اتجاهات الاعلام الاسلامي

 

 

سعد البغدادي

saadkeion@hotmail.com

((ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر..) آل عمران:104

((ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعملا صالحا وقال انني من المسلمين ...)فصلت:33

أدرك كثيرون أهمية وسائل الإعلام في التأثير الحضاري، فاتجهوا إلى استثمارها وتوظيفها لخدمة أغراضهم، ومن ذلك على سبيل المثال  قيام المليونير اليهودي (روبرت مردوخ) ببناء إمبراطورية إعلامية ضخمة تشمل نصف سكان الكرة الأرضية.وقد وقَّع مردوخ صفقة بقيمة (350) مليون جنيه إسترليني مع رجل الأعمال (لي كاشينج) لشراء شركة هاتشفيشن لشبكات الأقمار الصناعية في آسيا، لتنهض هذه الشركة بتشغيل نظام ستار التلفزيوني عبر الأقمار الصناعية، الذي يعد مجاله الأوسع في العالم، حيث يصل إلى (38) بلداً آسيوياً، تمتد من الخليج حتى أندونيسيا.[1] احببت ان يكون هذا المثال مدخلي لاهمية الاعلام هناك مثلا اخر يذكره الكاتب حسن العلوي في كتابه الشيعة والدولة القومية عن  اهمية الاعلام لدى الانظمة الحديثة  يقول ( قال لي صدام لو كان في خزينة الدولة دينار واحد فقط لانفقت نصفه للاعلام و النصف الثاني للسلاح).. اذن اين تكمن اهمية الاعلام ولماذا ينفق مردوخ هذه الاموال الطائلة ... في استثمارات خاسرة من الناحية الربحية والتجارية؟ سؤال     ملح جدا ولماذا تخسر اكبر  مؤسسة اعلامية عربية مثل mbcبعد مرور اكثر من 15 عاما على انطلاقتها,  ويواصل القائمون عليها الاستمرار. ، ولسوء الحظ فإن أعداء الإسلام يكادون يملكون كل وسائل الإعلام الحديثة، حتى في العالم العربي والإسلامي

 

  رواد الاصلاح:

:أسلمة المجتمع بعد انهيار الخلافة الاسلامية  وتسيد العثمانيين ثم الاحتلال الاجنبي للبلاد الاسلامية هو هاجس الاسلاميين منذ نهاية القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين، على يد الرواد، من زعماء التجديد والإصلاح، من أمثال جمال الدين الافغاني محمد عبده، ، وحسن البنا، والمووددي والصدر والنبهاني ومالك بن نبي وصولا الى الفكر الاسلامي المعاصر وآخرين. أدت سيطرة مظاهر الحياة الغربية، على المشهد الثقافي والاجتماعي في العالم العربي، والقطيعة شبه الكاملة مع التراث، من حيث تعريف محدّد للهوّية، ومعبّر عن أسلوب حياة الناس.. إلى دفع كثير من القيادات الفكرية، والرموز الثقافية، إلى التفكير الجاد، بطرح (بدائل) إسلامية. كانت هناك دعوات لأسلمة النظام السياسي، والمعاملات المالية والاقتصادية.. والثقافة، فظهرت الكتابات، التي تؤصّل دور الإسلام في السياسة، ولعل ابرزها مؤلفات الامام الشهيد الخالد محمد باقر الصدر في البنك للاربوي في الاسلام واقتصادنا  والاسلام يقود الحياة وصولا الى المؤلف الذي لم ير النور ( مجتمعنا) وبرزت أيضاً .. الدعوة إلى إسلاميّة المعرفة، وكذلك أسلمة الأدب.. وهكذا في فترة لاحقة، اتخذت هذه الدعوات، شكل العمل المؤسّسي، فنشأت الأحزاب السياسية،  التي   ادركت دور الاعلام متاخر او كانت تمارسه بشكله البدائي  صحف , كاسيتات اشرطة صوتية)


 
تعريف المصطلح:
 منذ البداية واجهنا اشكالية تعريف المصطلح ( الاعلام الاسلامي) ماهو وماهي اليات تطبيقه
 ومن الذي (يمثل) الإعلام الإسلامي؟ هل يجب أن يكون (شيخاً) .. أو شخصاً محسوباً على المؤسسة الدينية بالضرورة؟  معمما ام افندي؟
تحوُّل النشاط الإعلامي إلى صناعة معقدة .. متجاوزاً المفهوم البدائي الأول للإعلام، جعل تحقيق هذا الشرط أمراً مستحيلاً. أدرك الداعون إلى الأسلمة أنه لا يمكن توفر (شيخ) في كل نشاط إعلامي، وأنه إن كان هذا ممكناً، في البرنامج الحواري مثلاً، فإنه يصعب تحقيقه في الدراما.
مأزق العنصر البشري المؤهل، قاد .. كنتيجة حتمية، إلى التركيز على مضمون الرسالة الإعلامية. أصبحت هناك قناعة أن الجمهور يهتم ويتأثر بــ (الرسالة)، بدرجة أكبر، وأن (المؤدّي)، أو الناقل للرسالة، يأتي بالدرجة الثانية. لكنْ .. ثمة سؤال آخر، أنتجته القناعة الجديدة:
ما هي الرسالة الإعلامية، التي يمكن أن يُعَبّرَ عنها، بأنها (إعلام إسلامي)؟
هل هي النصوص القرآنية الكريمة وتفاسيرها، والأحاديث الشريفة وشروحاتها .. و(تمثيل) السلوكيات المرتبطة بهما، من خلال فن من فنون الإعلام؟ أم أن الإعلام الإسلامي: هو كــل ما دخل في دائرة (الأخلاقي)،" .. الجدل حول هذه المسألة، خَلُصَ إلى نتيجة مفادها أن الإعلام الإسلامي:
هو كل قول أو ممارسة إعلامية، منضبطة بضوابط الشريعة، دون أن يكون هناك (نص ديني) يأمر بها مباشرة.(انظر: الاتجاهات الحديثة للاعلام؛ سعد البغدادي)

الانفجار الإعلامي..

 احدث الانفجار الاعلامي الفضائي منه على وجه الخصوص، رد فعل سلبي، لدى شريحة اجتماعية كبيرة. في غضون فترة قصيرة، امتلأ الفضاء العربي بالعشرات من قنوات الأفلام والموسيقى، التي لا تخضع لأي معيار أخلاقي، بل تعتمد فقط على الإثارة ودغدغة الغرائز وانتجت مئات الافلام الاباحية  وعشرات القنوات الاستهلاكيةوأقبل الكثير في العالم الإسلامي على هذه الثقافات والغزوات مستهلكين شاكرين، دون مبالاة لقيمهم وأفكارهم ومبادئهم وتاريخهم، ويتضح ذلك من خلال كمية البرامج الإعلامية المستوردة، فتشير دراسة أجرتها منظمة اليونسكو عن التداول الدولي للبرامج التلفزيونية إلى أن غالبية الدول النـامية تستورد مالا يقل عن نصف البرامج التي تعرضها في محطاتها التلفزيونية، وإن (70%) من جملة الواردات الدولية من البرامج التلفزيونية تأتي من الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، وإن الدول التي تحتكر تصدير هذه البرامج هي على التوالي: الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا وكانت نتيجة هذا الاستهلاك الأعمى قبول المسلمين لأفكار غريبة عن تراثهم، والتي تعادي تاريخهم وقوميتهم وشخصيتهم، وأصبحنا اليوم نعاني من مشكلة التغريب الثقافي، وهذا التغريب يتسم بتأثيره بالجماهير، ولم يقف التأثير عند هذا الحد، بل تجاوزه لنرى معاهد وكليات الإعلام، ووحدات البحوث والدراسات الإعلامية في العالم العربي والإسلامي تعتمد بشكل كبير على المناهج الغربية، ونتائج البحوث التي أجريت في المجتمعات الغربية، وهي نتائج بعيدة الصلة عن واقع مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وغريبة عن السياق الفكري والاجتماعي والسياسي والاقتصادي لهذه المجتمعات. ومن هنا تظهر لنا حاجتنا الملحة إلى الإعلام الإسلامي المنتظر، الذي يحمي المسلمين من أعدائهم، ويحصنهم من أخطارهم، بل ويقدم الخير للإنسانية كافة، وينقذها من الظلمات إلى النور. وصارت القنوات التلفزيونية الأجنبية اليوم تعمل عمل الجيوش الغازية بالأمس، لكنها تفعل ذلك بفعل الكلمة وسحر الصورة.

 خارطة الاعلام الغربي في العالم الاسلامي:

"تشير إحدى الدراسات إلى وجود خمس وأربعين إذاعة أجنبية موجهة باللغة العربية من مناطق العالم المختلفة، لعل أهمها وأكثرها قبولاً لدى المستمعين في المنطقة العربية تلك الموجهة من أوربا الغربية، وعددها ثمان، وهي تذيع ما مجموعه (293) ساعة أسبوعياً، يأتي راديو سوا على راس تلك القائمة و (مونت كارلو) من حيث ساعات البث، (119) ساعة أسبوعياً، تليه الإذاعة البريطانية، (63) ساعة، أما بقية مناطق العالم فتأتي آسيا والشرق الأقصى (165) ساعة، والأمريكيتان (87,5) ساعة، وأوربا الشرقية (185) ساعة، وأفريقيا وجنوب الصحراء (26) ساعة، وتذيـع الإذاعات المسـيحية (42,75) ساعة أسبوعياً، وتذيع إسرائيل لوحدها (18) ساعة يومياً باللغة العربية."[]أما الصحافة فقد كانت غزواً قديماً ولا زالت، ومما يؤسف له "أن تتقاسم الدول الأجنبية وسفاراتها المتعددة معظم الصحف في بلادنا، حتى صار لكل دولة في كل قطر أكثر من صحيفة، تنشر أفكارها، وتتبنى سياساتها، فضلاً عن الصحف التي وضعت نفسها (برسم الإيجار) لمن يدفع أكثرأما القنوات التلفزيونية الأجنبية فقد نشأ بينها صراع من أجل هذه الرقعة من العالم، وهم ينظرون إليها على أنها أرض جرداء من حقوق أصحابها، ولهم كل الحق في امتلاكها، فقد تقدمت "إلى المحكمة البريطانية اثنتان من أكبر محطات التلفزيون في العالم بسبب التنافس على حق بث برامجهما، والإعلانات عبر الأقمار الصناعية إلى الوطن العربي. وقد دفعت حدة الصراع إلى إنشاء تلفزيونات للخدمة العالمية مثل محطة (BBC) التي أنشأت تلفزيون الخدمة العالمية (WS TV) الموجه للقارة الآسيوية، وذلك للتصدي لهيمنة محطة (CNN) الأمريكية في هذه القارة بالذات."]ومحطة (CNN) تُعتبر مثالاً على قوة الإعلام الأجنبي في الوطن العربي، بل والعالم الإسلامي أيضاً، فلها شبكة مؤلفة من تسعة أقمار منتشرة في الفضاء، ويغطي بثها الكرة الأرضية ما عدا القطب الشمالي والقارة القطبية الجنوبية وأطرافاً من سيبيريا وهذه القناة كانت الوحيدة في تغطية أخبار حرب الخليج الأولى، وكانت وسائل الإعلام العالمية تأخذ الأخبار منها، حتى الوسائل العربية المجاورة للعراق( انظر دراسة مصطفى كنكور حول الاعلام العربي)
     الفضائيات الإسلامية:
     يستند فرضيا الاعلام الاسلامي على الاسس التالية:
    نظرية المسؤولية الاجتماعية كانت نظرية الحرية قد ظهرت كرد فعل على تعسف النظم الشمولية، ومصادرتها لحق التعبير، من خلال ما عُرف في الوسط الإعلامي .. بنظرية السلطة ، فإن نظرية المسؤولية الاجتماعية، ولدت بسبب الاستخدام الخاطئ لمفهوم الحرية، في وسائل الإعلام .. ذلك الذي مهدت له نظرية الحرية سوء الاستخدام لمفهوم الحرية، سواء كان من قبل ملاّك تلك الوسائل أو من قبل ( الإعلاميين) أنفسهم.

 نظرية الاستخدامات والإشباع :
    مع ازدهار صناعة الإعلام، اعتمد بعض
العاملين في مجال الإعلام، على هذه النظرية، لتسويغ السياسة الإعلامية التي ينتهجونها .. إنتاجاً وممارسة. تقوم النظرية على تفسير سلوك الجمهور تجاه وسائل الإعلام، على أساس من استخدام الأفراد للوسائل، وما يحققه استخدامهم لها من إشباع نفسي وفكري.جاءت هذه النظرية لتقلب المعادلة كما يقال. كان الجزء الكبير من بحوث الإعلام، والدراسات، يتناول تأثير وسائل الإعلام في الجمهور، عبر (الرسائل) الإعلامية، ويركز على:ماذا (يصنع الإعلام) بالناس؟ نظرية الاستخدامات والإشباع، طرحت السؤال بشكل معاكس:
    ماذا (يصنع الناس) بوسائل الإعلام؟ او كيف نوجه رغبات الناس وهذا مهم جدا لذلك راينا في الفترات السابقة هبوط الانتاج الفني والاداء الاعلامي في العالم الاسلامي
    الأخلاق:
    يحكم العمل الإعلامي، من منظور إسلامي، معايير أخلاقية صارمة. القاعدة العامة التي تحكم أي نشاط بشري، على أساس من هذا المنظور هي:الممارسة ليست غاية بحد ذاتها، بل بما تحققه من (فضيلة). كما أن الممارسة نفسها.. إذا كانت صحيحة، تُعدّ نوعاً من العمل الصالح الفضيلة هنا، معنى عام .. لكل ما دعت إليه الشريعة، وما تراه حسناً، من قول أو فعل وهنا ترتبط  عدة مسائل تتفرع من هذا الجانب منها دور المراة دور الفن الغاية من الرسالة الاعلامية طبعا هناك كبير ومهم جدا لمعرفة  اداء دور المراة ,لاحظ ان المشاهد بمجرد ان يرى مقدمة البرنامج ترتدي الزي الاسلامي يصدر احكاما بان هذه القناة اسلامية   واذا شاهدها غير محتشمة يحكم بان هذه القناة علمانية او غيرها من التوصيفات, ويرتبط الفن كذلك في المعيار الاخلاقي هل الفن للفن ام لخدمة المجتمع سؤال ملح جدا في الاعلام الاسلامي هل يجب علينا اضحاك الناس لغاية الضحك  وملئ فراغ في سكريب البرامج
    
 سؤال الهوية المذهبة:

 وهنا اين تقع منظومة اعلام اهل البيت( سياسيا) الشيعة,  عودة الى تاريخ الشيعة سنجد ان الائمة عليهم السلام اكدوا كثيرا على التعامل الاخلاقي في بث الدعوة الاسلامية  ستكون منطلقا لنا في الاستفادة منها في اتخاذ المعيار الاخلاقي للاعلام المعاصر, سيرة الائمة كبرة جدا في العطاء وبناء الدولة وتكوين الشخصية ,الاستفادة منها لا على النحو النمطي بل يحتاج لنا معرفة دقيقة في كيفية انتشار مذهب اهل البيت على الرغم من انهم بعيدون عن السلطة كيف استطاع هذا المذهب من الانتشار, من المؤكد هناك تقف خلفه سيرة اعلامية نشطة. انظر الى حديث الامام موسى بن جعفر عليه السلام حينما مر على دار بشرالحافي ,ما هي الوسيلة الاعلامية التي استخدمها الامام لتغير من  سلوكية هذا الرجل من الضلال الى الهداية

( الكلمة الحسنة صدقة) .. انظر الى رواية اخرى للامام  الكاظم عليه السلام حينما مر ببستان واذا صاحب البستان يتلقى اموالا من الحكام للاساءة الى الامام ؟ كيف كان رد الامام عليه. وكيف تحول الرجل الى مذهب اهل البيت.

 انظر الى قصة الحلي في الحوار حينما استدعاه حكام ايران للتناظر مع العلماء,, انظر الى قصص اخرى كبيرة جدا في السيرة ستجدها كلها ذات ايحاءات  مفعمة  يجب الاستفادة منها. الاعلام الشيعي  يواجه اليوم تحديات خطيرة لانه وسط منافسة اعلامية كبيرة جدا بين  هذا الكم الهائل من الفضائيات والصحف . في النتيجة ماذا نفعلعلينا اذن المثابرة.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com