|
كان لعراق صدام في العاصمة الألمانية السابقة بون سفير من جنسية عربية ولا غرابة في ذلك فقد كان ذلك أمرا معتادا حيث تسنم الكثير من البعثيين العرب مواقع رسمية حساسة في العراق ومن بينهم سفراء ، وقد بالغ بعض هؤلاء في أذلال مرؤوسيهم من الموظفين العراقيين. وكان لصاحبنا السفير (اللاعراقي) في بون كلب مدلل حيث تم تفريغ أحد منتسبي السفارة للعناية به ومصاحبته في جولته اليومية في حدائق مدينة بون وكان يقدم له مالذ وطاب من الطعام ، ينام في الحرير ويفرش له السجاد الأحمر عند أبواب السفارة ، ويزوره الطبيب بأنتظام .. بأختصار يعيش حياة ملوكية ، وفي نفس الوقت كان العراقيون ينزفون دماءهم في حرب عبثية ، أو يلعقون جراحهم ويتوسدون المتاريس .. وذات يوم خرج كلب السفير المدلل لنزهته اليومية ، وعند بوابة السفارة أنطلق مسرعا ليغازل عابرة سبيل شقراء كانت تتنزه برفقة صاحبتها الألمانية .. لكن القدر كان أسرع منه ولم تنجح محاولة السائق الذي حاول جاهدا الوقوف أو تغيير مساره ، وبرغم خفة حركة الكلب لكنه لم ينج من دهسة قذفت به بعيدا على أسفلت الشارع .. توقفت عقارب الساعة وقامت الدنيا .. تلقى السفير الخبر وهرع مذعورا الى مكان الحادث وسرعان ما أنتشر الخبر بين منتسبي السفارة وذيولها ومخبريها والتابعين بأحسان!، أُعلنت حالة الأنذار في السفارة وأقفلت أبوابها وتم تنكيس العلم العراقي ، يقول أحد الرواة الثقاة كنت أراجع السفارة لأنجاز معاملة ملحة وقد خرجت مع موظفي السفارة لأرى ماحدث ، كان جماعة كثيرة من الناس تتجمع في مكان الحادث ، السفير ومنتسبي السفارة وثلة من الفضوليين. حزن سعادة السفير على كلبه المدلل الصريع وأجهش بالبكاء .. فسارع الموظفون لمواساته والتخفيف عنه ولم يتردد البعض عن مشاركته في البكاء والنحيب والدعاء للفقيد بالرحمة ولذويه بالصبر والسلوان ، يقول محدثي والله أخرجوا مناديلهم وأجهشوا بالبكاء وهم يترنمون بمناقب الفقيد وأريحياته .. لم يحتمل سعادة السفير هذا المصاب الجلل الذي أقعده ثلاث أيام في البيت لايغادره وأوقف أعمال السفارة كافة حيث كان المنتسبون يحيطون بسعادته لمواساته والتخفيف عنه ، وتحول بيت السفير الى مجلس عزاء على روح الفقيد العزيز ، كثر المتباكون وتحول ذلك اليوم الى يوم حزن وطني. واليوم .. يبدوا أن الصورة لم تتغير كثيرا في سفارة العراق الجديد ،كلب سعادة سفير العراق الجديد في برلين لم يمت بعد ، هو ينعم بصحة جيدة وحياة رغيدة حيث تضخمت رواتب سفراء العراق الجديد ومخصصاتهم بصورة خرافية وقد عين لرعايته عشرة من الموظفيين المحليين من أقاربه وأتباعه ، شاهدت سعادة السفير البارحة يحتفل بزواج كلبه المدلل من خلاسية تنتمي الى أثنين من أفضل سلالات الكلاب ، السفارة أقامت حفلا أسطوريا وأعلنت عن فتح باب تلقي التهاني والتبريكات منذ وقت مبكر وخصصت لها مساحة واسعة في موقعها الألكتروني ووقف سعادة السفير منذ الصباح الباكر عند بوابة سفارته ليستقبل أفواج المهنئيين .. أفقت من أغفاءتي .. شعرت أن الواقع يختلط بالحلم وكان من الصعب التمييز بين ماهو واقعي وبيم ماهو حُلمي .. لكني أستطيع الجزم بأن معظم العراقيين حتى الذين ذرفوا الدموع على كلب سعادة سفير عراق الأمس غير مستعدين للرقص في حفلة زواج كلب سعادة سفير عراق اليوم. وللموضوع صلة !!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |