|
إن الحراك غير المبرمج وانتهاج سياسة التهديد والضغوط والابتزاز تعد سياسة غير مجدية لتعطيل عمل الحكومة والبرلمان، ولن يعيد العراق الى عهد الديكتاتورية والرمز الاوحد، ولا رابح من تداعيات الانفعالات غير المدروسة والتي ستنعكس على الملف الامني، الا أن الرهان من خارج الحدود سيدفع الى نتائج خطيرة لصالح المتاجرين بالدماء ممن ازدادت ارصدتهم عبر سياسة التشكي والتباكي والاستجداء باسم هذه الفئة او تلك، ففي الوقت الذي يعيش فيه العراق حراجة الموقف المتأتي من الارهاب والفوضى لاعطاء صورة مغايرة عن الواقع الوطني بدليل الانسحاب غير المبرر كون التوافق من الكتل المساهمة في الحكومة وشاركت في الانتخابات وتشكيل البرلمان وكتابة الدستور وهي عضو مشارك في العملية السياسية، وعليه يجب فتح ملف العلاقات الداخلية ومراجعة المواقف عبر القنوات الدبلوماسية والابتعاد عن المصالح الذاتية، فالامن والمصلحة العراقية ستتطور كلما اقتربنا من المصالحة الوطنية باعتماد القواسم المشتركة والمقاطع الاستراتيجية لتبديد المسائل العالقة عبر القنوات الدبلوماسية، فضلاً عن تجسير الاهتمام الرئيس بتعبئة المؤسسات السياسية والكتل للسير باتجاه المواطنة لان ذلك بالتالي سيقود لتكوين حكومة ذات فعالية أكبر، فإن الفهم والنضج الوطني هو طريق الديمقراطية ، اذ ليس هناك خيار آخر للتقدم والخروج من الازمات التي تصب في خانة اعداء العراق الذي يمر بمفترق حقيقي بعد أن اتضحت المؤامرات، وكشف المشهد عن حقائق ساطعة لم يعد بمقدور احد مهما امتلك من قدرات او زعم أن بمقدوره ان ينكرها وهي ان العراقيين محكومون بالتعايش السلمي وان لا سبيل غير ذلك، بل لابد من مشاركة الجميع على قاعدة تكافؤ الفرص وحقهم في الاختيار الحر لممثليهم اذا ما اريد بناء عراق ديمقراطي تعددي دستوري فيدرالي تحترم فيه حقوق الانسان وتسود فيه سيادة مؤسسات القانون وينعم شعبه بالحرية والامن والاستقرار. ومما يؤسف له رغبة بعض الاطراف العربية لاسيما الاقليمية منها التأثير أو ممارسة دور سياسي داخل العراق وهي ما تزال محكومة باتجاهين: احدهما عاجز تماما عن صناعة خط التماس مع واشنطن وبالتالي مقيد بتصوراتها وخططها، وغير جاهز لتقديم مبادرة حقيقية للخروج من الازمة، والآخر بدافع المناورة مع الأخيرة بحثنا عن اوراق تمكنه من تجاوز مشكلاته معها، وهو هنا يستخدم القضية العراقية بشكل محسوب لتحقيق توازن من نوع ما في علاقاته الاقليمية والدولية، وهما في الحالتين رهينا الكثير من الشعارات الواهية التي لازالت تدوي في عقولهم ممن يعتقدون ان الطريق الى بغداد يمر عبر القدس، باعتبار ان القضية الفلسطينية هي مفتاح التعاون مع الاوضاع الشرق اوسطية، بما تشهده من ازمات مختلفة حسب فهمها لتأكيد شعار البعث المقبور ـ الطريق معبد من بغداد الى القدس ـ غير أن الوصول الى الاستقرار في العراق يتطلب استخدام سياسة العصا الغليظة ضد القوى الارهابية، وتدجين الأخرى باعطائها الفرصة لتعود الى رشدها، واعتماد خطة البناء الاقتصادي من اجل معالجة البطالة، كعناصر اساسية تسهم في خفض التوتر وبناء الدولة الا ان فهم الخصم ومطالبه غير المشروعة يعقد الامور لتقديمه الحل الخارجي بالتعامل مع حكومات المنطقة مباشرة، اذ لابد من وضع حد حقيقي لتلك الانتهاكات التي ساهمت بمفاقمة الوضع الامني بما في ذلك عمليات الامداد بالسلاح وأحزمة الموت وزج المجموعات التكفيرية واحياء نشاطها من عناصر من جنسيات مختلفة وتسهيل مهمة اقامتهم وتصديرهم بطرق غير قانونية وشرعية ليحصدوا ارواح الابرياء من العراقيين تحت مسمى (مقاومة المحتل) وصدق شاعرنا حين قال: متى يبلغ البنيان يوما تمامه اذا كنت تبني وغيرك يهدم
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |