الادارة الامريكية لاتزال تضع الرهان على العراق

 

عبدالله مشختى احمد

mishexti@yahoo.com

 الادارة الامريكية كانت ولا تزال ومنذ 4 سنوات تضع الرهان على دول الجوار العراقى فى وقف نزيف الدم الذى يجرى فى العراق ، هذا النزيف الذى استهلكت كل ما تبقى للعراق من قوة فى جميع مناحى الحياة اذاامعينا النظر فى الخريطة العراقية اليوم ماذا نلاحظ منها ، تدمير ما تبقى من البنية التحتية للمنشأت والمرافق الحيوية التى تعتمد عليها الدولة فى قيامها وصمودها وبناء بلد ديمقراطى مزدهر ، ضحايا بمئات الالاف من الشعب العراقى وحركة تهجير واسعة للعراقيين الذين يتمكنون من مغادرة البلد اى افراغ العراق من سكانها ، تدمير البنية العلمية العراقية من جامعات ومعاهد ومدارس بعد حملة الاغتيالات والتصفيات لكل العقول العلمية العراقية وهرب وهجرة من حالفه الحظ من القتل او الاغتيال ، هدر كل الايرادات العراقية المالية من وراء حملات مطاردة الارهاب والارهابيين وتوقف حركة البناء وتقديم الخدمات الاساسية والضرورية للشعب العراقى ، تكاثر وازديادالعصابات التى تمارس السلب والنهب ليلا ونهارا ودون وازع ، ازدياد الشرخ بين المذاهب والطوائف والاعراق العراقية بعد ان كانت شبه معدومة ، انعدام الامن بحيث لن يتمكن اى مواطن عراقى ان يضمن سلامة نفسه او سلامة اهله بعد خروجه من داره حتى فى النهار ، اضافة الى تدمير وتخريب ومحو القيم والمفاهيم الاجتماعية الاصيلة التى كانت مغروسة فى المجتمع العراقى منذ الازل والى ما قبل عقود من الزمن اى ان الاوضاع الجديدة ساهمت وبشكل اكثر ضراوة فى تدمير المجتمع واصالته وتشتيت الاسرة العراقية التى كانت من اهم ركائز المجتمع المقدسة والتى بنى عليها الدولة ، والتى كان تظام صدام قد بدأ بتدميرها ولا يزال مستمرا الى اليوم لتفكيك اوصال المجتمع لانه الوسيلة الوحيدة لافراغ العراقيين من ابائهم وكبريائهم واذلالهم وجعلهم يرضخون للواقع الذى يريدونه من هم يخططون لذلك .

ان الامريكيين قد اخطأوا فى حساباتهم ورهاناتهم عندما دخلوا واحتلوا العراق حيث تركوا البلاد عرضة للسلب والنهب وابقوا حدود العراق المترامية الاطراف مفتوحة لكل قوى الشر والارهاب لجعلها ساحة تصفيات حساباتها مع الارهاب الدولى وما كانت تسمى بدول محور الشر من القوى الاسلامية الاصولية المتشددة والتى خلقتها هى بنفسها فى مرحلة ما لخدمة مصالحها ولتصفية تلك الحسابات مع كل من ايران وسوريا وغيرها من دول المنطقة التى كانت تناصب العداء لامريكا وسياساتها وخططها .

ان امريكا لم تكن تعلم بان تلك الدول ايضا لها خططها وتفهم ما تبغيه امريكا من اسقاط نظام صدام ودخول المنطقة تحت واجهة تحرير الشعب العراقى من النظام الدكتاتورى ، فاعدت ما ينبغى لها ان تعد من خطط لاجهاض ما خططته دوائرها فبدأت بمد يدها الى داخل العراق وهيأت قوى بشرية ومادية واعلامية كبيرة للتصدى لهذه السياسة الامريكية فى المنطقة لان كل هذه الدول قد فهمت وبصورة جلية بان العراق لن تكن وحدها الهدف لامريكا ، فمدوابدون كلل وبكل قواها الارهاب ودفعت بمجاميعهم الى داخل العراق لاشغال القوات الامريكية وايقاعها فى مستنقع لن تتمكن من الخروج منها الا بمشقة كبيرة وقد نجحوا فى خططهم منذ 4 سنوات من الوضع المتردى فى العراق والذى لم يدفع ضريبته الى الشعب العراقى المظلوم الذى ما فتئ ان تخلص من كابوس جاثم على صدره الاواستبدل بكابوس اخر اشد ضراوة وفتكا لا يفرق بين احد من العراقيين سواء كانوا مسلحين اولا او مسلمين او غيرهم اوكانوا عربا او كردا او غيرهم لا فرق للارهابيين سواء كان سنة او شيعة مسلما او مسيحيا هذا هو ما اضافته الادارة الامريكية الى ما كان يعانيه الشعب العراقى من ظلم وقهر واستبداد وبؤس وامست الاوضاع على ما عليه الان وخرجت الامور من ايدى الامريكان والعراقيين ولن تنتهى هذه الكارثة فى المدى القريب حيث ليس هناك فى الافق ما يبشر بالخير لهذا البلد الذى مزقته الحروب والدمار وانفلات الوضع الامنى الخطير .

اليوم وبعدما اقتنعت امريكا ودوائرها التى كانت تخطط لاستراتيجيات مستقبلية بانها واقعة فعلا فى ازمة خطيرة وابتلت بمستنقع العراق العميق وهى تعلم العلم اليقين بان دول الجوار العراقى لن تسحب يدها من العراق طالما امريكا موجودة هنا وستبقى تمد الارهاب بالدعم المادى والبشرى والاعلامى وبعد ان تنامت الضغوطات الداخلية من قبل دافعى الضرائب الامريكيين والادارة الامريكية من الديمقراطيين وحتى بعض الجمهوريين واقرارهم بسياسة بوش الخاطئة فى العراق وبادوا ينتقدون هذه الساسة التى لم تجلب للعراقيين الامن والسلام والديمقراطية والحرية التى كانوا سبق وان اعلنوها قبل دخولهم العراق او اثناءها ، وما اصاب الامريكيين من خيبة امل لاستمرار الحرب وتقديم الشعب الامريكى العديد من الضحايا فى العراق دون نتيجة تذكر حتى الان فاصبحت الاصوات تنادى بسحب القوات من العراق ومع تزايد الضغوطات بادرت الادارة الامريكية الى المهادنة مع اعدائها من دول جوار المنطقة مثل ايران وسوريا والسعودية والتوجه الى الدول العربية من اجل عقد اتفاقات جزئية او لجان مشتركة كما حدث مع ابران لمعاونتها فى توفير الامن والامان للعراق وقطع دابر الارهاب .

ان اى انسحاب امريكى الان من العراق سيعرض المنطقة الى كارثة لا يحمد عقباها احد لانها بدخولها المنطقة قد اثارت جملة من المشاكل الكبيرة فى المنطقة واذا تركتها لحالها وانسحبت فان ذلك ستودى بالمنطقة الى حافة الهاوية او الكارثة وستفشل برنامجها فى ديمقرطة المنطقة وسيشجع القوى الاصولية المتطرفة فى السيطرة على الاوضاع وستعيد  المنطقة الى سابق عهدها بل والى الاسؤ من ذلك .

 لكن هل ان هذه المراهنات الامريكية على دول الجوار العراقى ستؤدى الى نتيجة ايجابية ؟ نشك فى ذلك ونستطيع ان نقول كلا والف مرة كلا ، لان اصل المشكلة هى فى وجود امريكا فى المنطقة وفى عدم ثقة اى بلد من بلدان الشرق الاوسط او بالاحرى دول الجوار العراقى لاتؤمن ولا تثق بامريكا لذافمهما هادنت امريكا هذه الدول وتقربت منها فانها ستبقى تنظر الى السياسة الامريكية بعين الحذر والتوجس وعين العدو الاول لهم والذى يريد ان تهدأ الامور ليبدأ بالتصرف فى اوضاع تلك الدول واثارة شعوبها ضدها وتغيير انظمتها الحالية والتى هى بعرف السياسة الامريكية انظمة متخلفة وغير ديمقراطية ويجب ان تزول حسب برنامجها الشرق الاوسط الجديد وهذه هى عين الحقيقة التى تعرفها كل انظمة المنطقة والتى بحق هى انطمة دكتاتورية ومتسلطة ويجب ان تزول لتحل محلها انظمو ديمقراطية تختارها شعوبها بملئ ارادتها لا ان تكون انظمة وراثية كما فى سوريا ومصر والسعودية وايران وغيرها . اذن الخلاصة هى ان امريكا لن تتمكن من الانسحاب من العراق كليا ودول الجوار العراقى لن تكف عن التدخل فى امور العراق وجعل الاوضاع اكثر سوءا ضد الجود الامريكى فيبقى الصراع فى العراق دائرا ومستمرا الى سنوات عدة اخرى وسيكون الخاسر الوحيد من كل هذا هو الشعب العراقى الذى يحاول كل طرف من اطراف الجوار ان يحوز ويستحوذ على مقدرات العراق وليبق العراقى يعانى من الكبت والاحباط ويبقى تحت مطرقة الارهاب الجسدى والنفسى فى ظل حكومة عاجزة لن تتمكن من حماية نفسها لولا وجود الامريكان فكبف بحماية 25 مليون عراقى سيتشرد من بقى منهم الى الان ليصبحوا تحت رحمة دول الجوار حيث ينؤؤن من اليأس والجوع ويمسوا ادوات بيد انظمة ودول المضيفة لهم يحركونهم كيفما شاؤوا كدمى والات رخيصة عند الطلب .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com