذي يطرح نفسه ... هل كانت وزارة الثقافة بتركيبتها الحالية آمينة على هذا النص الدستوري وحارسة له .. وهي في ذات الوقت لم تحرك ساكناً من أجل إدخاله في صلب الدستور .. فكيف تكون ملُزمة بتطبيقه !! بل ما هي مسؤولياتها في الحفاظ على أرث العراق الثقافي ؟؟ وخير دليل على ذلك ما حصل من تفجير إرهابي في شارع المتنبي والأمثال كثيرة لا تعد ولا تحصى وإذا قامت الوزارة بإجراء إداري أو إنجاز إبداعي فهو مبني على أساس رد الفعل أو توجه سياسي معين وليس المبادرة بالفعل والفرق كبير بالتأكيد ، كما أن الوزارة كغيرها من الجهات الحكومية تمر بمرحلة من الصراعات الحزبية الحادة بين مختلف المستويات الإدارية والوظيفية العليا كمرآة عاكسة للوضع السياسي العام والمتضرر والخاسر الوحيد هو المواطن البسيط الفقير المغلوب على أمره الذي لا حول ولا قوة والمستهدف دون غيره بطبيعة الحال رغم كونه خارج حلبة الصراع ، هذا مع عدم وجود نقابات وإتحادات ومؤسسات مجتمع مدني حقيقية وغياب الوعي بمفهومها الحضاري المتمدن التي تشكل أحدى وسائل الضغط على الحكومة بإعتبارها سلطة شعبية رابعة بجانب الصحافة والإعلام ، فهذا الفراغ والقصور والتراخي أسهم في تراجع الثقافة بفضل هذه الإنتكاسات التي تكلبت جميعها دفعة واحدة ، ولكن كما يقول المثل رب ضارة نافعة إذ نتيجةً لما حصل من إخفاقات وتراجعات ولدت فكرة المجلس الثقافي وهي ليست بجديدة حيث توجد تجارب وتطبيقات عدة في هذا المضمار ومنها المجلس الثقافي البريطاني والمجلس الثقافي الكندي وعلى مستوى الدول العربية هي المجلس الأعلى للثقافة في مصر والمجلس الوطني للثقافة والآداب والفنون في كُل من الكويت وقطر ، وبالتالي لا ضير من الأخذ بمثل هذه المشاريع الثقافية والإستفادة منها وتطويرها وفقاً لمنظور الحالة العراقية وتجربتها الخاصة ، ولقد طُرحت فكرة المجلس منذ أكثر من سنتين في العديد من المؤتمرات والمهرجانات والتجمعات وتحدثت عنها الجرائد والمجلات والقنوات التلفزيونية والفضائية غيرة ذي مرة وغالبية الوسط الثقافي على علم مُسبق بكل الخطوات المتحركة بهذا صدد ذلك ، وكان البعض إعتراضه الوحيد هو عدم دعوته إلى مؤتمر عمان وآخرين شككوا بعراقية المجتمعين وغيرهم رفضوا الفكرة أصلاً وأخرين وصفوا الحدث على مزاجهم كما شاؤوا ولكل منهم رأيه وهذا أمر طبيعي وروتيني جداً وأعتاد العراقيون عليه في ظل أرهاصات العملية السياسية المتُعثرة وأجواء الوضع العام المتوتر بالفوضى وعدم الأستقرار ، وقبل نشؤ هذا المجلس أختلفت الآراء حول تسميته ومركزه القانوني .. وهل يكون بديلاً لوزارة الثقافة ويحل محلها في ظل تراجعاتها المتكررة والمتأزمة غير المنتهية ... أم داخل أطار منظمات المجتمع المدني ويتم تشكيله بإجازة رسمية بموجب قانون المنظمات غير الحكومية رقم (45) لسنة 2004 المعدل أو قانون الجمعيات رقم (1) لسنة 1960 المعدل ... أو يمارس دوره كتجمع أعلى للنقابات والإتحادات والجمعيات الثقافية والأدبية ويصدر قانون خاص به يشرع من قبل مجلس النواب ... أو يجري تأسيسه كهيئة مستقلة لها ملاكها وموازنتها الخاصة بها وفقاً لأحكام المادة (108) من الدستور العراقي الدائم والتي تنص ما يلي : - ( يجوز إستحدات هيئات مستقلة أخرى حسب الحاجة وبقانون ) ... ومن كل ماتقدم فلا يمكن تسمية المجلس المذكور بـ (( المجلس الأعلى للثقافة )) إلا في حالة تشكيله كهيئة مستقلة ويتزامن معه ألغاء الوزارة المعنية وبإقرار وموافقة مجلس النواب وهذا غير ممكن في المرحلة الحالية لكون الأمر مجرد تغير إداري بحت للهيكل التنظيمي من وزارة إلى جهة غير مرتبطة بوزارة إضافةً إلى شموله بالمحاصصة المذهبية البغيضة وعليه لن يكون مستقلاً بقراره عن توجهات السلطة الحكومية أن لم يكن تابعاً لها مباشرةً وبالتالي يلد ميتاً من أساسه لتقطع أوصال الثقافة من جديد .. فهيهات .. ثم هيهات أن يقع المثقف الواعي المدرك في أحضان التفرقة والتمييز وشراكها ، وبالنتيجة أصبحت الحاجة مُلحة لتأليف مثل هذا التجمع وبتشريع كبقية التنظيمات المهنية والنقابية المتخصصة التي لها قانونها الخاص كحل وسط بين مفهومي المنظمات غير الحكومية والهيئات المستقلة وقابل للتطور والتوسع في المستقبل وعلى درجة عالية من المرونة وإستيعاب المتغيرات حسب ضرورات كل مرحلة وأفرازاتها مع مراعاة شرط مهم وهو إلا يكون منافساً لأحد أو بديلاً عن غيره أو متصلباً في الأندماج مع مشاريع أخرى ممثالة لاحقاً فالفكرة من أساسها تحتج إلى تفعيل ومؤازرة وتدعيم ، ولقد برهنت الأحداث التي شهدتها وزارة الثقافة وعلى قمة هرمها من أتهامات وجدالات حادة ونحن ليس هنا للخوض في غمار هذه القضية لمصلحة هذا الطرف على حساب ذاك أو هذا وبالعكس ولكنها أضافت زخم قوي لترسيخ أستقلالية الثقافة بعيداً عن المهاترات السياسية العقيمة لتتجه بخطوات متقدمة وجرئية صوب الأتجاه الصحيح وهي بذلك هدف لابد من السعي إليه ولا يقل أهمية عن مفهوم أستقلالية السلطة القضائية وكلهما مترابط ببعضه البعض وإلا كيف يتم خلق وعي قانوني ودستوري لحقوق الإنسان والتعريف بحرياته الأساسية وواجباته العامة وخاصةً مبدأ علو الدستور وسيادة القانون وحصانة القضاء وإقامة العدل والمساواة وتكافؤ الفرص ومحاسبة المسؤولين المتورطين بقضايا الفساد المالي والإداري وإشاعة التسامح والمصالحة الوطنية ونبذ العنف والإرهاب ، وعلى سبيل المثال في هذا السياق ماشهده مهرجان المربد الرابع المُنعقد أوائل حزيران الماضي من فشل ذريع نتيجةً لمحاولات الكسب السياسي الإرتجالي إضافةً إلى تغيب العناصر المثقفة الناشطة والفعالة أدى إلى حدوث أمر متوقع حتى قبل وقوعه !! ... هذا هو دور الثقافة أن تكون مستقلة غير متحزبة أو مرتبطة بالحكومة أو أية جهة سياسية !! والجدير بالملاحظة أن البعض حين أنتقد المجلس الثقافي لم يكن طرحه موضوعياً أو يُوفق في إيصال وجه نظره حيث وصف الحدث بأنه مؤامرة لسبب بسيط لكونه لم يدعى إلى الإجتماع التأسيسي أو لأجل تحقيق مكاسب نفعية خاصة أو لتحقيق الشهرة والتشخص بأية وسيلة كانت أمام عدسات الكاميرا وشاشات التلفزيون والفضائيات أو محاولاً الطعن والتشكيك بعراقية المؤسسين التي لا يمكن أن تصبح محل جدل ومناقشة تحت أي ظرف كان ، وبطرق ومصادر تمويل المجلس إلى حد أتهام أعضائه بأن عملاء للأحتلال وهنا المفارقة فهناك الكثير من المنظمات المشبوه تحت مظلة مؤسسات المجتمع المدني لم يسئلها أحد ... من أين لك هذا ؟؟ بل لم يكلف أحداً نفسه عناء الإستفسار عن أموالها في ظل حالة الفوضى وإنعدام الأمن والإستقرار وتآمر دول الجوار ... فهذه الإتهامات غير المبررة مجرد زوبعة في فنجان ولا تستند إلى أبسط درجات الموضوعية وبعيدة عن الحوار الهادئ البناء بل تجاوزت هذا الأطار لتظهر معدنهم المتصدئ بفضل ما ألقوه سيلاً من السب والتشم والقذف والتشهير وأخلالهم بالأدب والذوق والأخلاق التي يستحقون عليها محاسبة القانون ،وكهذا ظهرت حقيقتهم المرة وتكشفت أقنعتهم المزيفة وللأسف تفوح منهم رائحة نفس بعثي وعبارات صدامية موروثة عن جيل الخمسينات والستينات التي عثى عليها الزمن والمتشبعة بنظرية المؤامرة الوهمية المزعومة وبالتالي هو مؤمن بتوجهه الشخصي فقط لاغياً لفكر الأخرين وكأنه يغرد منفرداً خارج السرب وفقاً للمبدأ الستاليني القائل من ليس معنا ضدنا ونسى أو تناسى أن ثقافة القمع والإقصاء والتهميش وفرض الرأي بالقوة والجبر والترهيب والترغيب والوعيد قد ولت أدبارها إلى غير رجعة في مزبلة التاريخ ، فلنطلع على أسماء المشاركين في المجلس بغضهم نعرفهم وأخرين نجهلهم فلا ضير من التدقيق والتحميص والتأني والسؤال حيث لم يمر عليه سوى شهر واحد حتى إنضم إليه أكثر من مئة شخصية من النخب المثقفة حسب ما أعلن عبر وسائل الإعلام والباب مفتوح للجميع وليقف على قدميه ويثبتها ، فساعتها يكون لكل حادث حديث ولعل الأصوات المعترضة اليوم تصبح من أشد الأصوات المساندة وخاصةً إذا فرض وجوده على الساحة الثقافية وقدم العطاء والإنجاز للمثقف وتلمسه الأخير بيده على أرض الواقع ، حيث أن المثقف بحاجة إلى سنيد قوي يتكز عليه ويدافع عن حقوقه وحرياته ( ترسيخ حرية التعبير والرأي والفكر والضمير والأعتقاد ودعم البحث العلمي وتشجيع النبوغ والإبداع الأدبي والثقافي وحرية الصحافة والإعلام والتأليف والترجمة والنشر وطبع الكتب بأسعار رمزية وزهيدة لا تكلف المؤلف ولا القارئ على سواء وتنمية حركة المطابع ودور النشر الأهلية ورفدها بالتطورات التكنولوجية الحديثة وتأسيس صندوق للتقاعد والضمان الإجتماعي والصحي خاص بالثقافة وإقامة المهرجانات والمؤتمرات والندوات والمشاركة فيها وتعميق العلاقات وأوجه التعاون والتنسيق مع المنظمات المماثلة على المستوى الإقليمي والدولي وتأمين المعيشة الكريمة والواقع الخدمي والحياة الحرة وتخصيص الراتب الكافي وتوفير السكن الملائم للمثقف بعيداً عن جو الإضطهاد الفكري والسياسي والديني وإيقاف الإجراءات والمعاملات القضائية عن أية دعوى لمجرد أبداء الرأي وإقتصار العقوبة المدنية والإنضباطية والإدارية بما فيها التعويض المالي على جرائم النشر في غير حالات السب والقذف والتشهير أو بذر الفرقة والشقاق والنعرة الطائفية والعنصرية وتشجيع العنف والإرهاب إضافة إلى وتحديد مفاهيم مقضيات الأمن الوطني والنظام العام وحالات الضرورة والطارئة وبحيث لا تكون سالبة للحقوق والحريات العامة وفقاً لأعلان مبادئ جيهانسبيورغ لعام 1994 إضافةً إلى الإلتزام بتطبيق المواثيق الإنسانية الدولية كافة سواء المعترف بها أو المصادق عيها أو المُلزمة بأحكامهاوإعتبارها جزءً مكملاً لا يتجز من الدستور وتعلو على التشريعات المحلية النافذة ) فكل ما تقدم بحاجة لوضع النقاط على الحروف وهي لابد أن تكون من مهام المجلس وأهدافه وفي صلب أعماله ووظائفه ، حيث أن المثقف محارب في الزمن الماضي والحاضر أيضا لن يفرق له أي شيء لحد الآن ومعولاً على ذلك بأنتظار الفرج . وبالرجوع إلى النظام الداخلي للمجلس والمنشور على موقعه الإلكتروني على شبكة الإنترنيت نجد أن المادة (2) قد بينت أهداف المجلس وبشكل موضح يحدد المنهاج وآلية العمل نحو النهوض والرقي بالمستوى الثقافي العام وترسيخ مفاهيم والسلم والتسامح والتنوير والحداثة والتنمية الفكرية وتعزيز أحترام مبادئ حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية والآراء الحرة والدفاع عنها والتصدي لكل المحاولات الرامية لتسيس الثقافة والقضاء على مخلفات الدكتاتورية الفاشية التي شوهت الفكر الإنساني لدى المواطن العراقي ، فكان لهذا الإنبثاق ضرورة مُلحة .. وهنا لا يجوز النظر للمسألة من ناحية ضيقة جداً بين مؤيد أو معارض ؟؟ ونحن لسنا بصدد الدفاع عن المجلس وأعضائه فتاريخهم وإبداعهم وإنجازهم هو الذي يزكيهم .. ولكن المهم أن يكون الطرح موضوعي وفي صميم الحدث وغاية المرونة والإنفتاح والحوار الشفاف .. بعيداً عن الخطاب الناري المتهب والعبارات الطنانة والرنانة وبمزاج العصبية المتشنجة ..وبالنهاية نصل إلى النتيجة المتوخاة وهو خدمة الشريحة الأكثر تضرراَ في المجتمع العراقي لكونها مصدراً أساسياً وجوهرياً لعودة الوعي. { إقتبست عبارة "عودة الوعي" من كتاب يحمل نفس الأسم للكاتب المصري الراحل توفيق الحكيم } .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |