|
رغم اتساع قاعدة التمدن ألا أن قاعدة العشائر العراقية بقية محافظة على مساحة وجودها في العراق فلم يغفل التاريخ عن ذكر دور العشائر إثناء الاحتلال العثماني وما قامت به تلك العشائر من إحداث من شأنها الحفاظ على تقاليدها وهيبتها وقد يضطر الباب العالي في اسطنبول إلى الخضوع أمام قبائل العراق خاصة حينما يشعر أنها قد تؤثر على سيادته في الولايات العراقية فيحاول إن يسلط ممثليه من الإقطاع على العشائر الثائرة ضد سلطانه ومنذ بداية القرن العشرين حيث أسدل الستار على السلطان العثماني وأصبحت المملكة العظمى هي صاحبة الجلالة في العراق واستمرت العشائر العراقية في نفس النهج من قبيل رفض الحاكم المستبد والدعوة إلى حفظ وحده الوطن وحمايته من المحتل والطامعين فشهد القرن العشرين الكثير من الثورات والانتفاضات العشائرية التي تطالب بحقوق أبناء العراق المهضومة فهناك ثورة السماوة 1935 وثورة الرميثة 1937 وانتفاضة عشائر كعب وانتفاضة عشائر النجف وأيضا الأكراد والدليم وغيرها من مآثر التاريخ البطولي لأبناء العشائر كما وأنجبت العشائر أرقام من الرجال لم يغض التاريخ بصره عنها ولم يستطيع أن يمحى ذكرها أمثال شعلان أبو الجون وعبد الواحد أل سكر وسيد علوان الياسري وسيد كاطع العوادي وغيرهم. وطيلة الحكومات الملكية والجمهورية المتعاقبة على العراق كانت للشخصية العشائرية المتزنة والملتزمة بالشريعة الإسلامية والمساندة لفتوى المرجعية الدينية في النجف الاشرف الدور الفاعل في حل الخصومات العشائرية وفض النزاعات وعلى طول السنين كان هناك تكاتف وتعاون مشترك بين الشخصية القبيلة العشائرية والزعامة والمرجعية الدينية فقد حاول الإنكليز نفي رجال الدين إلى خارج أوطانهم فكان معهم شريك في النفي هو شيخ العشيرة والمذكرات والمراسلات لتقارب وجهات النظر ومعرفة التكليف الشرعي لكثير من ألازمات موجودة نسخ منها بتوقيع شيوخ العشائر وتهميش المرجع الديني وخاصة في الأمور المصيرية لتاريخ العراق السياسي والاجتماعي. فمجالس الصحوة في الانبار وصلاح الدين وجنوب بغداد وديالى والديوانية هي الإسناد الحقيقي لقيام النظام ألتعددي الفدرالي في العراق ورغم هذه المجالس في بعض المحافظات فان العشائر في المحافظات المستقرة كان لها الدور الفعال في الاستقرار كما هو الحال في السماوة والناصرية والنجف الاشرف وكربلاء وأيضا الداعم القوي للحكومة الوطنية المنتخبة من أبناءها ومع هذا فلم تسلم العشائر من تخر صات الأعداء حيث حاول البعض زرع بؤر فساد في النسيج العشائري من أيتام المجالس اللا وطنية البائدة لطعن الجسد العراقي وإيجاد هفوات في بناءه. اثبت العشائر العراقية أنها الإسناد المتين للمرجعية الدينية الرشيدة والمقوم المثالي في وجود الدولة العراقية الدستورية وما محاولات تسليح العشائر ألا خطوة فاشلة أريد منها أيجاد قوى عشائرية ضاربة ولكن ليس للمصلحة العامة بل لمصالح الخاصة انتهت وتفتت هذه الفكرة بجهود وفطنة المراجع العظام والقيادات السياسية. ولهذا يمكن أن نحيي العشائر على أنها العامل المشترك في وضع اللبنات الأولى والصحيحة لبناء جديد يشمل كل شرائح المجتمع فبدون أبناء العشائر لا يمكن أن نبني مدينة افلاطونية في العراق.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |