انسحاب وزراء التوافق تداع آخر في مبدأ المحاصصة الطائفية

 

 

رشاد الشلاه

rashadalshalah@yahoo.se

حرصت جبهة التوافق العراقية على تمتين علاقاتها مع دول الخليج العربية، وكان ذلك هدفا انتخابيا في برنامجها الذي نص على " الحرص على علاقات العراق مع الدول العربية وبوجه خاص دول الخليج العربية "، وفي المقابل لم تبخل خزائن دول الخليج العربية على الجبهة، وكانت وما تزال ممولة لها بالمال والرجال والإيواء، ورغم بعض التناقض ما بين مكوناتها الثلاثة " مؤتمر أهل العراق و الحزب الإسلامي العراقي ومجلس الحوار الوطني "، إلا أن ما يجمع اطراف الجبهة تلك هو الانتماء الطائفي السني والعداء المتأصل "للفرس الصفويين" ومن شايعهم. و بسبب هذا التوصيف وجد قادة الجبهة وأعضاؤها الترحاب لدى معظم دول الخليج العربية في الصراع مع إيران على النفوذ في المنطقة الغنية بالنفط. وقد ظن قادة الجبهة أنهم قادرون عبر الدعم والنصيحة الخليجية على تدارك الخلل الذي أصاب العملية السياسية العراقية " نتيجة لرغبة كامنة في صدور بعض الكتل السياسية التي رأت في ظروف الاحتلال فرصة سانحة للتفرد بالبلاد والعباد " وفق ما جاء في برنامج الجبهة الانتخابي. فنشطت التوافق في عدة ادوار تراوحت ما بين ما تسميه" المقاومة الوطنية الراشدة " و" أهمية المقاومة السياسية القادرة على الحفاظ على الحقوق." ولكن متابعة مسيرة الجبهة منذ الإعلان عن انبثاقها في تشرين الثاني العام 2005 وحتى إعلان سحب مشاركتها في الوزارة العراقية يوم الأربعاء الماضي تشير الى خيبة أملها في تحقيق مشروعها، وأكدت ذلك في بيان إعلان الانسحاب من الحكومة بالقول ان الجبهة تعتذر لجماهيرها " عن قصورها وعجزها عن الإيفاء بما وعدت به". ومع ذلك ظلت الجبهة حريصة على الحفاظ على شعرة معاوية مع أركان الحكم العراقي فأبقت على ممثلها في منصب نائب رئيس الجمهورية وعلى ممثليها في مجلس النواب، وذلك بانتظار ما تسفر عنه جهود الوساطات العراقية و الضغوطات الخليجية على الإدارة الأمريكية التي بدورها ستوجهها على حكومة نوري المالكي.

لقد جاء إعلان انسحاب وزراء جبهة التوافق من الوزارة في الوقت الذي تزور فيه وزيرة الخارجية ووزير الدفاع الأمريكيين منطقة الخليج للترويج لصفقة سلاح تقدر بأكثر من 20 مليار دولار، ولحشد التأييد للإجراءات الأمريكية ضد النظام الإيراني، أما دول الخليج فهي بحاجة الى دعم الإدارة الأمريكية لجبهة التوافق في صراعها الطائفي على السلطة وللحد من النفوذ الإيراني في سلطة القرار العراقي، ولكن هذا الإعلان تصادف من جانب آخر في الأيام التي صوت فيها المواطنون العراقيون في جميع أرجاء الوطن وفي المنافي للانتماء الوطني العراقي وللعراق بكل طوائفة وأديانه وقومياته وليس لطائفة معينة أو للمشاريع الطائفية.

لقد كان ذلك التصويت إثناء الجذل الطافح بفوز فريق منتخب كرة القدم العراقي بكأس آسيا عفويا لم يسبقه وعيد بجهنم ولا ترغيب بحور عين ولا بولدان مخلدين. بل اقترن بمعاناة ما اجتره الإرهاب و سياسة المحاصصة و الصراع الطائفي على السلطة من ويلات وكوارث طالت جميع أبناء الوطن على اختلاف انتماءاتهم المذهبية والاثنية والدينية. وخطوة انسحاب وزراء جبهة التوافق لن تخمد أوار الاحتدام الطائفي والتفجيرات الانتحارية التي تواجه بالمزيد من الجثث المجهولة الهوية،وهي تداع آخر في مبدأ المحاصصة الطائفية بعد انسحاب حزب الفضيلة من قائمة الائتلاف العراقي في شهر آذار وانسحاب وزراء التيار الصدري من الحكومة في نيسان الماضي.

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com