أبو غريب ــ ح22 ـ عماد السعدي ، أم رأفت الهجان ؟؟ ..!!  

 

 

جلال جرمكا / كاتب وصحفي عراقي / سويسرا

عضو ألأتحاد الدولي للصحافة وعضو منظمة العفو الدولية

tcharmaga@hotmail.com

من دفتر ذكرياتي ـ الحلقة الثاني والعشرون ـ عنوان الحلقة / عماد السعدي!!!.

ياترى من هو / عماد السعدي ..؟؟ وهل يستحق الذكر والكتابة ..؟؟.

في الحقيقية سبب أختياره له، لكون قصته غريبة نوع ما.. تدخل في خانة القضايا الغريبة.. أنه فلم عربي على هندي!!... لنرى :

عماد السعدي... قصته غريبة فعلاً.. أراد أن يلعب دورـ رأفت الهجانـ ولكن بالعكس.. يدري أو مايدري كان جاسوساً.. نعم عمل لفترة طويلة كجاسوس لدولة جارة.. تحرك.. كتب التقارير.. جلب معلومات .. قبض مبالغ مقابل أتعابه.. ياترى كيف يكون الجاسوس ..؟؟ وكيف تكون الجاسوسية ..؟؟.

عماد السعدي.. قصته غريبة.. وحتى طريقة أعتقاله كانت غريبة أيضاً.. نعم لقد حكموا عليه بالمؤبد..أي عشرون عاماً وبهذا يكون قد حـُرم حتى من قانون العفو والمكارم!! وغيرها.. عليه أن يقضي زهرة شبابه في أبوغريب!!... ياترى لماذا ؟؟.

كان من عائلة ثرية .. أشقائه يملكون أكبر محلات (لتغليف مقاعد السيارات) في منطقة الكاظمية وحصراً في / شارع النواب .

أما هو فكان يملك ( متجراً) كبيراً لبيع أنواع ألأصباغ وملحقاته من (ثنر) وفرش وغيرها من التفاصيل المملة.

كان يسكن مع والديه في منطقة الكاظمية، ومحله أيضاً هناك.

بحكم عمله يستقبل العشرات لابل أكثر في اليوم.. المنطقة تجارية وسوق مفتوح لأنواع المواد الكهربائية والصحية وغيرها من اللوازم ..أعتقد أسم الشارع / شارع مفيد ـ بالقرب من الروضة الكاظمية الطاهرة .

في أحد ألأيام جائه أحدهم يتكلم (عربية فصحى) ويقود سيارة / هيئة دبلوماسية .

بعد السلام والتحية .. أراد عدداً من علب ألأصباغ وملحقاتها.. عامله/ عماد بأدب.. وطلب منه الجلوس وشرب (كأس شاي) .. أعتذر الرجل وقال :

ـ في المرة القادمة إنشاءالله .

بعد أن دفع المبلغ.. طلب منه أن يعمل له (وصل أستلام) بأسم السفارة ألأيرانية في بغداد .

الى هنا والمسألة طبيعية.. عمل اللازم وأنتهت المسألة والرجل غادر المحل!!.

بعد شهر أو أقل جاء مرة أخرى وأشترى كمية أخرى من ألأصباغ وغيرها.. هذه المرة جلس وشرب الشاي وتحدثوا في بعض ألأمور السطحية العامة.. وبعدها دفع ثمن الفاتورة كالسابق وودعه الى سيارته .

بعدها تكررت الزيارات.. ولكنه كان يشتري كميات أقل بكثير.. وفي كل مرة كان يجلس ويشرب الشاي.. وفي أحدى المرات تناولا الغداء سويا.. بأختصار أصبحت نوع من العلاقة، وحينها رويداً رويداً أخذ الرجل والذي كان (ظابط مخابرات في السفارة ألأيرانية) يسأله أسئلة سياسية ويطرح أمور جديدة..، عماد كان من أخواننا الشيعة، وكان لايطيق النظام حتماً!!!.

بعد لقاءات أخرى، حينما أصبحت العلاقات أقوى لكون وجهات النظر متطابقة.. كلفه بأول مهمة وكالأتي :

ـ شوف أخ عماد.. في منطقة (الخالص) الشارع الذي يربط بغداد بمحافظة كركوك، هنالك معسكر كبير لمنظمة مجاهدي خلق ألأيرانية !!.  ولهؤلاء دوريات مستمرة بين مفرق المعسكر وحتى مدينة خالص.. سياراتهم فيها عدد من المسلحين يتحركون بأستمرار بين تلك النقطتان (المفرق خالص ـ خالص المفرق) .. كل المطلوب مايلي :

أن تحسب الزمن بين كل مفرزة.. على سبيل المثال المفرزة (آ) تصل في الساعة الفلانية.. بعد كم تصل المجموعة الثانية.. والثالثة.. ومتى تعود ألأولى ..؟؟

أخذ يدربه ويفهمه الى أن فهم الواجب تماماً!!.

في صباح أحد ألأيام، توجه / عماد الى الخالص.. وهناك في بداية المدينة وعلى الشارع العام عدد من المقاهي والمطاعم وعشرات المحلات لبيع الفواكه والتمور والخضر وغيرها من المرطبات والحلويات.. المكان عبارة عن محطة للتبضع وألأستراحة للكثيرين من المسافرين الى المحافظات (كركوك، سليمانية، أربيل) وبالعكس الى بغداد !!.

جلس عماد هناك.. تناول الغداء.. شرب الشاي.. تمشى.. جلس.. ظل هناك لنصف نهار تقريباً.. سجل الملاحظات بدقة عجيبة .. وحينها عاد الى بغداد.

في اليوم التالي جاؤه ألأخ / ألأيراني.. ما أن شاهد التقرير حتى تعجب وشكره، وسلمه عدد من الدولارات من فئة المئة!!.

رفض عماد في البداية أن يستلم المبلغ، لكونه لم يعمل شيئاً غير نزهة جميلة وتغيير جو!!.

لكن ( الضابط ألأيراني)، أصر على مكافئته لكونه أغلق محله لنهار كامل.. لذلك لابد أن يأخذ المبلغ !!.

حينها أستلم/ عماد المبلغ.. وكان فرحاناً لكونه لم يعمل شيئاً وما أستلمه كان ربحه لشهر كامل.. ولكنه لم يفكر بالنتائج!!.

بعد تلك العملية، كلفه مرتان أو ثلاثة بواجبات مشابهة وسهلة (على حد قول عماد) !!.

في أحد ألأيام وبعد شهران من ألأتصالات والعمل.. جاء الى محله شخصان ودخلا المحل.. بعد السلام قالا :

ـ أخي أنت خبير في ألأصباغ وبقية المواد.. أشترينا هذه المادة ( نوع من الكحول / ثنرـ  كان في داخل قنينتة صغيرة ) .. ممكن أن تخبرنا هل نقية؟؟ أم مغشوشة ؟؟.

رحب/ عماد بالفكرة.. وفعلاً كان خبيراً في مجال عمله.. ما أن شم القنينة حتى فقد الوعي.. فتح عينيه وإذا به موجود داخل زنزانة صغيرة!!.

تبين إن المادة (مخدرة بدرجة عالية) ما أن شمها حتى سقط على ألأرض.. حينها كانوا قد هيئوا جميع الوسائل وألأحتياطات .. أنهم كانوا رجال المخابرات العراقية !!!.

بدأوا بالتحقيق معه.. كانت ألأدلة موجودة، موثقة.. عشرات الصور مع ذلك الضابط.. صوره وهو في الخالص، وهو يكتب.. عشرات الحالات.. حتى أشرطة صوت وغيرها!!.

أزاء هذه الحالة ( ينهار) عماد .. ويعرب عن أسفه.. ولكن.. متى؟؟ بعد أن وقع الفاس بالرأس.. ماذا يفعل غير ألأعتراف الكامل !!.

أغرب شىء كان يحكيها عماد ويضحك:

أن أحد المحققين كان يسبه ويقول:

 ـ يا أبن ... تخليني نصف نهار بالشمس ومن غير أكل.. وأنت تأكل الدجاج والرز .. وأنا جائع.. ماتخاف من الله ؟؟؟.

حكم على عماد بالمؤبد/ عشرون عاماً.. كان نادماً.. ويقول :

ـ الله لايعطيه العافية... ورطني.. أنا وين والجاسوسية وين..؟؟ أنا كنت أربح كثير.. ولكن هذه هي قسمتي!!.

ظل عماد في أبوغريب لغاية خروج الجميع في العفو العام قبل سقوط النظام بأيام .

كان خفيف الظل. .صاحب نكتة.. متدين .

كانت أيام صعبة لاتنسى .. هنالك حلقات أخرى بأذنه تعالى .

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com