|
في ظل وضع مأساوي كاالذي يعيشه العراق اليوم، حيث التفجيرات الأجرامية والقتل اليومي المريع والفقر المدقع للكثيرين وصراع الساسة (الديكة) على مراكز النفوذ والمناصب وأستشراء الفساد في سائر مفاصل الدولة وفي أعلى المستويات وهيمنة أحزاب دينية، العديد منها لادينية (ولايحزنون!) ، أنطلقت في الأسابيع الأخيرة أصوات تنادي بقوة لتشكيل أقليم الجنوب أو تدعو الى فيدرالية في مناطق جنوب بغداد،. وربما وصل الأمر حد الدعوة لأن تشكل البصرة فيدرالية مستقلة لوحدها! وقد أنبثقت مثل هذه الدعوات في ظل فشل تشريعي وتنفيذي تشهده البلاد منذ فترة غير وجيزة! أن البعض يدعو لتحقيق الفيدرالية بشكل متسرع متذرعا بنجاحها في بلدان عديدة متحضرة ومنها سويسرا وألمانيا والهند والولايات المتحدة. لكن هؤلاء البعض يتجاهلون أو يتغاضون عن حقيقية أن الفيدرالية قد تحققت في تلك البلدان وهي في أوج أزدهارها الثقافي والعلمي والتعليمي ونضوج الأفكار السياسية فيها. أما الواقع العراقي اليوم فيشي بتسلط الكثير من الجهلة على العديد من مفاصل الدولة وتحكّم الأميين بمصائر صفوة القوم وأنزواء المثقفين وضياع صوتهم، وهو مالم يحدث حتى في زمن الطاغية صدام. وربما يتذرع آخرون بنجاح تجربة فيدرالية كردستان العراق. ونحن نرى أن الأخوة الكرد قد أستثمرا، بذكاء، الظروف التي واكبت قوات الأحتلال للعراق، فعمدوا الى التعاون مع تلك القوات لتحقيق ماظلوا يسعون بقوة لتحقيقه طيلة عقود طويلة من السنين. وهانحن اليوم نرى (أستقلال) كردستان الفعلي عن العراق رغم أبقاء خيوط عنكبوتية سوف تزول مع ضم كركوك الى منطقة (الحكم الذاتي!) بعد تنفيذ المادة140! وهاهي تصرفات الساسة الكرد المعلنة التي لاتمت بصلة الى الوطن الأم، بل تسعى الى تأصيل التوجهات الأنفصالية وأستثمار مايعاني منه العراق اليوم لأعلان الأستقلال التام. هو أذن السعي المحموم لتقسيم العراق وفق أجندة أستعمارية- صهيونية خطط لها منذ سنوات طوال. عليه يتعين على الجماهير المظلومة في جنوب العراق التي ظلت تعاني حتى هذه اللحظة أن لاتترك بعض الساسة يلعبون لعبتهم المشبوهة في تنفيذ الفيدرالية في المدى القريب. أننا نحتاج الى سنوات عديدة (ربما خمس سنوات) لتثقيف الناس حتى يدركوا ماتعنيه الفيدرالية وما هي أبعادها! ونقول لأصحاب دعاة الفيدرالية: أنظروا الى حال الشعب المكلوم ووفروا له بعض الخدمات العادية مثل الكهرباء والماء والحصة التموينية والسيطرة على مأساة السوق وتحسين الوضع الأمني فقد مل الناس زيف الكلام والأدعاءات الفارغة الصادرة من أطياف سياسية ودينية شتى لاتروم ألا خدمة مصالها الخاصة الضيقة ونهب أموال الفقراء والسخرية من ردود أفعال السذج من الناس!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |