|
تمكنت القيادات العراقية التي تدير العملية السياسية والحكومية من انهاء كل المشاكل التي تهدد وجود العراق, من تأمين الوضع الأمني, وعقدة اعادة كتابة الدستور, الى تأمين الماء والكهرباء وباقي الخدمات. المهم انتهت كل هذه المشاكل , ولم تبقى الا مشكلة مريم الريس مستشارة رئيس الوزراء , وتصريحاتها المتكررة حول حجم مسؤولية مكتب رئاسة الجمهورية في ادارة شؤون العراق . الست مريم صرحت بأن رئيس الجمهورية [وظيفة شرفية] فكيف مع نوابه؟ مكاتب الرئيس ونوابه " مجلس الرئاسة" ردت على الست مريم بأن رئاسة الجمهورية تشرف على تطبيق فقرات الدستور , وتكون بدل رئيس الوزراء في حالة غيابه , وما نص عليه الدستور من صلاحيات أخرى. لو حدث هذا في وضع اعتيادي لفسرت على انها " الديمقراطية " وترف السلطة, ولكن ان تجري وسط هذا البحر المتلاطم الذي يوشك ان يغرق السفينة العراقية بكاملها , فهذه مسألة أخرى لاتدلل الا على عدم الأحساس بما يجري . فالمسؤولين المنتخبين من هذا الشعب البائس, لايهمهم غير الصراع لتوسيع مساحات نفوذهم ووجاهاتهم . لقد رد الدكتور عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية – غريم المالكي والمرشح الاقوى لخلافته في رئاسة الوزراء – بمذكرة غاضبة على التصريحات الاولى لمريم الريس. صدر بعدها توضيح يحمل الاعتذار من مكتب رئيس الوزراء السيد نوري المالكي , ولكنه موجه الى رئيس الجمهورية فقط , ولم يأتي على ذكر نائبيه او " مجلس الرئاسة" كما يؤكده النائبان في كل مناسبة [ في تذكير على ان الثلاثة يتمتعون بصلاحيات متساوية] . وتعود المستشارة لتؤكد على ما ورد في تصريحها الاول , ويأتي الرد عليها هذه المرّة من مكتب السيد رئيس الجمهورية , وكل طرف يدعي بأنه الأفهم في فهم الدستور , والدستور "حمال اوجه" ويفسر حسب قوة مركز القرار . والسؤال : هل ان مريم الريس أعادت تأكيد تصريحها الاول , بعد مذكرة الاعتذار من قبل رئيس الوزراء لرئيس الجمهورية من ذاتها فقط ؟ ام بتوجيه من رئيس الوزراء؟ وتأكيد على انه لايعترف الا برئيس الجمهورية؟! اما اذا كانت " العزة بالأثم " وراء اصرارها , فأية سذاجة يمتلكها المالكي في اختيار مستشاريه ؟! وما دامت العلاقات بين اعلى المستويات بهذه الحساسية وعدم الانسجام , ومحاولة الانتقاص من شأن الآخر , فما بالك بالوزارات , والادارات العامة , وباقي دوائر الدولة ؟ وهذه المهزلة تذكرنا بوفاة الملك السعودي فهد, وكيف توجهة عدة طائرات , كل واحدة تحمل مسؤولا يدعي انه يمثل العراق , في مهزلة اربكت اصحاب العزاء السعوديين , قبل ان تتحول الى مسخرة تلوكها افواه المعلقين في القنوات الفضائية التي تنقل الحدث . وكان اكثرها تهكم الطائرة التي نزل منها رئيس الوزراء وقتها الدكتور ابراهيم الجعفري , والذي لم يجد طائرة يستأجرها , ف" أضطر" لأجبار طائرة متوجهة الى القاهرة بالتوجه الى الرياض مع ركابها , ولم تهن عليه كرامته ان يصعد في طائرة السيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني, او في طائرة السيد عبد العزيز الحكيم رئيس قائمته التي وضعته في هذا المنصب, أو شعر انه لايستطيع ان يبني هالته الشخصية اذا ذهب بمعية الآخرين, وتناسى ان النظام السعودي لايعترف بالشيعة اساساً كطائفة اسلامية. وفي حادثة اخرى لاتقل فيها الرغبة في البحث عن الوجاهة , ومع الجعفري ايضاً عندما كان رئيسا للوزراء, حينما اصرّ على ان يمثل العراق في افتتاح دورة هيئة الامم المتحدة بدل رئيس الجمهورية , واصراره حسب " الصلاحيات الدستورية" ايضاً, وكاد ان يخلق مسخرة دستورية أخرى . ان المهازل التي تمارسها هذه القيادات , وهم بأتجاه واحد – وكأنهم يجلسون في مقهى - وليس يديرون دولة بحجم العراق الذي اصبح مشكلة عالمية , ولايدركون انهم تحت المجهر العالمي , وبالذات المجهر الامريكي الذي عجز عن ايصال العملية السياسية الى سكة التوافق . ولاغرابة بعد ان عجزوا من هذه القيادات , من العودة الى التعاون مع ظهيرهم الجاهز من البعثيين , كما تؤكد الاحداث الحالية . ولاغرابة ايضاً ما تردد من ان الامريكان يسعون لوضع "التيار الصدري" و " منظمة بدر" في قائمة التنظيمات الارهابية .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |