تأملات مصطفى القرداغي حول ثورة تموز

 

 

محمد علي محيي الدين

abu.zahid@yahoo.com

 قرأت ما كتبه الأستاذ الكريم مصطفى القرداغي عن ثورة 14 تموز 1958،وأسماها انقلابا،وله رأيه الذي أحترمه ويحترمه الجميع،وقد تطرق سيادته لأمور عديدة جافى المنطق من خلالها،وساح خياله في أجواء ما كان أغناه عنها،فكان كمن يسابق راكبي السيارات الحديثة بحصان أعرج،وتذكرني أرائه بقصة أصحاب الكهف والرقيم الذين ناموا مئات الأعوام،وعندما عادوا للحياة،أرادوا شراء ما يسد رمقهم بنقودهم القديمة التي لم تعد نافقة هذه الأيام،فالعالم سيدي الكريم تجاوز المفاهيم البالية،في سعي لبناء أنظمة جديدة على أنقاض الأنظمة القديمة  التي لم تعد تواكب العصر وتلاؤم رؤاه ،الداعية لإشاعة الديمقراطية والمساواة والتوافق وحقوق الإنسان،فيما تريد أن تعود بنا لعصر الملوك والسلاطين والسعالي والغيلان،والتقسيم الاجتماعي والطبقي بطبقة الخاصة والعوام،والسادة والعبيد،والمالك والمملوك،ونظريات الحق الإلهي للطغاة والمستبدين،ولا أعتقد أنك كنت مع أصحاب الكهف،وعدت لتفاجئ بالعالم الجديد،رغم وجود القليل النادر ممن لا زال يعيش بأفكار الماضي،ويأمل بعودة (أهل الحصن)في زمن الانترنيت،حيث يقال أن أحد كبار الأغوات الأتراك بعد زوال الحكم التركي في العراق،استلب الشيوخ الأقوياء أراضيه بعد أن دالت دولته،وانهزم حماته،فأقترح عليه أصحابه أن يتقدم بشكواه للحكومة الجديدة،لتعيد له ما أستلب منه،فكان يرد عليه بعنجهيته العثمانية الصلفة،ولغة عربية سقيمة( هاي حكومة قواويد،آني أشتكي لمن يجون أهل الحصن)أي عندما يأتون الأتراك،والظاهر إن الأستاذ الكريم لا يزال يحلم كما يحلم آخرين بعودة أهل الحصن،وأن تعود الملكية المقبورة،وأشباه أبو صباح وأبو سعد ومن لف لفهم من العملاء،ليركب الحصان الجديد،ويجول جولته الأخيرة،ناسيا أو متناسيا إن التاريخ لا يعود القهقرى،والمجتمعات  تسير إلى أمام،رغم ما يواكب سيرها من عراقيل وعثرات،سرعان ما تنتهي وتعود الأمور إلى نصابها الصحيح.

 ولو أردت مناقشة الأفكار الواردة في ثنايا مقاله الجميل،لاضطررت لإيراد الكثير من الشواهد والأدلة والوثائق،على عقم هذه الأفكار وبطلانها،ولكني سأكتفي بالإشارة إلى بعضها،وإذا عاد عدنا لها،وأبنا له الكثير مما زاغ به عن جادة الصواب،ورغم احترامي الكبير لشخصه الكريم،واحترامي لآرائه،إلا أن ذلك لا يمنعني من الرد عليه ومقارعة الحجة بالحجة،رغم أن الأمر ليس لي أو له في عودة الماضي،أو إزالة الحاضر،فهذا ما يتحكم به ناموس الحياة في عدم بقاء القديم على قديمه،فكل شيء يتجدد،ويبقى الماضي ماضيا للتذكر والعبرة واستنباط الدروس.

 لقد خلط الأستاذ القرداغي الأوراق ليظهر ما رث من قديمه،بصورة تبدوا زاهية براقة الألوان،ناسيا أو متناسيا أن الذين اكتووا بنار البؤس الملكي،وذاقوا مرارة العوز والحرمان،لا زال أكثرهم على قيد الحياة،يتذكرون ذلك الماضي بما يستحقه من اللعن والرجم والشتيمة،ولعله تناسى مآسي الملايين التي كانت تعمل دون أن تعرف الشبع،ليذهب جهدها وفائض عملها،إلى أناس معدودين وضعوا أيديهم بأيادي المحتلين،فأصبحوا أذنابا له شاء سيادته أم أبى،ولعل ما يملكه رجال الإقطاع من أراضي استولوا عليها بالطرق غير المشروعة،خير دليل على اختلال المبادئ في تصورات الأخ الكريم،فأي مبادئ سامية فيها شيء قليل من الإنسانية ترتضي أن يمتلك  ثروات البلاد نفر قليل على حساب ملايين الجياع، ألم يسمع سيادته بالماسي التي كان يعيشها الفلاح العراقي في ظل الهيمنة الإقطاعية،فكان رجال الإقطاع يعاملون الفلاح العراقي معاملة الأقنان،ووحشية وهمجية لا تتوفر فيها ابسط المقومات الإنسانية،والإقطاعيين يعيشون حيلة مترفة لاهية في قصور ونعيم،يرتادون الملاهي ويعاقرون الخمر ويلعبون الميسر،ويمارسون اللهو البريء مع الغجريات،بجهود هؤلاء الفقراء التعساء،ولعله لم يقر ملحمة بحر العلوم أين حقي ليطلع على ما كان يجري في قصور قادة العراق الذين يحملون راية العدل الإلهي كما يقول القرداغي،ولعله لم يلمس عمق المأساة التي يعيشها فقراء الجادرية في أكواخهم القصبية،في الوقت الذي ينعم به الأذناب بملاذ الحياة على حساب المعوزين،وأين له ولأمثاله المقارنة بين ذلك العهد والعهد الجمهوري الزاهر للفترة من تموز 1958  حتى اليوم الأسود8 شباط1963، الذي نعم به الشعب بخيراته،وتملك ملايين الفلاحين الأرض في أجرأ قانون سنته الحكومة هو قانون الإصلاح الزراعي الذي يعد من مفاخر ثورة تموز التي لا يستطيع إنكارها إلا المتضررين منها أمثال السيد القرداغي،وكذلك قانون العمل وقانون الأحوال الشخصية الذي ساوى بين القرداغي وغيره من بني آدم،وقانون النفط الذي لأستلب آبار القرداغي النفطية،وجعله لا يملك شروى نقير،نعم تضرر من ذلك قلة ممن كانوا سياط لاهبة تدمي أقفية الملايين،وذئاب مفترسة تفترس الآمنين،وهؤلاء يستحقون أكثر مما جرى عليهم،ولو كان زعيما آخر غير عبد الكريم قاسم،لأنهى كل ركائز هؤلاء وأعادهم إلى الفلاحة ورعي الأغنام،وصادر ما يمتلكون من أموال وعقارات وضياع،ولكنه ويا لخيبة ما فعل لم يسحق رأس الأفعى،وتركه ينفث السم الزعاف،حتى جاء اليوم الذي يترحم فيه القرداغي على سياط البغي والرذيلة التي كانت تصافح أقفية المتعبين الجياع.ولعل السيد القرداغي يعلم تمام العلم أن الحثالات التي تآمرت على ثورة  تموز،هم المتضررين من ثورته عملاء الشركات النفطية والاستعمار،الذي يعاديه القرداغي اليوم كما يقول، أما أن يقارن ما فعله نوري السعيد وأذنابه بما فعله صدام فهذا شيء آخر،والذي جاء بصدام كما لا يخفى على مطلع كالقرداغي هو الذي جاء بنوري السعيد ورهطه من ألأباة التقات والأولياء الصالحين كما يصفهم في مقاله،ولعله لا يجهل إن المؤامرات التي حيكت لإجهاض الثورة لم تكن بمعزل عن مخططات الدول الغربية وعلى رأسها أبريطانيا العادلة المؤمنة الصابرة،وكان للمخابرات البريطانية وزميلتها الأمريكية أثرهم في أنجاح انقلاب شباط بالتعاون مع دول الجوار العراقي والدول العربية التي تمطر في عز الصيف بالوطنية والإخلاص لشعوبها،يساندهم في ذلك حثالات العهد المباد والموتورين ممن أضر بهم العهد الجديد،يصافقهم في ذلك أصحاب الوريقات الصفراء الذين وقفوا إلى جانب الظالم في صراعه مع المظلوم،ولعل ما نشر من وثائق عن دور المخابرات الأجنبية وعملائها في الداخل ما يجعل السيد القرداغي لا يعود مرة أخرى للتباكي على العهد الملكي المباد.

