|
تمرالعملية السياسية الجارية في العراق اليوم, بأزمة سياسية حادة تكاد أن تكون الأخطر على الأطلاق منذ إنطلاق هذه العملية قبل أربعة أعوام. فمن ناحية تزداد الضغوط الشعبية والرسمية على الحكومة مطالبة بتحسين الأوضاع الأمنية والخدمية للمواطنين الذين يعانون ألأمرين من فقدان الأمن من جهة, ومن إنقطاع التيار الكهربائي وشحة المياه والوقود من جهة أخرى. ومن ناحية أخرى تزداد الضغوط التي تمارسها كتل وأحزاب سياسية على رئيس الوزراء العراقي في محاولة لأحداث تغيير في الواقع السياسي العراقي ربما يفضي إلى إسقاط حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها السيد نوري المالكي الأمين العام لحزب الدعوة الأسلامية. فبعد إعلان حزب الفضيلة إنشقاقه على الأئتلاف العراقي الموحد , تبعته الكتلة الصدرية التي سحبت وزرائها من الحكومة. واليوم أعلنت جبهة التوافق إستقالة وزرائها فضلا عن نائب رئيس الوزراء من الحكومة. فيما لوحت كتلة العراقية بنيتها سحب وزرائها هي الأخرى في الأيام القليلة القادمة. وأما التحالف الكردستانية فهي الأخرى بدأت تلوح بالأنسحاب في حالة عدم مضي الحكومة قدما بتطبيق المادة 140 من الدستور والمتعلقة بتقرير مصير مدينة كركوك. ومع إقتراب شهر أيلول المقرر فيه رفع السفير الأمريكي وقائد القوات الأمريكية في العراق, تقريريهما إلى إدارتهما في واشنطن عن الوضع العراقي, يمكن تفهم حجم الضغوط الهائلة التي تتعرض لها الحكومة الحالية . فهذه الأنسحابات ستترك ظهر الحكومة مكشوفا وستترك الباب مفتوحا أمام العديد من الأحتمالات التي ربما لايحبذها السيد نوري المالكي ولا التحالف الذي يقف خلفه. وفي ظل هذا الواقع المعقد يتسائل المرء عما يستطيع رئيس الوزراء فعله وعن الخيارات التي يمتلكها للخروج بالحكومة والعملية السياسية من الأزمة الحالية العاصفة. ولاتبدو الخيارات أمام السيد المالكي متعددة بل تنحصر بين خيارين لاثالث لهما. وأولهما هو إستمرار الحكومة بعملها بغض النظر عن هذه الأنسحابات , وهذا الأمر غير ممكن إلى المالانهاية إذ لابد للمالكي من تقديم مرشحين جدد لشغل المناصب الوزارية الشاغرة . وهنا لابد من الحصول على الأصوات المطلوبة في البرلمان لغرض تمرير المرشحين الجدد بغض النظر عن كونهم من داخل الكتل البرلمانية او من خارجها. ولاتبدو هذه المهمة بالهينة خاصة إذا ما أخذنا بنظر الأعتبار عجز السيد رئيس الوزراء عن إقناع البرلمان بمرشحيه للوزارات التي شغرت بإنسحاب الكتلة الصدرية رغم مرور عدة أشهر على ذلك. وفي حالة عدم نجاحه في كسب الأصوات اللازمة في مجلس النواب فعندها لابد له من تقديم إستقالته طوعيا أو إجباره على ذلك من خلال طرح الثقة بحكومته. ولذا فإن مفتاح حل الأزمة الحكومية تمسكه الكتل البرلمانية وإن أراد المالكي إستمرار حكومته فعليه أن يحشد الأصوات البرلمانية اللازمة لأستمرارها. وبغير ذلك فإن حكومته في طريقها للأنهيار عاجلا أو أجلا. وهنا لابد لرئيس الوزراء من العودة إلى كتلته المنقسمة وإلى حلفائه الكرد والبدء بتشكيل تحالف قوي بالتعاون مع قوى برلمانية أخرى, خاصة مع بروز قوى جديدة إثر الأنقسامات التي عصفت بالكتل المختلفة. ورغم قطع المفاوضات لتشكيل ماعرف بجبهة المعتدلين شوطا طويلا , فلاتبدو هذه الجبهة في طريقها لترى النور قريبا بسبب تعقيدات محلية وضغوطات إقليمية ودولية. ولذا فلا تبدو هذه المهمة باليسيرة إلا أنها ليست بالمستحيلة, وإن أمام رئيس الوزراء وكتلته أسابيع عدة قبل إنتظام عقد مجلس النواب العراقي للنجاح في هذه المهمة. وسيكون بالون الأختبار لنجاح المساعي هذه هو تمكن رئيس الوزراء من النجاح في الحصول على كسب ثقة البرلمان لمرشحيه لشغل المناصب الوزارية التي إنسحبت منها الكتلة الصدرية, وإن حصل العكس فلا يملك المالكي خيارا غير إستقالة حكومته بدلا من أن يدع الكتل الأخرى تجبره على ذلك من خلال طرح الثقة بحكومته. ورغم أن طرح الثقة بالحكومة هي الأخرى ليست بالأمر الهين لأنها تستوجب حشد أصوات كافية لذلك, خاصة إذا ما أخذنا بنظر الأعتبار القلق الذي يساور الأطراف الحاكمة من المستقبل في حال سقوط الحكومة, إلا أن الباب سيكون مفتوحا للكتل المختلفة للدخول في مفاوضات ومساومات ستكون العديد من الدول الأقليمية طرفا أساسيا فيها وحينها سيجد السيد المالكي نفسه في وضع لايحسد عليه خاصة إذا ماعلمنا بأن العديد من هذه الدول والتي تمتلك ماكينة إعلامية وخزينة مالية ضخمة ,قد أعربت وفي أكثر من مناسبة وفي السر والعلن عن عدم رغبتها برؤيته جالسا على سدة الحكم في بغداد!
|
||||
© حقوق الطبعوالنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |