|
مع كل أنسداد في مجاري العملية السياسية, تعود نغمة المؤامرة العسكرية التي تبغي اسقاط حكومة " الوحدة الوطنية". ويبدو ان الأنسداد هذه المرّة سيؤدي الى انفجار المثانة وتسميم البدن بالكامل, ولن ينفع تنفيس أجتماعات " القُمة" بين رؤساء الكيانات السياسية المتناحرة, والتي تعتقد ان العالم والأمريكان سينتظرون ما تجود به قرائحهم الى مالا نهاية. والحديث عن المؤامرة من قبل قائمة "الائتلاف ", وبصورة اقل من قبل " الكردستانية " أصبح لازمة مع كل فشل كبير يهدد بفقدان السلطة, او الدخول في صراع دموي اكثر وضوح يزحزح الأستئثار الكبير بها من قبل هذه الاطراف . لقد وضعت هذه القيادات نفسها في دوامة الصراع الذي اخذ يستفحل بين المشروع القومي الطائفي الايراني والمشروع الامريكي. وتظن نفسها بأنها اذكى من القائمين على المشروعين, ويمكن الأستفادة من "اللعب" على الحبلين, وخصوصاً القائمة " الكردستانية". وفي استدراك بسيط لمشروع القرار الامريكي البريطاني الذي اقر من مجلس الامن بتوسيع مهمات مشاركة هيئة الامم المتحدة في العراق, يوضح الاستعداد المدروس لقوات التحالف ل" الأنقلاب", وتبديل وسائل العمل مع هذه القيادات الفاشلة التي تكاد ان تطيح بالمشروع الامريكي بالكامل. ونحن نعرف ان هيئة الامم المتحدة ليست دولة, وليس لها جيش, وقرار توسيع مشاركتها في العراق ليس أكثر من مظلة قانونية يجري العمل تحتها لتغير مقومات العملية السياسية, والتي تخافها وتسميها بعض القيادات ب"الانقلاب". السائق الامريكي لعجلة الحمل العراقية, سار منذ سقوط النظام السابق بالطريقة التي ارادتها موجات الاندفاع الطائفي الشيعي والقومي الكردي, واخذ بتعليماتهما كأدلاء جلسوا في صدر الحافلة, وتركوا الباقين من السنة والاطراف الاخرى كالعلمانيين والقوميين والديمقراطيين ينحشرون في حاوية الحمل, ولاتربطهم رابطة بتوجيه الحافلة. وبعد ان ادرك السائق الامريكي ان الدليل الشيعي هو سبب النفوذ الايراني الى كل العراق, والدليل الكردي اخذ ينفش ريشه بدون سبب لأستفزاز حلفائه الاتراك, وحفر الطريق ومطباته تحولت الى برك دماء, والعجلة تكاد ان تتوقف. عندها بحث السائق عن دليل أخر وطريق أخر . ومن السذاجة, او القفز على الواقع ان لايقر بأن البعثيين بعد ان استوعبوا هزيمة النظام الصدامي المقبور, تمكنوا من اعادة تنظيم صفوفهم, وتسلقوا مسؤوليات في اغلب الاحزاب الدينية السنية والشيعية, وبالذات الاحزاب والحركات التي نشأت بعد سقوط النظام مثل المكونات الطائفية السنية, والتوابين الذين دخلوا جيش المهدي وباقي التنظيمات الشيعية, وقبلها الجحوش في التنظيمات الكردستانية. وتمكنوا من جر هذه التنظيمات الى ارتكاب ابشع الجرائم, وخلطوا الاوراق, واوصلوا العملية السياسية الى عنق الزجاجة الحالي وساعدهم في ذلك سذاجة القيادات الطائفية الشيعية, والقومية الكردية, واندفاعاتها الفئوية التي اضعفت الثقة بوطنيتها. والجانب الآخر الذي استفادوا منه نتيجة فشل هذه القيادات, اقناع السائق الامريكي بأنهم الدليل الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه– كما في المرات السابقة- لتحجيم وايقاف النفوذ الايراني, وعدم اسفزاز الآخرين من دول الجوار, وتمكين الامريكان من تحقيق مشروعهم. ويمكن القول ان البعثيين اصبحوا " الجوكر " في اخراج العملية السياسية من عنق الزجاجة, والدليل البديل للسائق الامريكي, وسيقذف بالآخرين الى حاوية الحمل. فهنيئاً للشعب العراقي بهذه القيادات التي انتخبها, وهنيئاً للأمريكان بمهازل هؤلاء القادة وسهولة تبديلهم, وهنيئاً للبعثيين بعودتهم .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |