العشائر العراقية سور الوطن

 

عمار العامري

Ammaryasir76@yahoo.com

رغم اتساع قاعدة التمدن ألا أن قاعدة العشائر العراقية بقية محافظة على مساحة وجودها في العراق فلم يغفل التاريخ عن ذكر دور العشائر إثناء الاحتلال العثماني وما قامت به تلك العشائر من إحداث من شأنها الحفاظ على تقاليدها وهيبتها وقد يضطر الباب العالي في اسطنبول إلى الخضوع أمام قبائل العراق خاصة حينما يشعر أنها قد تؤثر على سيادته في الولايات العراقية فيحاول إن يسلط ممثليه من الإقطاع على العشائر الثائرة ضد سلطانه ومنذ بداية القرن العشرين حيث أسدل الستار على السلطان العثماني وأصبحت المملكة العظمى هي صاحبة الجلالة في العراق
بدء العد التصاعدي لدور العشائر يبرز للوجود من خلال نهضة العشائر بقياده المرجعية الدينية عام 1914 لتستقبل الاحتلال الإنكليزي بالفالة والمكوار معارضين وليس مؤيدين وتوج النصر لأبناء قبائل الفرات الأوسط والجنوب في ثورة العشرين الخالدة عندما قال مهوالهم (الطوب أحسن لو مكواري) والتي اخضع فيها الثوار التاج البريطاني للرضوخ لشخصية القبيلة ووجودها. 

واستمرت العشائر العراقية في نفس النهج من قبيل رفض الحاكم المستبد والدعوة إلى حفظ وحده الوطن وحمايته من المحتل والطامعين فشهد القرن العشرين الكثير من الثورات والانتفاضات العشائرية التي تطالب بحقوق أبناء العراق المهضومة فهناك ثورة السماوة 1935 وثورة الرميثة 1937 وانتفاضة عشائر كعب وانتفاضة عشائر النجف وأيضا الأكراد والدليم وغيرها من مآثر التاريخ البطولي لأبناء العشائر كما وأنجبت العشائر أرقام من الرجال لم يغض التاريخ بصره عنها ولم يستطيع أن يمحى ذكرها أمثال شعلان أبو الجون وعبد الواحد أل سكر وسيد علوان الياسري وسيد كاطع العوادي وغيرهم. 

وطيلة الحكومات الملكية والجمهورية المتعاقبة على العراق كانت للشخصية العشائرية المتزنة والملتزمة بالشريعة الإسلامية والمساندة لفتوى المرجعية الدينية في النجف الاشرف الدور الفاعل في حل الخصومات العشائرية وفض النزاعات وعلى طول السنين كان هناك تكاتف وتعاون مشترك بين الشخصية القبيلة العشائرية والزعامة والمرجعية الدينية فقد حاول الإنكليز نفي رجال الدين إلى خارج أوطانهم فكان معهم شريك في النفي هو شيخ العشيرة والمذكرات والمراسلات لتقارب وجهات النظر ومعرفة التكليف الشرعي لكثير من ألازمات موجودة نسخ منها بتوقيع شيوخ العشائر وتهميش المرجع الديني وخاصة في الأمور المصيرية لتاريخ العراق السياسي والاجتماعي.
ورغم تسلط البعث على مقاليد الحكم في العراق ومحاولاته البائسة لتسييس العشائر حسب ما يراه مناسب له أوجد موالين له والطائعين لسياسته فلم تسلم الزعامات العشائرية الأصيلة من محاولات القتل والاغتيال والتهميش حتى آفل بعبع ذلك النظام فاستطاعت العشائر العراقية أن تعيد أمجادها وتحيي ذكريات أسلافها وتصلح مخلفات النظام السابق بحق نظامها العشائري وتعيد باعتبارها ركن أساسِ من أركان بناء العراق ومن مقومات سياسة التجديد باعتبار العشائر العراقية سور الوطن ماضيا وحاضرا. 

فمجالس الصحوة في الانبار وصلاح الدين وجنوب بغداد وديالى والديوانية هي الإسناد الحقيقي لقيام النظام ألتعددي الفدرالي في العراق ورغم هذه المجالس في بعض المحافظات فان العشائر في المحافظات المستقرة كان لها الدور الفعال في الاستقرار كما هو الحال في السماوة والناصرية والنجف الاشرف وكربلاء وأيضا الداعم القوي للحكومة الوطنية المنتخبة من أبناءها ومع هذا فلم تسلم العشائر من تخر صات الأعداء حيث حاول البعض زرع بؤر فساد في النسيج العشائري من أيتام المجالس اللا وطنية البائدة لطعن الجسد العراقي وإيجاد هفوات في بناءه. 

اثبت العشائر العراقية أنها الإسناد المتين للمرجعية الدينية الرشيدة والمقوم المثالي في وجود الدولة العراقية الدستورية وما محاولات تسليح العشائر ألا خطوة فاشلة أريد منها أيجاد قوى عشائرية ضاربة ولكن ليس للمصلحة العامة بل لمصالح الخاصة انتهت وتفتت هذه الفكرة بجهود وفطنة المراجع العظام والقيادات السياسية. 

ولهذا يمكن أن نحيي العشائر على أنها العامل المشترك في وضع اللبنات الأولى والصحيحة لبناء جديد يشمل كل شرائح المجتمع فبدون أبناء العشائر لا يمكن أن نبني مدينة افلاطونية في العراق.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com