|
ليس من السهل ابدا تحديد عناصر القوة في اي منطقة ساخنة ، ويصعب ايضا تحديد مواطن الضعف فيها ! ان تكويناتنا الوطنية غدت حقيقة تاريخية يستلزم دفاعنا عنها بأي ثمن .. اذ تجد نفسها اليوم بلا اي عناصر للقوة لاسباب متعددة ومعقدة كثيرا.. وقد كانت تعيش في رعاية الاخرين سواء قبل او بعد سيناريوهات استقلالاتها (الوطنية).. وبالرغم من محاولة البعض خلق تجمعات وحدوية او ايجاد محاور واحلاف اقليمية وبرعاية دولية كجزء من الحرب الباردة.. الا ان مساعي من هذا النوع قد فشلت لاسباب سياسية واعلامية وبسبب تصاعد الصراعات الايديولوجية الباردة.. ولم تتكّون على امتداد قرن كامل اية ارادة اقليمية كبرى تغدو عنصر قوة حقيقي للمنطقة كلها .. فالمنطقة مشلولة سياسيا واقتصاديا وقد تراخت ثقافيا واجتماعيا بشكل مذهل ليس لاسباب ساذجة كالتي تعلمناها في المدارس عندما اهملت الدوافع الداخلية وحملّت العوامل الخارجية اسباب الهزائم والنكوص والانسحاقات والتمزقات والحروب الداخلية.. لم يعرف كل الاقليم كيف يتعامل مع اسرائيل ليس منذ ولادتها قبل نصف قرن ، بل منذ ولادة فكرتها قبل اكثر من قرن كامل ! لم يعرف كل الاقليم ان يتخّلص من ترسّبات الماضي البالية سواء في التعامل ام التفكير ام التربية وخلق الذهنيات الجديدة .. لم نجد اي تفاعل مخصب بين مكونات الاقليم السياسية بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي طرف واحترام ارادته .. لم يهتم كل واحد بمنافسته للاخر في البناء السياسي والحضاري ، بل تآمر واحدنا على الاخر بشتى الوسائل واوسخ الطرق .. لم ننتصر أبدا بخلق اية ارادة اقليمية موحدة ازاء الدسائس والمصالح الدولية .. لم نرتق الى مصاف المجتمعات الانسانية في بناء علاقات منسجمة اقتصادية وثقافية وحضارية ، بل تعاملنا في ما بيننا باسوأ انواع التعامل .. لم نحتفظ بخصوصياتنا كل واحد لنفسه ليعمل كل مجتمع بما يليق به وما يجده يتلاءم مع ظروفه وتقاليده الوطنية .. بل فرض كل منّا محاولته في الهيمنة على الاخر رغما عن انفه باسم القومية العربية او الثورة الاسلامية .. وكلها تحت شعارات ومانشيتات كاذبة لا اساس لها من الصحة .. لم نعرف كيف نتصّرف بما حملناه من ايديولوجيات وافكار راديكالية بحيث جعلناها اداة للتمزقات والصراعات السياسية التي لا معنى لها منذ خمسين سنة .. وعندما خفت بريق الايديولوجيات.. لمع خطر العقائد والمذاهب والاعراق، ودخل الاقليم بكل مجتمعاته يطبق لعبة الاسلام السياسي فانقسمت المجتمعات، بل ان الشرق الاوسط سينقسم على نفسه ويتشظى الى كانتونات.. ولم يزل المشهد في بدايته لمرحلة تعج بالكوارث والاهوال.. ان الاقليم يشهد احترابا طائفيا في اصعب مناطق الاقليم تنوعا وتعددية ، فهل يمكن السكوت على نحر مجتمعاتنا ؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |