|
بعد مرور أكثرمن اربع سنوات على سقوط النظام الديكتاتوري في العراق؛ مازال الشعب العراقي يرزح تحت اعباء ثقيلة لا طاقة له بتحملها ، وهو الذي عانى من قبل من سلسلة حروب مدمرة و آثار حصار قاس وتدمير كامل للبنى التحتية وتردي كبير في الخدمات الأساسية للحياة، ثم أضيفت لها بعد السقوط مشاكل الفوضى وأعمال السلب والنهب في ظل غياب القانون ، وانتشار أعمال العنف والإرهاب ، والتهجير القسري، واستشراء الفساد الإداري والرشوة؛ وبسبب هذه الأوضاع المأساوية غابت فرحة الغالبية العظمى من الشعب بسقوط النظام القمعي المتخلف، وهو هدف ضحى من اجله الملايين من الأحرار قبل ان تكتحل عيونهم برؤية نهايته وارتحاله الى مزبلة التأريخ ، وهكذا تبددت الأحلام و ذهبت الآمال أدراج الرياح. لقد ادركت الطبقة المثقفة من ابناء الشعب العراقي منذ وقت مبكر إن معظم المشاكل التي يعاني منها الشعب اليوم وتسحقه سحقاً؛ هي من نتاج البذور الشريرة التي غرسها النظام البائد وتعهدها برعايته من اجل الحاق ابلغ الضرر بالعراق سواء في أيام سلطته الجائرة أو بعد زوالها كما كان يخشى ويتوقع، فأسس العديد من التشكيلات المسلحة الشبيهة بالعصابات الإجرامية وأطلق عليها الأسماء الرنانة وادخرها لأيامه السود المقبلة وما أكثرها، وشرّع من القوانين واصدر من التعليمات ما يعزز هذا التوجه المؤذي ، ومارس من الأفعال الشائنة والسلوكيات المنحرفة ما يكفي لتدمير اوطان عديدة وليس وطناً واحداً كالعراق . لقد وقعت اخطاء كارثية متواصلة من قبل الإدارات التي تعاقبت على السلطة بعد السقوط، وبعض هذه الأخطاء جاء نتيجة جهل وغفلة ، وبعضها الآخر جاء بقصد واضح ، وبعضها الثالث جاء من اسباب مختلفة ولكنها متحدة على تحقيق اشد الأذى والضرر بأبناء الشعب العراقي المسكين ، وقد لعبت التدخلات الخارجية دوراًسيئاً لأنها وجدت ما حدث في العراق يهدد وجود انظمتها التي لا تختلف كثيراً عن النظام الصدامي البائد، ولها مصالح خاصة تتعارض مع السياسات الأمريكية في العالم ومشروعها في المنطقة ، وهكذا تحول العراق بين ليلة وضحاها الى ساحة لتصفية الحسابات وميداناً للصراعات العالمية ونزاعات المنطقة دون ان تكون له مصلحة حقيقية فيما أصابه وسيصيبه مستقبلاً، والحديث في هذا طويل، ولايمكن تلخيصه بمقال قصير.. لكن المهم لدى العراقيين الآن هو: ما الحل ؟ ومتى الخروج من هذا المآزق القاتل؟ وكيف نعالج هذه الحالة المريرة ؟ ونوقف ما يحدث من مآس مفجعة وجرائم فظيعة ؟ لقد تعب العراقيون من كثرة الأقوال الفارغة والوعود الزائفة والتنظيرات الخيالية ، ولم يعودوا يصدقوا كل مايقال لهم ، بل صاروا أساساً لا يلتفتون لكل ما يقال وفقدوا ثقتهم بالجميع بعد أن اتعبهم الإستماع والإنتظار وهم يرون ايامهم تتحول من سيء الى اسؤ، وصارت مصائيهم من الكثرة اليوم الى درجة انستهم ما مر بهم من مصائب ايام الطاغية المقبور على فظاعتها بل والمصائب الكبيرة التي اصابت الوطن وابكتهم عقب السقوط على هولها ايضاً . العراقيون اليوم مهاجرون ومشردون في الداخل والخارج، وهم يصحون على اصوات الإنفجارات وتطاير الأشلاء، ويودعون يومهم بالحسرات وارقام الضحايا والجثث المجهولة التي تتاجر بها الفضائيات في نشرات اخبارها ، وقد تعبت نفوسهم وكلت هممهم وملوا المناشدات إذ لا مجيب لهم ، ولم يعد لهم من كلام سوى دموعهم التي جفت في محاجرها وبقية صراخ مبحوح من الأسى واليأس لا يترجم بغير سؤال واحد .. ما الحل؟؟ ومتى ؟؟ وكيف ؟؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |