|
الكيل بمكيالين مفهوم ومصطلح بدأنا نسمع عنه بكثرة خصيصا بعد انتهاء الحرب الباردة واستحواذ الولايات المتحدة الامريكية على العالم، حيث بدأت هذه الدولة وتحت مفاهيم وشعارات متعددة رسم خريطة جديدة للعالم حسب ما تقتضيه مصلحتها. ومن الطبيعي ان يكون السلوك المبني على المصلحة الخاصة متعارض مع اسس العدالة واحقاق الحق ونصرة المظلوم، ومن هذا المنطلق نشأ ت واقعة الكيل بمكيالين، اي ان الولايات المتحدة تهرع لنصرة المظلوم حينما يتطابق هذا الفعل مع مصلحتها الخاصة، وتحجم عن ذلك أو حتى تقف مع الظالم عندما يكون الوقوف مع المظلوم متعارض مع مصلحتها الخاصة أو متقاطع مع استراتيجيتها العامة. الى هنا نحن نفهم الكيل بمكيالين، اي نفهمه عندما يمارس من قبل اقوى دولة عسكرية في العالم، اما ان يستورد هذا المنحى في السياسة من قبل احزاب محلية، أو حكومات لدول صغيرة، فهنا بالضبط يستعصى الفهم علينا! واذا ما تناولنا هذا المفهوم اخلاقيا لنقراءه بوضوح نصل الى الاستنتاج الخلقي التالي: المفروض بكل فرد ان لا يلجأ الى انتقاد شخص على تصرفاته المشينة، في وقت يكون تصرفاته اسوء من ذلك. وهنا اود ان اوضح بأننا على مستوى الافراد كنا ولا نزال ننتقد وبشدة سياسات العهد البائد تجاه شعبه، ولكننا نشهد اليوم ممارسة نفس السياسات القديمة من قبل الحكومة الحالية. فقبل ايام هز انفجار رهيب ناحية امرلي التركمانية، حيث سمع دوي هذا الانفجار في قضاء كفري على بعد اكثر من 35 كم. وظلت حكومة نوري المالكي والقيادات الكردية في وضع المتفرج على هذه الفاجعة (القيادة الكردية تدعي بأنها تريد ان تحافظ على البنية التحتية للمنطقة). واعقب هذا الانفجار انفجار اخر رهيب وبنفس الطريقة (باستخدام شاحنة) في كركوك وفي منطقة تسكنها اكثرية كردية (اصبحت هذه المنطقة اكثرها كردية بعد الاحتلال 2003 نتيجة لنزوح العوائل الكردية من شمال العراق ودول الجوار). وفي نفس اللحظة انهالت الاستنكارات والتهديدات من قبل السيد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورؤساء الاحزاب السياسية، والسفير الامريكي في بغداد، وقائد القوات الامريكية في العراق. وتبع ذلك ارسال الجرحى الى المستشفيات الشمالية بدون استيفاء الاجور عكس ما شاهدناه من اهمال لاهالي ناحية امرلي التركمانية ، وبدأت المواد الطبية والمساعدات المالية والعينية تنهال على متضرري فاجعة كركوك حصرا. وهنا لانجد حراجة في سؤال الحكومة المركزية: أهكذا تعاملون شعبكم؟ هل تعلمتم مبدأ الكيل بمكيالين! أو لم تكونوا في المقدمة في انتقاد حكومة صدام حسين، حينما قسم العراق الى تكارتة وغيرهم! وكذلك الحال بالنسبة للسيد رئيس الجمهورية الذي تبرع بمخصصاته الرئاسية الخاصة الى شهداء وجرحى فاجعة مدينة كركوك، اهكذا تعامل شعبك يا سيادة الرئيس؟ أهذه هي الديمقراطية والمساواة التي تبشرون بها...
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |