|
تردد في الايام الأخيرة طلب الكثير من الكتاب والسياسيين والأحزاب الوطنية , في حث الأحزاب التي تبغي اعلان جبهة "المعتدلين" من الحزبين الكرديين الرئيسيين, والحزبين الشيعيين "المجلس الاعلى" و"الدعوة", والنقاش الجاري لضم الحزب "الأسلامي" السني. لتوسيع النقاش واشراك الاطراف الوطنية الأخرى , التي يهمها فعلاً نجاح العملية السياسية , واخراج العراق من المأزق الذي يعيشه , سواء كانت ممثلة في البرلمان او خارجه. وجعل الجبهة المنوي اعلانها جبهة حقيقية تضم كل القوى الخيرة التي تعمل لوحدة العراق, وضمان مستقبله الزاهر المنشود. من المؤلم ان لايتم لحد الآن تحديد ماذا يعني " نجاح العملية السياسية " كفكرة يمكن التأسيس عليها . فنجاح العملية السياسية بالنسبة للأحزاب الكردية والشيعية لاتتفق مع فهم الحزب "الأسلامي" لها , ولاهي مشتركة لهذين الطرفين مع مجاميع الديمقراطين واليساريين والعلمانيين وباقي العراقيين الذين يرتبطون بأولوية الوحدة الوطنية قبل غيرها من الولاءات . فالمجموعة الاولى " المعتدلين" تفهم النجاح على انه ضم أكبر تكتل برلماني بثوب عراقي– وهذا ما يؤكده اصرارهم على اقناع الحزب "الأسلامي" السني– لضمان الحفاظ, وتعميق, المنجز القومي الكردي, والطائفي الشيعي. اما الحزب "الأسلامي" السني الذي يمتلك امتدادات أكبر من واجهته السياسية, مع عصابات القتلة من البعثيين, وباقي المجموعات المتطرفة الأخرى , فنجاح العملية السياسية لايعني له أكثر من اعلان لافتة الوحدة الوطنية التي تتستر خلفها العودة الفاعلة للبعثيين الى السلطة, وانهاء القصاص لمجرميه, واطلاق سراح المقبوض عليهم, وانهاء مطامح المشروع القومي الكردي, والطائفي الشيعي. سلطات الأحتلال الأمريكي وجدت نفسها ملزمة بالمحافظة على وحدت العراق, كجدار يخفي وراءه الفشل الذي رافق هذه السلطات في مهزلة " التأهيل الديمقراطي" حسب المقومات الأثنية والطائفية , واستفحال قيم هذه المكونات – المغدورة من قبل النظام المقبور – على حساب الوحدة الوطنية . والجانب الآخر للأمريكان استعجال تمرير قانون استثمار النفط والغاز في ظل هذه المكونات " العراقية" التي اصبحت عالة عليها , وأخذت تفكر بالألتجاء الى طرق أخرى في المحافظة على الوحدة الهزيلة للعراق. فلا يمكنها القبول بمنح صلاحيات " دستورية" تمكن الأطراف الطائفية الشيعية من تشكيل نظام يبتلع الوسط والجنوب موالي, أو تحت سيطرة النفوذ الايراني عدوها اللدود, ولا يمكنها ايضاً الموافقة للقيادة القومية الكردية ان تأخذ " المنشطات " الغير طبيعية, والتي تكاد ان تلامس الاستقلال, والتي لا يحتاجها أقرار الحقوق القومية للشعب الكردي, في مسعى للأستحواذ على المركز الأول على حساب باقي اللاعبين العراقيين والأقليميين, وبالذات اللاعب التركي القوي, وباقي اللاعبين الرسميين العرب. الوطنيون بكل اطيافهم يدركون جيداً ان المشكلة ليست في توسيع الجبهة والحوار , ولكنهم يقولوها عسى ان يستطيعوا التأثير على احزاب "الأعتدال" الأربعة الرئيسية . والمشكلة هي في توجهات هذه الرباعية, وخامسهم " الاسلامي" السني " باسط ذراعيه في " وسط المتاجرة بالوحدة الوطنية, وبين فتح كل الأطراف للتعاون مع الأمريكان , والأنفراد بثقتهم, وتحقيق رغبتهم بالمحافظة على "وحدة" العراق . ان أحزاب الرباعية يعرفون الوطنية جيداً, وهم اصحاب التاريخ العريق في مقارعة النظام الصدامي المقبور, وليسوا بحاجة لأن يضعوا ايديهم بمن يحرك ذيله تقرباً لصاحب السلطة الأمريكي وبدون اي شرط لو, خفضوا سقف مطاليبهم الطائفية بالنسبة للشيعة , واقنعوا الآخرين بالأفعال بأنهم لايبغون الركوب في عربة النظام الطائفي الايراني, والقومية بالنسبة للقيادة الكردية, واقنعوا الآخرين بأنهم ليسوا الأوصياء على الحركة الوطنية للشعب الكردي في باقي دول الجوار, وهذا هو الطريق الذي ينقذهم وينقذ العراق . فهم يعرفون جيداً ماذا سيقوله اليساريون والعلمانيون والديمقراطيون وغيرهم من الوطنيين, سيطالبونهم بالكف عن الصلاة في محراب محاصصاتهم الطائفية والقومية التي اوصلت العراق الى ما نحن فيه, وسيطالبونهم بالكف عن تهميش الآخرين. والطريق اصبح واضحاً بما فيه الكفاية, والخوف كل الخوف ان لايتمكن المتنفذون من توحيد خطواتهم في هذا الطريق .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |