|
ضحايــــــــا الأمس ... جروح لما تــندمل
خالد شاتي بعد أن تنوعت فئات الضحايا في عهد النظام السابق بتنوع اساليب بطشه واستبداده فمن عمليات الاعدام التي طالت الكثير من الشباب بتهم معدة سلفا الى اعتقال الكثير منهم وزجهم في اقبية السجون والمعتقلات بتهم المعارضة السياسية له الى قطع اذان الفارين من الجيش في عملية سادية لم يشهد لها تاريخ العالم من مثيل الى الارامل والايتام الذين كانوا ابائهم وأزواجهم وقودا للحروب الكثيرة التي غامر بها النظام نفسه الى عزل العوائل المتهمة بعدم السير في خط الثورة والحزب عن الحياة الاجتماعية فلا احد يستطيع التقرب منهم حتى لا تناله ما نالهم وذلك كانت الخسائر هنا نفسية وقيمية وسلبية الى الكثير من المظلوميات التي لا تعد ولا تحصى وهذابحد ذاته اسلوبا قسريا وعاملا مساعدا لتفكك النسيج الاجتماعي والاسري،وبهذا التنوع الملحوظ فان الضحايا لا يمكن ان يعدهم حزب او منظمة انسانية او حكومية يمكن ان تحصي تلك الاعداد الهائلة وتستطيع ان تتعامل معهم وفق القوانين الموضوعة والتي ما زالت في طور التكوين والكثير منها ما زال في صفحات دستورنا الجديد لم ترى النور بعد مع ان هناك مؤسستان هما في بداية الطريق واقصد بها مؤسسة السجناء السياسيين ومؤسسة الشهيد الا ان الظروف التي تحيط بهاتين المؤسستين جعلتهما يمشيان ( الهوينة) في سبيل تحقيق تلك الاهداف المعطلة من تعويض عوائل الشهداء ورفع الحيف عنهم الى تعويض السجناء السياسيين عن الظلم والعزل والتعذيب الجسدي والنفسي على يدي نظام البعث البائد؟
الضحايا والمؤسسات الحكومية:- مع ان العملية السياسية في العراق تعيش مخاضات صعبة جعلت منها حكومة تقف ضد التيار كما يقولون وهذا التيار مرة يكون فقدان الامن واخرى انعدام الخدمات كليا الى عدم توفير فرص العمل الى الكثير من الواجبات الملقاة على كاهل الحكومة التي انتخبت من قبل الشعب والتي تمثل اغلب اطيافه السياسية، لذلك فان دور المؤسسات الحكومية دورا خاملا لا يرقى الى مستوى العمل فضلا عن الانجاز الذي يمكن ان تحققه هذه المؤسسة أو تلك والسبب الرئيس لتلك الاخفاقات هي (المحاصصة الطائفية) التي نخرت الجسد العراقي وعاثت به قتلا وعجزا وفسادا فاضحت المؤسسات الحكومية التي يمكن أن تهتم بشؤون الضحايا عاجزة وجامدة فلا يمكنها ان تتعامل مع ملف الضحايا تعاملا ايجابيا تستطيع معه ان تعوض ذوي الضحايا تعويضا ما ديا ومعنويا تستطيع معه تلك العوائل ان ترفع حالات العوز والفقر المدقع التي عانت منه اربعة عقود خلت وحتى قوانين التعويض اذا لم تجد الاجواء المناسبة لتطبيقها تبقى مختبئة في صفحات الدستور التي لم تشهد التطبيق لحد ألان، فكيف يمكن أن تنجح في تطبيق القوانين وهي مؤسسات تحكمها الفئوية والحزبية وانتماءات كثيرة لا دخل لها بالوطن واهله همها الاستحواذ على مقدرات الناس عموما والضحايا خاصة وان اعتماد مثل هكذا قوانين في ظل ظرف امني شائك جدايعتبر ضربا من الخيال او ربما ترفا حكوميا لا تحتاجه الان باعتبار ان الجميع يعيشون حالة استثنائية ناهيك عن الضحايا الجدد الذي اخذوا بغير جريرة او هدمت ديارهم على رؤسهم من قبل قوات الاحتلال او الكثير من المظلوميات الاخرى كل تلك المسميات الا تنظوي تحت مسمى الضحايا ايضا لذلك فان المؤسسات الحكومية التي يمكن ان تعنى بشؤون الضحايا لم يكتب لها الوجود الى الان وان وجدت فهي ضعيفة وعاجزة مرة باسم التمويل واخرى باسم المحاصصة وغيرها بتخصيص الارض التي تبنى عليه المؤسسة المعنية وهكذا؟
الضحايا والمؤسسات الخيرية:- سمعنا عن الكثير من المؤسسات الخيرية التي أنشأت بعد سقوط النظام السابق والتي ترفع شعارات كثيرة كمؤسسات رعاية الأيتام والأرامل ورعاية المعوقين وغيرها من المؤسسات التي يمولها أو يديرها بعض الشخصيات السياسية مع ما تقدمه من دعم لهواء الضحايا ألا أنها لا ترقى إلى مستوى التامين الكلي للحاجات الضرورية لحياتهم بسبب قلة العطاء أو عدم مسايرته للارتفاع الهائل في أسعار المواد الغذائية ومستلزمات الحياة الأخرى. وحتى بعض تلك المؤسسات وهمية همها التعامل مع بعض الهيئات في الخارج لاستحصال بعض الأموال والاستحواذ عليها من دون أن تعمل شيئا لما تمثله من ضحايا بل تذهب إلى أكثر من ذلك من خلال التفاخر والاستعلاء على الآخرين والاستهزاء بهم ولأنه لا يوجد قانون ينظم عمل تلك المؤسسات ويراقب أدائها بل حتى يمولها فقد فقدت الكثير من تلك المؤسسات مصداقيتها لأنها تعتاش على الضحايا من خلال اخذ المال منهم بدعوى استحصال الهويات وترويج المعاملات وغيرها من الحجج الواهية التي يبتكرها أصحاب تلك المؤسسات؟ أما ما يمكن أن ينجز من خلال تلك المؤسسات الخيرية فإنها انجازات بسيطة وقليلة ولا يمكن أن تعد ضمن نطاق التعويض عن الحيف والظلم بل يمكن أن نسميها بكل صدق وشفافية صدقة أو حسنة مع أن مَن قدم نفسه في سبيل الخلاص من الدكتاتورية أو الظلم شهيدا أو معتقلا أو غيرهم لا يمكن أن يعوضهم مال أو عطاء أخر من باب(الجود بالنفس أقصى غاية الجود) . نعم هناك بعض المؤسسات الخيرية كانت صادقة كل الصدق في تبني هموم الناس من خلال مواصلة تامين بعض الأموال والحاجات لهم والتقليل من ثقلهم المعيشي الصعب وهذا الوضع يحسب في مصاف التبشير بمؤسسات خيرية ووطنية تعنى بجميع المحتاجين ومن ليس لهم دخل مالي أو معيل؟
الضحايا والمراهنات السياسية:- مع شديد الأسف أصبح ملف الضحايا مسيسا بعد أن كان يحمل الطابع الإنساني والوطني الخالص والذي كان يسجل تاريخا بطوليا في سفر نضال الشعوب في سبيل الخلاص من الأنظمة الدكتاتورية والشوفينية لا سيما أننا نعيش في القرن الحادي والعشرين الذي يحمل بين طياته التبشير بأنظمة ديمقراطية تتبنى الخيار الحر في النظرة إلى مشروع تداول السلطة والانتخابات وغيرها من السمات القيمية التي تحفظ للمواطن حقوقه وتجعل منه قيمة حضارية كبيرة. لكن ما يجري في العراق الان مختلف كل الاختلاف فقد سيست قضية الضحايا بعد مشروع المحاصصة الطائفية ولان أغلبية الضحايا أن لم نتطرف ونقول كلهم كانوا ينتمون لطائفة أو فئة بعينها والتي تعتبر الأغلبية في الوطن فان تلك الصفة لم ترق للكثير من السياسيين الذين وجدوا في ذلك شرعية تضاف إلى شرعية خصومهم أو مَن يشاركهم السلطة فقد غيبوا ذلك الملف طويلا بدعاوى وحجج اقرب ما تكون إلى الزيف والغش منها إلى الحرص على الميزانية المالية لان الكثير من الفر قاء ممن لم ينتموا إلى ملف الضحايا اخذوا يروجون إلى أن ميزانية الدولة لأتسمح بإعطاء الضحايا حقوقهم أو أن الظرف لا يسمح بذلك وهكذا بقيت عوائل المضحين من أبناء العراق البررة تعيش شظف العيش والحاجة وسط استغراب جماهيري كبير لما يجري من حالات التغييب المتعمد لمثل هكذا ملفات حتى حسبت إخفاقا كبيرا يضاف إلى الإخفاقات الكثيرة التي نعيشها الان مع أن بعض الأطراف الحكومية تسعى إلى تفعيل ذلك الملف إلا أن الضغوطات الكثيرة التي تعاني منها جعلت من تلك الأطراف تنشغل عن ذلك التفعيل بأمور تعتقد أنها الأهم والأفضل لا سيما بعد فقدان الأمن وانعدام الخدمات أو ربما لأنها تعتقد أنهم أي الضحايا (من أهل البيت) وآهل البيت يتحملون ويصبرون عليهم من باب(بلادي وان جارت علي عزيزة ... وأهلي وان شحوا علي كرام) إلا أن ذلك لا يصب في مصلحة الحكومة أو مشروعها ألتغييري الجديد ولأننا تعودنا على أسس الأمر والمراقبة وليس على روح المبادرة والتخطيط المستقبلي فإننا ندعو إلى تفعيل القوانين المختصة بمثل تلك الملفات لما لها من أهمية قصوى تنأى عن النظرة القاصرة إلى نظرة إنسانية وقيمية كبيرة تحفظ للضحايا حقوقها وتحترم دمائها وجوهرها الإنساني الكبير في بلد يحاول أن يستفيد من التجربة الجديدة في احترام القوانين والعمل على تطبيقها؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |