|
في خطوة غير مسبوقة، قرر وزير النفط العراقي الدكتور حسين الشهرستاني،تجميد نقابات عمال نفط البصرة، وحضر التعامل معها، وعدها منظمات غير شرعية، ولا أدري هل تستمد النقابات العمالية شرعيتها من وزارة النفط،أم من عمالها الذين وضعوا ثقتهم فيها، وقد جوبه قراره بالرفض من اتحاد نقابات النفط في البصرة، الذي أعتبر القرار تدخل فج في شؤون الطبقة العاملة العراقية، ويعيد الى الأذهان قرارات الدكتاتورية المقبورة، بتحويل العمال إلى موظفين بموجب القرار150 سيء الصيت، الذي ألغى النقابات والاتحادات العمالية، وأن النقابة لن تقف مكتوفة الأيدي وسوف تقوم بالمظاهرات والإضرابات والأعتصامات احتجاجا على قرار التجميد، الذي جاء على خلفية التظاهرات التي طالبت بعدم منح الشركات الأجنبية امتيازات في القطاع النفطي، وزيادة أجور العاملين،وهذه المطالب المشروعة لا تستدعي هذا التطرف في القرارات، لأن النقابات العمالية تستمد شرعيتها من تأييد العمال لها، لا موافقة هذا الوزير أو ذاك، وهي من منظمات المجتمع المدني غير الحكومية، رغم أن الحكومة العراقية على ما يبدوا لا تعترف بالشرعيات الخارجة عن مسارها السياسي، فقد أصدر رئيس الوزراء السابق قراره بإلغاء النقابات،وتجميد أرصدتها، وقوبل قراره هذا بالتنديد وواجه الكثير من الاعتراضات، وهذا الأمر يحتاج إلى حملة تضامن عالمية، تساند مطالب العمال في بناء نقاباتهم الحرة بعيدا عن هيمنة أجهزة الدولة، وواجهاتها السياسية، وقد يدعوا التماهي إلى تنمر الدولة، واتخاذ أجرا آت أخرى لا تصب قي مص الجماهير، ويبدوا أن وزير النفط العراقي قد راجع ملفات الوزارة القديمة، للاستفادة مما عمله الأسلاف، فوجد أن تاريخ الوزارة الحافل بممالئة الشركات الاحتكارية، وجعلها أداة بيدها لتحقيق آمال الأجانب، فحاول أن يسلك سلوكهم عندما قابلوا عمال البصرة في العهد الملكي المباد ووقفوا بالضد من مصالحهم، أو ما عملوا في كاورباغي في كركوك، وما كان من تلك المجزرة التي يندى لها الحبين، وأنا أنصحه بأن لا يؤدي قراره هذا لمجزرة جديدة، فالتاريخ لا يدخل من أبواب الشر، وكان الأجدى بالسيد الوزير، أن يصرف جهده لمعالجة أخفاقات وزارته،وعدم صرف أنظار الناس لمعارك جانبية،فالشعب يجأر من وزارته بالشكوى بسبب ممارساتها الضارة وعدم قدرتها على أداء واجباتها بالشكل الذي يرضي الجماهير،فالأزمات الخانقة التي ينوء بثقلها المواطن،تدفعه لبذل الجهود من أجل تلافيها، لا مواجهة العمال الذين يبذلون الجهد،ليتنعم الأسياد بالملايين،والحمايات ولذة الحكم،فأين انجازات الوزارة في تأمين الوقود أو أنجاز المشاريع، أو معالجات الفساد الذي ينهش جسد الوزارة النحيل الذي وصل إلى درجة لا يمكن السكوت عنها، أو تجاوزها، وفاقت الوزارات الأخرى بالإخفاق في مختلف المجالات، وإذا كان السيد الوزير يمتلك هذه القوة والقدرة على الصراع،فليرينا سطوته مع المافيات المهيمنة على وزارته، وتأمين الوقود ومكافحة الفساد، والقضاء على عصابات النهب المنظم لثروات البلاد، أو قطع دابر التهريب الذي يجري في وضح النهار، بتصدير كميات لا تستطيع الوزارة الجليلة تصديرها. ولا أدري كيف يسكت ممثلي الشعب العراقي،ونوابه المحترمون على هذا التصرف،وهل هذه هي الديمقراطية الموعودة التي يحاولون بنائها في العراق الجديد،وهل من مبادئ الديمقراطية محاربة الطبقات الشعبية،وكم الأفواه المعارضة للاستعمار الجديد،،الذي يحاولون إعطاءه الشرعية بتشريع قانون الاستثمار النفطي سيء الصيت،أن المجتمع الدولي والمنظمات العالمية،مدعوة لوقفة حازمة،لإيقاف الأعمال الاستفزازية بحق عمال النفط،والسعي لتفعيل القوانين الأممية بإطلاق الحريات الديمقراطية،للمواطنين،للتعبير عن أرائهم في سياسة البلاد،ولعل التاريخ سيكتب بأحرف من نور ،المواقف الديمقراطية الرصينة،للحكومة العراقية،التي أخذت تنهج نهجا يتعارض وأبسط المبادئ العامة لحقوق الإنسان،وعلى الأحزاب الوطنية، وفي طليعتها الحزب الشيوعي، أن تأخذ دورها التاريخي في الدفاع عن الطبقة العاملة العراقية، ومساندتها في مطالبها المشروعة،والوقوف بوجه الهجمة الشرسة للقوى الجديدة التي تحاول بناء دعائم الاستغلال الطبقي،بواجهات عقائدية لا تتلاءم ومنطق العصر،مما يستدعي حملة تضامن عالمية مع عمال العراق لإيقاف المد الجديد،الذي يحاول بكل الطرق سحق الطبقة العاملة وأعادتها إلى العصور المظلمة،والالتفاف على القوانين التي أكتسبها العمال بنضالهم المجيد عبر مئات السنين. المجد للطبقة العاملة العراقية،والنصر المؤزر للقوى الوطنية في دفاعها من أجل بناء العراق على أسس من العدالة والمساواة،وإزالة الفوارق الطبقية،وبناء المجتمع السعيد.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |