بين المأزق والمشاريع السياسية 

 

 تقي الوزان

Wz_1950@yahoo.com

البرنامج السياسي الذي اتفقت عليه قوائم التوافق والحوار والعراقية وحزب الفضيلة, وبعض الأطراف من الأسلاميين والأكراد, حسب ما ورد في النشر غير الرسمي يوم 20070711. يمثل طريق يمكن ان يؤسس عليه للخروج من المأزق العراقي الحالي. واذ تعترف الورقة بعجز القوى السياسية العراقية من التوافق وايجاد الطرق الجادة للتخلص من المحاصصة الطائفية والقومية التي اسست لهذه الكوارث , والعودة لتنشيط الأنتماء الوطني للعراق, تقترح ان تشكل لجنة من العراقيين والأمريكان وهيئة الأمم المتحدة لأختيار رئيس وزراء شيعي مقبول وغير طائفي , ووزراء تكنوقراط لاينتمون الى جهات سياسية, يقدمون استقالات موقعة وغير مؤرخة عند استيزارهم, وفي حالة اثبات فشل اي منهم في ادارة وزارته, تفعل هذه الاستقالة .

مما لاشك فيه ان تفعيل دور هيئة الامم المتحدة بالأشراف على تطوير العملية السياسية في العراق امر ضروري وهام جدا في المرحلة الحالية , والتي اكدت على انحياز سلطات الاحتلال لتقديراتها الخاصة, وتعاملها مع المكونات العراقية على اساس اجندتها فقط في الترك المقصود للوحدة الوطنية العراقية, وجعلها تتبعثر في تطلعات واهداف الاحزاب الطائفية والقومية. وكلنا نذكر تدخل الشهيد "ديميلو" ممثل الأمم المتحدة في تعديل مكونات مجلس الحكم وفرض اضافات ديمقراطية عليه, وعدم الأكتفاء على تشخيص متطلبات الاجندة الامريكية فقط .

ان بعض الاطراف التي طرحت الوثيقة , غير مؤهلة لتطبيق وسائل تنفيذها لصالح وحدة العنوان العراقي , بقدر رغبتها بالعودة الى السلطة . وهذا توجه بعثي يمثله بوضوح صالح المطلك رئيس قائمة "الحوار" , وبعض الاطراف في قائمة "التوافق" . ولا ضرورة لتوضيح ماذا تعني الوحدة الوطنية للبعثيين , فهي ليست اكثرمن وسيلة يمارسون بها دموية السلطة مرة اخرى , اضافة لتطرف اطراف اخرى عملت على توسيع التمزق الامني , ومدت نفوذها عن طريق الجريمة والتطهير الطائفي. والبرنامج بالنسبة لهؤلاء ليس اكثر من وسيلة تستغل الانحدار الطائفي والقومي الذي وصلت اليه الاطراف الاخرى.

وتتحدث الورقة ايضا على موافقة وتأييد اطراف لها وزنها, مثل مرجعية السيد علي السيستاني. ويبدو انها حققت خطوات لايستهان بها, حتى دفعت علماني متشدد صرح كثيرا بضرورة فصل الدين عن السياسة لزيارة السيد السيستاني في النجف, لتأمين الموافقة على استيزاره في حكومة التكنوقراط المنتظرة, وهو الدكتور مهدي الحافظ وزير التخطيط السابق .

ان هذا التسريب غير الرسمي و"السريع" للوثيقة, يبغي التأثير في خلق الجو العام الايجابي حولها, قبل ان تتمكن اطراف جبهة "الاعتدال" من الحزبين الكرديين الرئيسيين والحزبين الشيعيين "المجلس الاعلى" وحزب "الدعوة" , من طرح برنامجها في دعم الحكومة الحالية . ويبدو ان هذا التأخير– ومثلما ذكر الدكتور عزيز الحاج في مقاله القيّم حول "الأعتدال" – هو بسبب عدم التمكن من صياغة مفهوم "الأعتدال" الذي يترفع على الممارسة الطائفية والقومية التي اصبحت طابع هذا التكتل, ويمكن ان يجذب له باقي الاطراف لتحشيد الزخم المطلوب لأفشال المشروع الآخر .

ويبدو ان تكتل "الاعتدال" اخذ يدور في التعصب لقوته في الحفاظ على انجازاته الطائفية والقومية على حساب الدمار والدموية التي لفت الشارع العراقي . الا ان ما يحرج الأكراد في هذا "الاعتدال" عدم موافاته في توحيد خطواته السياسية مع خطوات سلطات الاحتلال, والرغبة الامريكية . ومن المؤلم ايضا , ان تتم الاستجابة للشروط الامريكية بالموافقة على قانون استثمار النفط الذي هو العصب الاقتصادي الرئيسي لأعادة بناء العراق , كرشوة لأقناع الراعي الامريكي مقابل الموافقة على استمرار المنجز الطائفي , والتغاضي عن التبعية السياسية للنظام الايراني بالنسبة للأحزاب الشيعية . وهذه الأزدواجية هي التي سرّعت في اعادة تعاون الأمريكان مع البعثيين, ولن يتهاون الامريكان بمد نفوذ النظام الايراني عدوهم الرئيسي في المنطقة . واذ كانوا اليوم يركزون هجومهم على التيار الصدري فقط, فبعده سيأتي الدور على باقي امتداد النفوذ الايراني, والأختراقات التي حققوها طيلة هذه السنوات في الاحزاب العراقية يمكنهم من معرفة اي الاحزاب الاكثر تنظيما والاخطر على وجودهم من التيار الصدري. ولابد لهم من العمل السياسي بدعم المشروع الآخر , كمحاولة لايقاف النفوذ الايراني بوسائل قد لاتكلفهم تضحيات عسكرية ان امكن .

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com