ألدوران في الفشل

 

 تقي الوزان

Wz_1950@yahoo.com

العودة السريعة للسيد عبد العزيز الحكيم الى العراق, وتحمله لمصاعب فترة العلاج , كشفت الوضعية التي آلت اليها قائمة "الائتلاف" , ووحدتها المهددة بالتمزق بعد خروج حزب " الفضيلة", ومواقف "التيار الصدري" التي تكاد ان تكون بالضد من توجهات القائمة. ومن المعروف ان السيد عبد العزيز الحكيم تزعم "المجلس الأعلى" بعد استشهاد شقيقه السيد محمد باقر الحكيم رحمه الله, وتبلورت زعامته لقائمة "الائتلاف" في فترة التفاعل النشط بين الاحزاب والمنظمات لتشكيل الكيانات السياسية المتمثلة بالقوائم التي دخلت الانتخابات . وبغض النظر عن الرافعات التي دعمت تشكيل قائمة "الائتلاف", ومكنتها من تحقيق " الانتصار الحاسم" كما رددتها قيادات القائمة, فأن المقومات القيادية للسيد الحكيم أكتسبت خبرتها المميزة في خضم هذا الصعود والتشكل, وبات من الصعب ايجاد شخصية بديلة لها نفس المواصفات للمحافظة على وحدة القائمة في هذه المرحلة الجديدة التي قوامها الانحدار والتفسخ, ليس لقائمة "الائتلاف" وحدها , بل لكل العملية السياسية التي بنيت على اساس المحاصصة, والاستئثار بما يمكن الحصول عليه. 

هذه العودة رغم حاجة وحدة القائمة اليها, الا انها لن تكون حاسمة في استمرار تماسكها, وفي احسن الاحوال انها ستؤجل تمزق القائمة لبعض الوقت. والسبب هو في فشل هذه الكيانات– بما فيها القائمة"الكردستانية" التي تعتبر اكثر تماسكاً من القوائم الاخرى – في انجاح العملية السياسية, وفشلها في خلق ادارة تستطيع ان تنقذ العراق من الانحدار الدموي الذي وصل اليه.

ان تشكيل القوائم جاء نتيجة البحث عن وسائل لضمان الفوز الانتخابي,  وكنا تعتقد ان القائمة" العراقية" كان معوّل عليها لعلمانيتها, وبرنامجها السياسي الوطني الواضح. الا ان عدم الحصول على اصوات كافية لتحقيق مشاركة فاعلة في القرار السياسي, وبدل الاستفادة من التركيز على نهجها العراقي امام الفشل المحاصصاتي السريع, اندفع رئيسها الدكتور اياد علاوي للبحث عن وسائل اخرى اسرع بالوصول لموقع القرار العراقي, وخلق حالة من التشتت بين اطراف القائمة, واخذ بعضهم يتقافز على مختلف الجهات للحصول على جزرة ولو صغيرة, حتى ذهب احد العلمانيين "العريقين" للتسكع في باب السيد السيستاني, في قراءة خاطئة للمشهد السياسي الذي بحاجة لتغيير توجهات العملية السياسية برمتها .

ويمكن القول ان قائمتي "التوافق" و"الحوار" البعثيتين هما الأكثر وضوح " دموي " للأستحواذ على السلطة, والموقف الذي اتخذوه مؤخرا لزيادة درجات التوتر, واستمرار ابتزاز الحكومة, وتهديدها بسحب الثقة لأسقاطها ان لم تنفذ مطاليبهم خلال اسبوع واحد, جاء نتيجة التطمينات التي حصلت عليها من حكومات الجوار "السنية", والتفاهمات التي توطدت مع الجانب الامريكي كبديل يمكن الاعتماد عليه مرة اخرى , اذا استمر الفشل الحكومي الحالي . وطرق الاخراج لهذه المسرحية كثيرة جداً .

ان اعلان الاتفاقات "الستراتيجية" الاخيرة بين "المجلس الاعلى" وحزب"الدعوة" , وبين الحزبين الكرديين الرئيسيين, ليست كافية لانجاح مشروع جبهة "المعتدلين" . طالما ان "المعتدلين " مؤسسة على نفس الاسس الطائفية والاثنية, والدليل هو تأخير اعلانها لعدم موافقة الحزب "الاسلامي" السني الانضمام اليها لحد الآن. ويخطئ من يعتقد ان مجرد تحقيق الاغلبية البرلمانية, وتمشية اجازة قانون اسثمار النفط والغاز وفق الرغبات الامريكية, سيمكنه من رضا الامريكان والاستمرار في هكذا عملية سياسية.

العملية السياسية بعد ان كانت تهم الامريكان في اغلب جوانبها , اصبحت بؤرة الصراع الرئيسية بين المشروع النووي"القومي" الايراني , والمشروع الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة الامريكية وباقي دول الاقليم من الانظمة العربية "السنية".  والقيادات السياسية العراقية عليها ان تعي كونها اصبحت رأس الحربة للطرفين, ولا يمكن التوفيق بينهما, والتوافق المبني على اولوية الوحدة الوطنية هو الوحيد الذي سينقذ العراق والعراقيين .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com