ذاكرة المستقبل ..... دموعنا
جمعة اللامي
Juma_allami@yahoo.com
ولي وطن آليت ألا أبيعه وألا أرى غيري له الدهر مالكاً (ابن الرومي)
صلوا على محمد.
منذ زمان، منذ زمان قديم، وحدت العراقيين الدموع.
منذ زمان، منذ أيام الطفولة، حين كان أقراننا يذهبون الى لقاءات يعتبرونها أساسية، ونراها كمالية، كنا نجلس الى بعضنا، وكان بعضنا يبكي، بينما أكبرنا يروي بين أيدينا حكاية “القائد المغلوب والنملة”.
يقول أكبرنا: انتهت المعركة، وهزمنا، تفرق الجند الشباب. ووقع في الأسر من وقع، وهام في البوادي من تمكن من التغلب على تعبه، بينما استقبلت دجلة الجثث وأحزمة الشبان ورسائلهم الى أمهاتهم.
ويقول أكبرنا: أحدنا الذي ارتضيناه ناطقا باسمنا، استقبل الشرق في الصباح، وتابع الشمس عند الغروب، ثم قال: أيها الاخوة، دعوني أخبركم بقصة “القائد المغلوب والنملة”.
والحكاية قصيرة جدا، أقصد حكاية ذلك القائد الذي غلب في معركة عسكرية. وهي أقصر من جذع نخلة، حين شاهد القائد، بينما كان يتفرس في الأرض التي أمامه، نملة صغيرة تجاهد لتحمل حبة من شعير، يتبعها سرب من النمل، وكل منها يحمل حبة شعير.
من بين ذلك السرب، كانت تلك النملة الصغيرة لا تقوى على حملة حبة الشعير تلك، لكنها كانت تعاود الكرة، فتفشل، ثم تحاول الكرة فتفشل، وفي المرة المائة تمكنت النملة الصغيرة من وضع حبة الشعير على ظهرها، وأخذت تكرج كما قديس.
بكينا في حينه.
الأصغر الذي بيننا، لم يكن يعرف الحكاية قبلاً، لكنه بعدما تفرس فينا، وشاهد دموعنا أخذ ينتحب، كأنما ذئب شرس افترس شاته الصغيرة.
أمس عصراً، بكى العراقيون كلهم، المتصالحون مع أنفسهم، والمتقاتلون مع أنفسهم، الإخوة الأعداء، والأعداء الإخوة، كلهم وحدتهم الدموع، ووحدتهم دموع أعضاء الفريق العراقي في ماليزيا، بعد الفوز.
نحلفكم بالله أيها الناس.
اتركونا، قليلاً، في وطننا، عراقي يواجه عراقياً، وعراقية تقابل عراقية، وسترون أننا لا نقبل بالتفرقة، ولا نرتضي بالطائفية، وإن دمعة واحدة، كما شاهدتم أمس، وحدت بلداً جريحاً، من شماله حتى جنوبه.
تباركت يا عراق..
العودة الى الصفحة الرئيسية