الجزء الثاني من ( عناوين متفرقة يجمعها هم الوطن)

 

سناء صالح /هولندا

sanaelgerawy@hotmail.com

 المواطن العراقي غارق بين اللاءات:

 لا أمان ,لاكهرباء, لاماء, لاعمل, لابيت, لادواء, ولاءات أخرى, مفردات تتكرر يرددها العراقيون على شاشات التلفزيون وفي أحاديثهم التليفونية مع ذويهم المقيمين في الخارج, يروونها بحرقة من أضناه التعب وجفف فمه العطش, يجتر خيبة أمله في سياسييه, محبطا, يمضي وقته بين توفير لقمة العيش والتفكير بما سيحدث غدا وما تخبئه الأيام. وبعد كل هذه اللاءات ترى هل يستطيع العراقي المسكين أن يفكر, وأن يمارس حياته بطريقة طبيعية, أن يخطط لمستقبله كبقية البشر .

ترى! كيف ستقيّم الحكومة بطاقم وزرائها الأكفاءعملها. ألا يتوارون خجلا وهم يرون مظاهر الفاقة والعوزوالهزال تلف مواطنيهم , تعرضها الشاشات على امتداد البسيطة.

الصائمون المصلّون من النواب الذين يطوفون اليوم شوارع العواصم العربية والأوربية لقضاء عطلتهم , ألم يفكروا إن كانت رواتبهم التي يأخذونها دونما جهد أو تعب حلالا أم حراما نتيجة نصب وتدليس واستغلال بساطة أبناء جلدتهم ! 

ماذا سيفعل السادة أصحاب الكتل والقوائم على اختلاف مذاهبها وتوجهاتها , لو انتهت دورتهم الانتخابية هل سيعيدون الكرة فيرسمون في برامجهم عراقا مزدهرا مخضرا وهل سيتوقعون أن هناك من سيصدقهم ! 

ياسادة! شعبكم لم يطلب المعجزات, لايطاليكم بأن ترفعوا جميع اللاءات بل حاولوا أن تبتدئوا من نقطة ما من(اللا) الأبسط, الممكنة التحقي, وإلاّ سوف يأتي يوم تجدون أنفسكم حكاما بدون شعب حينذاك سيكون قد بلغ السيل الزبى وسيبقى الوطن أرضا بلا بشر وستتحقق إرادة المقبور صدام إذ قد قالها يوما ما حينما كان في ذروة التسلط والجبروت. 

- ما إلك إلاّ أبو لؤيّ (على خلفية مشاهدات لبرنامج تلفزيوني يناقش هموم المواطنين)

بعد أن طفح الكيل وأصابني غثيان من متابعة أخبار العمليّة السياسية التي أصبحت مقرفة, مملة وجدت من الأفضل متابعة البرامج التي تركز اهتمامها على أهلي وأصدقائي من المواطنين الذين ليس لهم ظهر أو كرسي وهم بالحقيقة الذين يهمونني أكثر, آثرت متابعة برنامج أسبوعي في إحدى القنوات الفضائية العراقية التي لايبدو لها توجها سياسيا واضحا, يتناول البرنامج حياة وهموم الناس في المناطق الشعبية في بغداد أو المحافظات. والحلقة التي أستعرضها معكم بدت لي غريبة هذه المرة سأقصها لكم كما رأيتها:

الحلقة هي عن حي شعبي في إحدى ضواحي مدينة بغداد حيث توجه المقدم الى محور الحلقة وهو شخص عريض المنكبين ضخم الجثة هو السيد (أبو لؤي).

كان أبو لؤي رغم حرارة الجو المعروفة لنا نحن العراقيين في آب اللهاب ورغم شعبية المنطقة والمكان الذي لم يكن قطعا بناية وزارة أو مؤسسة, يرتدي حلة كاملة من قاط ورباط, يزين أصبعه خاتم من موديلات الخواتم التي نراها في أصابع السادة المسؤولين من وزراء ونواب  والى آخر القائمة كما يمسك بيده حقيبة صغيرة جدا سوداء كنا نصطلح عليها أيام زمان (ديبلوماسية) بدت لي غير مناسبة لضخامته وطوله.

من خلال حديث المذيع تبين أن المومأ إليه صاحب أحدى الحسينيات وهو معروف بين أهل الحيّ بشهامته وغيرته لما يقدمه من أعمال جليلة لهم والى هنا فالأمر مقبول فالغيرة والشهامة والعونة هي من أهم الصفات التي يعتز بها العراقي ولكن الأعمال التي قدمها الرجل أو نسبت إليه هي غير معقولة وتفوق قدرة إنسان عادي حتى ولو امتلك مالا, كما أنها تتجاوز قدرات مؤسسات وروابط ليس لها دعم مالي حكومي أو أجنبي, فعلى سبيل المثال تمكن أبو لؤي حسب الرواية من توفير أربع سيارات إسعاف لحيّه وهو في نفس الوقت يستطيع حتى في ساعات منع التجول والأوقات الحرجة في الفجر الى توفير عبور السيارات ونقل المرضى بعد التفاهم مع القوات الأمريكية التي لايستطيع أحد أن يتفاهم معها سواه, ومن ضمن أعماله هو جمع تبرعات الدم وأيصاله الى من يحتاجه (لاأدري إن كان الدم يفحص لتحديد صلاحيته وخلوه من الوباء), توفير كراسي للمقعدين الغريب في الأمر كما قلت أن الرجل حسب قوله أنه يتصل بالمسؤولين تليفونيا ويناشدهم فيستجيبون له مباشرة بكرم وأريحية غير معهودة.. أنا لاأملك أن أصدق أو أكذب الرجل الذي كان بسيطا الى حد السذاجة من خلال لغته, تعابيره وحركات يديه البهلوانية واللازمة التي رافقته طوال البرنامج فقد يكون ذلك ممكنا في بلد يغيب فيه القانون ولاقيمة لدوائر الدولة ويهمش العلماء من أساتذة وأطباء وكفاءات علمية على مختلف الأختصاصات لابل يقتلون و يهجرون. 

وفي الحسينية التي يمتلكها أبو لؤي تجلس نساء حاملات أطفالهن المرضى المصابين بمرض الشلل الدماغي, منظر يدمي القلب لأمهات يرين أبناؤهن يموتون دون حصول على علاج, وطفولة بريئة تذوي أمام أعين وعلى مسامع العالم ينتظرن العون من الشهم أبي لؤي الذي أرشحه وزيرا لحقيبتي الصحة والشؤون الاجتماعية !!وهنا نكون قد وفرنا وخففنا أزمة حكومة السيد نوري المالكي الذي يعاني من نقص في الوزراء واستطعنا أن نستفيد من خبرات السيد أبو لؤي .

 سؤال واحد حيرني , لماذا قدمت القناة هذا الشخص دون غيره وما هو هدفها!!! 

لقطات من حفل استقبال الحكومة العراقية للفريق الكروي أسود الرافدين: 

كانت مبادرة الحكومة العراقية في استقبال الفريق الكروي الفائز مبادرة تستحق الثناء حيث خرج كبار المسؤولين في استقبالهم تعبيرا عن اعتزازهم بهذا النصر مالفت انتباهي أمور عديدة منها: 

افتقاد بعض السادة الوزراء لما يسمى بالأتيكيت الذي ينبغي أن يطبع سلوك وحركات وتصرفات المسؤولين ذوي المناصب الرفيعة لكونهم أمثلة تحتذي ورجالات دولة كما يصطلح عليهم , أمام العالم فأثناء حديث أحد أعضاء الفريق الذي كان يعبر عن مشاعره ويصبها بكلمات مؤثرة كان أحد الوزراء واقفا يحادث زميلا له دون الإنصات الى المتحدث. وقد تكرر هذا المشهد حينما غادر السيد الطالباني قبل انتهاء الشاب من حديثه ومغادرة جميع المسؤولين وحاشيتهم لتوديع وتوصيل السيد الرئيس تاركين الشاب لوحده يتحدث . 

في مناسبات من هذا النوع يجري حجز مقاعد للمحتفى بهم في الصفوف الأمامية, و في افتتاح مائدة الطعام والشراب. ما جرى هو أن الكثير من الحضور لم يتخلص من عقدة الصفوف الأمامية فجلس الشباب في المؤخرة

حالة الفوضى والهرج والمرج بحيث اختلط الحابل بالنابل وكأن الحفل هو حفل عادي وليس على أعلى مستوى كما حاول بعض الحضور من غير المعروفين اغتنام الفرصة بالظهور على الشاشة متظاهرين بالأحاديث التلفونية في الوقت الذي كان ينبغي تسليط كل الأضواء على الشباب المكرمين كما جرت العادة في مناسبات التكريم .

لم يكن لا المكان ولا الوقت مناسبا لتوجيه الاتهامات الى قناة الشرقية (على لسان السيد وزير الداخلية) فيما يتعلق بملابسات مذكرة اعتقال حسين سعيد وأحمد راضي وأن تؤجّل الى حين الانتهاء من مراسيم الاحتفاء بالفريق. فأي حدث سيغمط المناسبة أهميتها 

على كل حال يفترض أن يلتحق السادة من ذوي المراكز الرفيعة بدورات تدريبية يتعلمون أتيكيت التعامل والحديث والحركة أسوة بأقرانهم من الدول العريقة, فالعراق بلد الحضارات يستحق أن يكون مسؤولوه راقين بسلوكهم, متحضرين, كفانا حكاما جهلاء وأغبياء, وأشقياء مرّغوا سمعة وطننا على مدى سنوات طويلة من حكم الطاغية قدموا نموذجا سيئا مازالت أثاره علينا الى يومنا هذا.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com