 ويتباكى جنابه الكريم على ديمقراطية العهد الملكي الشوهاء،مترنما بمثاليتها ونزاهتها التي جاوزت أكثر الدول ديمقراطية في العالم الحر،وأنا أرثي لحاله وحال من يتباكى على تلك الديمقراطية المزيفة،التي تأتي بنواب جهلة لا يجيدون كتابة أسمائهم،ويمهرون بأختام لعدم أجادتهم كتابة حرف واحد،وكل كفاءتهم أنهم رؤساء عشائر يسومون ا[ناء عشائرهم الخسف،ويملكون أراضي أقطعها لهم العهد المباد،وينقادون لأراء نوري السعيد كما ينقاد البغل لمن يمسك بخطامه،ولا أدري ‘ن أي ديمقراطية يتحدث السيد الكريم ففي انتخابات 1954 عندما فاز أحد عشر نائبا فوزا حقيقيا وليس بالتزكية كما هو حال النواب الآخرين،ثارت ثائرة نوري السعيد وأمر بحل المجلس النيابي دون أن يعقد جلسة واحدة،ليأتي بمجلس من طراز فريد يضم الأميين والجهلة ومصاصي الدماء ويقارن بالمعارضة البرلمانية في العهد المباد وأنا أدعوا له بطول العمر والمغفرة فإذا كان السعيد على رأس الوزارة يعارضه صالح جبر ،وإذا ترأس جبر الوزارة عارضه نوري السعيد،والجميع يرضعون من  ثدي أمهم البقرة بريطانيا،ولكن يبدوا ا، الأستاذ القرداغي كان يحلم بما يتمنى إن يكون فخاله كائنا وساقه إلى أطلاق مثل هذه الأحكام.

 وعندما يصف الثورة بالانقلاب أرجو من سيادته إن يذكر لي كيف استولى الحجازيون على حكم العراق،ومن أنتخب فيصل الأول ملكا للعراق،وهل أن عرش العراق أرث للعائلة الهاشمية،أم هبة من بريطانيا لها،حتى نقول أن هذا الحكم قد أكتسب الشرعية استنادا لإرادة ملكة بريطانيا الوصية على عرش العراق،ثم كيف يكون الخلاص من الحاكم الظالم،هل يتم بقلمي المكسور،أم بصوته المبحوح،أم بالقوة المسلحة التي تجبره على ترك السلطة،وثورة تموز سيدي الكريم لم تحدث بمعزل عن الإرادة الشعبية فإذا كان  يجهل خلفياتها فليس له الحق لأن يكون حاكما فيما يجهل،لقد استندت ثورة تموز لإرادة شعبية،فقد هبت الجماهير صبيحة الثورة لإسنادها،وكانت الأحزاب العراقية ممثلة بجبهة الاتحاد الوطني على علم بموعد انطلاقة الثورة،وقد تهيأت القواعد الحزبية لمساندتها وتحشيد الجماهير لدعمها،فماذا يمكن أن نسمي الثورة التي يفجرها الجيش بمساعدة الجماهير،لذا يحق لنا القول أن الجماهير هي التي اختارت طريقها للحكم،أما أن تكون شرعية عبد الإله ونوري السعيد المستندة للإرادة الخارجية هي المعول عليها في رأي القرداغي فهذا مما يدعوا إلى العجب والاستغراب من هذه العقلية التي لا تميز بين الإرادة الشعبية والآرادة لخارجية،ولو كان لضباط القائمين بها يستمدون دعمهم من جهة أجنبية لجاز لنا الحكم بأنقلابيتها،أما أن يردد القرداغي بما تذيعه القوى العميلة من أراجيف فهذا يجعلنا نضعه في خانة العملاء والرجعيين.

 ولعل السيد الكريم يتناسى أن ثورة تموز،أعطت للفقراء ما سرقه الأغنياء،وجعلت الناس سواسية أمام القانون،في توزيع عادل للثروة،وتحقيق للعدالة الاجتماعية التي يفتقر إليها النظام البائد،فقد أنحاز الزعيم إلى الفقراء،فكانت المدن التي شيدها توزع على مستحقيها،من سكان  الصرائف والأكواخ،وإذا كانت هذه جريمة برأي القرداغي فله ان يقوم بثورته ليعيد ما أستلب من الأقطاعين،فالدفاع عن طبقته له ما يبرره في موازين الحياة،أما أن يخلط بين المراحل ويقيس العهود بمقاس واحد،فهذا ما لا يرتضيه لنفسه عند المقارنة بنزاهة عبد الكريم قاسم ووطنيته،ونزاهة رجال العهد المباد وعمالتهم،ولعله لا يجهل أن أبناء هؤلاء لا زالوا يتنعمون بما أكتنز الآباء قبل نصف قرن،ولا زالوا على ارتباطاتهم المشبوهة بالدوائر الغربية،وقد ظهرت رؤوس كثيرة منهم بعد التغيير الأخير،ولكنها سرعان ما توارت بعد أن رأت أن لا مكان لها في العراق الجديد،أما أذا قارن العهد الملكي بنظام صدام حسين فهذا ما أوافقه عليه،فالفرق كبير بين العهدين،ولكن عبد الكريم قاسم كما يعلم الجميع عاش ومات دون أن يمتلك بيتا أو يسرق دانقا وشهد بذلك حتى أعداءه الألداء:

  شهد العدو بفضله وبحقه    والفضل ما شهدت به الأعداء

وأنا أدعوا السيد القرداغي إلى أبراز ما لديه من أدلة وأسانيد تثبت تورط قاسم في أي فساد مالي أو أداري أو أخلاقي،أما إذا كان يلقي الكلام على عواهنه،فهذا ليس مما يليق بمن يتصدى للمفاضلة بين الآخرين.

 وينعى على العهد الحلي المحاصصة الطائفية المقيتة  التي أمقتها أكثر مما يمقتها القرداغي وأراها سبب الكارثة التي أحاقت بالعراق وأوصلته إلى طريق مسدود،ولكن هل هي نتاج العهد الحالي،أم تراكمات الماضي البغيض بما حمل في طياته من صراع طائفي خفي أخذ طريقه للظهور في النظام الجديد،بعد أن بلغ السيل الزبى،ووصلت الأمور الى طريق مسدود،فالنظام في العراق كان طائفيا منذ العهد العثماني باستثناء الفترة من 58 ــ 1963 التي لم تمارس التمييز الطائفي بشهادة أكثر الأعداء حقدا،فلم يكن الزعيم شيعيا أو سنيا،مسلما أو مسيحيا،بل كان عراقيا يؤمن بالعراق ولا شيء غير العراق،وربما كان لممارسات صدام القذرة أثرها في أذكاء نار الفتنة الطائفية وأشاعتها في المجتمع للجرائم الكثيرة التي أرتكبها بحق الطوائف والأديان والقوميات،لذلك لا يمكن لنا الحكم بفشل الطب إذا فشل الطبيب،وهذه النظرة القاصرة جعلت الأستاذ قرداغي يطوف في عوالم من الخيال،تنبئ عن عقله الباطن المشبع بالنيكوتين.فيرى أن النظام الأصلح هو أعادة الملكية للعراق،ولعل العيب الكبير في منطق القرداغي الأحكام العامة على الأمور دون النظر إلى خصائصها،فالتعميم الوارد في مقاله لا ينبئ عن حيادية أو أنصاف في أطلاق الأحكام،وعلى المنصف ان يحاكم كل مرحلة بما تستحقه من الأحكام،أما الخلط بين المراحل،وعدم فرز الأوراق،فسيقود إلى استنتاجات ما كان أغناه عنها،لولا طريقته الخاطئة في تناول الأمور،فهو يشير بطرف خفي دون أن يفصح عن قصد لا يخفى على القارئ اللبيب،بمسؤولية القوى الوطنية والديمقراطية وفي الصميم منها الحزب الشيوعي العراقي عما يجري من كوارث يدفع ثمنها الشعب العراقي،لأن هذه القوى أسقطت النظام الوطني العراقي الذي يراه مثالا يحتذي للحكم الديمقراطي الدستوري الهادف إلى إسعاد الجماهير،وأنا أدعوا له بطول العمر والسلامة،فهذا المنطق الأفلج قد مضى زمنه ولم أجد من يتكلم به ،إلا من زالوا يعيشون أوهام الماضي،ويحاولون أعادة عقارب الساعة إلى الوراء،فهذه القوى وعلى رأسها الحزب الشيوعي،كان لها الفضل الكبير في انتشال  الشعب وإنقاذه من واقعه المأساوي،فقد كانت الأمية والتخلف والجهل والفقر والمرض وكل الأدران الخبيثة ناشبة في المجتمع العراقي،واستطاعت هذه القوى إنقاذ العراق من واقعه المريض،وبفضلها أستطاع القرداغي وأمثاله لأن يمسكوا القلم ويخطوا الحروف،فالعهد المباد كان يحاول ما في وسعه لإبقاء الشعب على جهله ليتمكن مرتزقته من بسط نفوذهم على مجتمع جاهل،ولعل الشيوعيين سيدي الكريم هم أول من علم الناس كيفية المطالبة بحقوقهم،وقاد الإضرابات والمظاهرات والأعتصامات التي أقضت مضاجع العهد المباد،وهيمنوا على الشارع العراقي بما عرف عنهم من تضحية ونكران ذات وبعد عن المصالح الضيقة والأنانية،وانتخابات 1954 دليل على ما أقول،أما الأخطاء التي ارتكبت في عهد الثورة وألصقت ظلما بالحزب الشيوعي فلعله يعلم أن طبقته التي يتباكى عليها هي التي كانت وراء المآسي والإخفاقات،فلم يكن الحزب الشيوعي مشاركا في السلطة حتى يتحمل أخطائها،وقد استوزرت الدكتورة نزيهة الدليمي بعد مسيرة أيار المليونية عام1959،بناء على طلب الجماهير،وكان المهيمن على السلطة نفس الطبقة التي يبكي على أطلالها سيدي الكريم،وتتحمل مسؤولية الإخفاقات والانتهاكات التي سادت الشارع العراقية بتصرفاتها الرعناء وتأمرها المفضوح،بالتحالف مع جهات خارجية،بواجهات مختلفة اتخذت لبوسا متعددا،وأحب أن أثير نقطة لا يجهلها السيد الكريم، أن الذين زمروا للعهد المباد،وصفقوا لثورة تموز،ورقصوا للبعث،هم الذين يطبلون للعهد الجديد،وله أن يتصفح الوجوه ليرى مصداق ما أقول،وهؤلاء الانتهازيون هم وراء ما حدث أو يحدث في العراق،وله أن يعود إلى الوراء قليلا ليرى أن الأبناء ورثوا ما في الآباء والأجداد،وغيروا لبوسهم على ذات الأجساد،والعراقيون قادرون على خلق الدكتاتورية بما عرف عنهم من الرقص والردح والنط والهتافات الجوفاء الفارغة لكل جديد.

 وأخيرا أقول للأستاذ قرداغي،له أن يتصفح تاريخ الحركة الوطنية منذ بدايات الحكم الوطني،ويحكم بعقلية بعيدة عن التعصب والهوى،ليجد أن الشيوعيين العراقيين على مدى تاريخهم الطويل،لم يتدنسوا بالمال الحرام،ولم تتلطخ  أيديهم بدماء الأبرياء،ولعله لا يصدق الأراجيف الباطلة لحثالات الرجعية عن كركوك والموصل،فتلك فرية كبرى لا يصدقها إلا السذج وصغار العقول،بعد أن بان زيفها بشهادة الكثيرين ممن لا يحملون الود للشيوعيين،لذلك أرجوا أن يلتزم بالمثل الشعبي القائل(أقعد أعوج وأحكي عدل)وأملي أن يكون عادلا في أحكامه،منصفا في أقواله،لا تحرفه العنعنات الفارغة،والتصورات المسبقة،وأن لا تكون عصارة العمر الطويل آثام،مع تحياتي له ودعواتي بأن يكون الضمير هو الفيصل في إصدار الأحكام ولنعوت،وتمنياتي له بطول العمر والموفقية لما فيه خدمة العراق وشعبه.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com