|
3 – الفساد الفساد كان موجودا فى العراق بانواعها السياسى والاجتماعى والمالى والخلقى وكانت المسألة نسبية من منطقة لاخرى حسب نمط السكان الذى كان يعيش فيها، ولم يكن مستشريا ولم يكن بامكان الباحثين تعميمها عراقيا وكانت تتوقف ايضا على نوع السلطة التى تحكم البلد والقونين الاجرائية بحق مرتكبى الفساد سواء كانت فى اجهزة الدولة ومؤسساتها او فى المجتمع عامة . اعد حرب الخليج وفرض الحصار على العراق انتشرت كل انواع الفساد بشكل لم يسبق له مثيل وبشكل غير معهود ، حيث كان العديد من ذوى المراكز واصحاب الظائف فى الدولة العراقية مستعدين لبيع اية معلومات سرية للدولة او وثائق لقاء المال وخاصة الذين كان دخلهم محدودا او كانوا محرومون من امتيازات النظام الصدامى . حيث كان راتب الموظف او العسكرى لا تكفيه لوحده فقط عدة ايام فكيف الامر لاعالة اسرة كاملة بهذا الراتب الضئيل، وكذلك ادت معاناة العديد من الاسر الى ان تعرض اعز شئ للبيع من المدخرات والارصدة وحتى الجسد . بعد سقوط النظام واحتلال العراق ودخول الاحزاب السياسية الى الساحة العراقية واستيلائهم على السلطة والمؤسسات المهمة للدولة سالت لعابهم للموارد المالية الكثيرة فانتهزوا الفرصة كى لاتفوتهم لانهم كانوا على علم بان هذه الفرصة لن تتكرر ثانية فاستولوا على كميات ضخمة من الايرادات الوطنية من المبالغ التى استولوا عليها بكل الوسائل ولم يكن مهما لهم ان كانت هذه الوسائل شرعية او غير شرعية المهم ان يثروا من موارد الشعب العراقى قبل ان يتركوا كراسى الحكم والمسئولية . والفساد انواع كثيرة ومن التى شاعت وانتشرت فى العراق او شاعت بعد سقوط النظام ولو كانت موجودة ولكنها استفحلت وسنذكر اهمها التى اثرت على وضعية المجتمع العراقى : 1 – الفساد المالى: يعد هذا النوع من الفساد الاكثر شيوعا وانتشارا الان فى المجتمع العراقى بدأ من القمة اى السلطلت العليا فى الدولة العراقية ونزولا الى العامل والفراش والحارس والمستخدم ، فكم من المبالغ الضخمة هربت الى الخارج واكتشفت من قبل الاجهزة الحكومية فى الاردن وبيروت ودمشق وغيرها من الدول التى حاول اصحابها تسفير تلك المبالغ اليها ومن ثم الهرب من العراق ليعيش فى احدى هذه الدول فى بحبوحة ودون ان تصل اليه يد العدالة للشعب العراقى . وقد حاول كل من موقعه ان يؤمن لنفسه قدر من المال الحرام كى يؤمن حياته بعد طرده واخراجه من فوق كرسى المسؤولية، ونذكر القصة الواقعية من دائرة ذات مردود مالى حيث اقدم الحارس الى ادخال سيارات اهلية الى كراج سيارات المخصص للدائرة مقابل الف دينار لكل سيارة وعنما انكشف امره استدعاه المسئول فى الدائرة للتحقيق معه وقال له كيف تتصرف هكذا بممتلكات الدولة فاجابه الحارس سيدى لقد رأيت واحسست بانكم جميعا تسرقون وتنهبون مال الدولة والدائرة فقلت لنفسى انا ايضا ساتصرف مثلهم ولكن بطريقتى الخاصة، هكذا وصلت الامور فى مؤسسات ودوائر الدولة الصغيرة فكيف بالكبيرة فحدث ولا حرج . وهناك المئات بل والالاف من القصص التى تروى عن هذا الواقع المر فى عراقنا اليوم وهناك قصص حقيقية وواقعية ولكن فى النهاية من كان كبش الفداء او الضحية كان امثال ذلك الحارس السئ الحظ ولم تطال يد الاجراء والقانون اولئك الذين يأخذون بناصية المسؤولية والحكم . وعندما تحين الفرصة وتحت الضغط الشعبى لاتخاذ اجراءات ما فانها تتخذ بحق الافراد والموظفين البسطاء ولن يتم اخضاع اى مسؤول كبير للمحاكمة واكثر الاجراءات قساوة بحق هؤلاء المسئولين يكون اما التقاعد بما كان يملكه من امتيازات سابقة ان لم تضف له اخرى لانه قدم خدمات مميزة لبنى منطقته خلال فترة وجوده فى ذلك المنصب او المركز او يحولونه الى دائرة اخرى ليسرق هناك كونه غريب فى موقعه الجديد ولا احد يعرف سجله الملئ بالنياشين والاسمة السحرية فى النزاهة والاخلاق. او يوفرون له مبلغا ماليا كبيرا ويرسلونه الى الخارج ليتوارى عن الانظار فترة وينسى الناس امره لاعادته بعد فترة ويحيطون حوله هالة بعد ان يشترى لنفسه شهادة دكتوراه فى تخصص معين ليكون مؤهلا لاستلام منصب اكبر من ذى قبل. اية مهزلة نعيشها فى عصرنا الحالى فى العراق الجديد وفى ظل ديمقراطية العراق الجديدة . 2 – الفساد الادارى: امسى الان من اكثر انواع الفساد شيوعا فى عراقنا الجديد من حيث اداء الموظفين او رءساء الدوائر الذين يجلسون على كراسيهم الهزازة وراء ابواب مقفلة الا لمن كان قريبا له او من عيلته وعشيرته او حزبه او من اصدقائه الذين ترتبطهم مصالح مادية او غيرها ويكون جل حديثهم عن اخر موديلات السيارات او اخر تصاميم الفلل الاوربية الحديثة التى وصلت للبلاد فى حين ان اكثرية الشعب العراقى يعيشون تحت الخيم او فى الاكواخ او البيوت التى لاتصلح لان تكون مأوى للانسان او يلتحفون السماء . الترشيحات للتعيينات او الايفادات او البعثات فهى محجوزة مسبقا فى اكثر الاحوال لمن لمنتسبى الاحزاب ومن ثم لاقرباء وذوى المسئولين وان لم يتوفر النصاب من هؤلاء فسينتقل رئيس الدائرة او المسؤول الى الاقربين ومن ثم الى العصبة والى العشيرة والاصدقاء وان لم يتوفر ضمن هذا الجمع كله عندئذ يعلن للملأ مع العلم ان اية وظيفة ومهما يكن متواضعا لن تمنح لاى شخص الا ان يكون مزكيا من قبل حزب ما واعرف الكثير من الخرجين من كليات مهمة ولم يتم تعيينهم او تعيينهن لانهم لا ينتمون للحزب المسيطر فى المنطقة المعنية ولدى نماذج من البصرة ومحافظات عراقية اخرى ناهيك عن البحث فى الدوائر فان الموظفين فى العديد من الدوائر يجلسون ويتسامرون الاحاديث اثناء الدوام والمراجعين ينتظرونهم لانجاز معاملاتهم او ان بعضهم يضعون العوائق امام المراجعين كى يبتزوا منهم مبلغا من المال وكم من حالات حدثت فى العديد من الدوائر ان المواطن الذى لن يكون له صديق او معارف فى الدائرة المعنية ستبقى معاملته لعدة ايام لا تنجز . 3 – الفساد اليساسى : انتشر هذا النوع من الفساد فى فترة احتدام الصراع على السلطة بين الاحزاب والقوى السياسية فبدأت بشراء الانسان بالمبالغ كى يضمن عدم التجائه الى الطرف الاخر او ان الحزب الفلانى قد قام نتيجة لهذا الصراع باحتضان القبيلة الفلانية والعشيرة الفلانية من اجل ضمان ولائهم لهذا الحزب او ذاك وكان نتيجة كل ذلك هدر العديد من المبالغ التى لو خصصت ووزعت بعدالة لغطى حاجة اكثرية المعدمين من العراقيين . من ناحية اخرى ادى شراء الولاءات الى قيام الاحزاب بقبول وترشيح ذوى هذه القبائل والعشائر فى مراكز مسؤولية ومناصب مهمة وهم لا يستحقونها او غير اكفاء بالمرة وغير مؤهلين لهذه المراكز مما ادى الى الاستياء العام من لدن الشعب الذى كان يطمح ان يتبؤ المناصب والمراكز المهم اناس اكفاء ويخدمون شعبهم لا ان يعملوا ويكدوا من اجل ملأ جيوبهم وجيوب توابعهم . ان الاحزاب قد تمكنت خلال فترة زمنية قصيرة من جمع مبالغ خيالية فكيف اتت هذه الاموال ومن اين الم تكن تلك الاموال ملك للشعب العراقى مهما واين يكن مصدره لان هذه الاحزاب تنادى بتمثيل مصالح الشعب افلا يعنى هذا ان الاحزاب هى ملك للشعب ام ان الاحزاب كل منها تمثل مصالح طائفة او مجموعة من منتسبيه وليس كل منتسبيه عدا المحظوظين والمقربين واعدادهم قليلة جدا . 4 – الفساد الاجتماعى او الخلقى: سبق وان تحدثت عن ذلك فى مقال سابق وهو مرتبط بهذا العنوان حيث ادت الاوضاع الجديدة الى تفرقة شمل العوائل وتسابق الاهل والاقرباء وراء المال والمصالح وتناسوا علاقة الرحمة والانسانية التى تجمع بعضهم ببعض وامسى الانسان مستعدا لان يخون اهله وشقسقه وصديقه من اجل مصالح مادية وامسى القتل وسفك الدماء ظاهرة طبيعية عند العديد من ابناء العراق الذين كانوا يفجعون بمجرد سماع القتل او الذبح وامسى اليوم من الامور الطبيعية .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |