|
صدر في القاهرة يوم الثامن من آب الجاري بيان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارىء جون هولمز الذي ذكر فيه" ان حوالي ثمانية ملايين عراقي بينهم أكثر من أربعة ملايين لاجىء و2ر2 مليون مشرد بحاجة الى المساعدة والحماية في المجال الإنساني، و ان أكثر من أربعة ملايين شخص أي ما يعادل واحد من بين كل سبعة عراقيين فروا من ديارهم فيما يعد أضخم نسبة تشرد للسكان في التاريخ الحديث في الشرق الأوسط." لإحصاءات توالت و مصادرها تعددت وهي في اغلبها ذات مصداقية يعتد بها، إحصاءات فاقعة عن حجم الكارثة العراقية بكل ما تحمل هذه المفردة من معنى، كارثة تتطلب جهودا ميدانية بحجم أهوالها، كارثة تتضخم ككرة الثلج وهي في طريق انحدارها المتواصل. فمن سينهض بهذه المهمة الجسيمة؟ فلا صدى لمفردات الإهابة واستنهاض الشيم لدى القوى والتشكيلات السياسية والطائفية المتحاصصة، لأن نهم الجشع و الاستحواذ على النفوذ وغنائم السلطة هو هاجسهم، و رقبة المواطن العراقي صارت تحت قبضة الموالين لدول الجوار، والوطن بضاعة مساومة بين إيران والمحتل تارة و تارات اخرى مع المحتل و بقية دول الجوار، مساومة فجة لا أفق ملموس لها، وهي أسيرة لجان ومؤتمرات عقيمة تبدأ كما انتهت و أطرافها استمرأوا التسويف، ولا احدا منهم يعيش بصدق هول الكارثة العراقية. لقد جاء تزامن صدور هذا البيان في الأيام التي يشهد فيها العراق تصعيدا خطيرا في الصراع بين الأجنحة السياسية من اجل الاستحواذ على اكبر قدر ممكن من امتيازات السلطة، وفي الوقت الذي يزور فيه رئيس الوزراء تركيا وإيران ، ويعقد مؤتمر "خبراء الأمن في دول جوار العراق" في دمشق بغياب متعمد من ممثلي السعودية، ولقاء امني آخر في العاصمة الأردنية. وبغض النظر عن قصد توقيت إصدار هذا البيان من عدمه فانه ينبه قادة وشعوب دول الجوار إلى ان ظاهرة التشرد المليونية العراقية الحالية ستتسع لتشمل دول المنطقة إذا لم يقترن مسعى هذه الدول بالجدية في المساعدة في إنقاذ العراق والكف عن تغذية العنف والإرهاب فيه. لقد وفرت المؤتمرات العديدة والزيارات المتكررة لدول الجوار العراقي فرصة التأكيد على أوراقها التساومية بعد ان ظلت موضع تأشير لمتابعي الشأن العراقي، فتركيا قلقة من نشاط حزب العمال الكردستاني و" تحرص" على حقوق التركمان العراقيين، وإيران تسعى الى تأكيد كونها القوة الإقليمية الرئيسية وحقها في ان تكون دولة نووية وهي أيضا قلقة من نشاط منظمة مجاهدي خلق المستقرة في العراق وتلقي بتبعة الاضطراب الأمني في العراق على الولايات المتحدة والدول العربية السنية، أما سوريا فهي تجاهد من اجل تحقيق الاعتراف الأمريكي لها بأنها مفتاح حلول أزمات المنطقة ولديها الكثير مما تفعله سلبا أو إيجابا في العراق، أما دول الخليج فما يعنيها آنيا ان لا يتحول العراق الى دولة شيعية خالصة الولاء لإيران، ومستقبلا الى نظام ديمقراطي تعددي. في الاجتماعات والمؤتمرات مع دول الجوار التي لا تخلو بياناتها الختامية من " الحرص" على امن المواطن العراقي، تنأى هذه الدول عن مسؤوليتها في التدخل السلبي في الشأن العراقي والتسبب في المزيد من إراقة دم أبنائه لكن الواقع الملموس يؤكد ان ممارساتها تدفع بالعراق وشعبه الى المصير المحتوم. وما يدعو للرثاء ان تشكو هذه الدول من "تدخل" العراق في شؤونها الداخلية بعد ان تحول الى مصدر للإرهابيين..أي بات العراق هو الجلاد وليس الضحية!!. لا ضير في المزيد من اللقاءات والمؤتمرات بين المقررين الأجانب في الشأن العراقي، ولكن المطلوب من هذه اللقاءات والمؤتمرات الأثر العملي في استقرار الأمن، أثرا ايجابيا يتلمسه العراقيون الذين يعيشون المأساة حقا ويشهدون أضخم نسبة تشرد للسكان في التاريخ الحديث في الشرق الأوسط تحت هيمنة قوى الاحتلال والإرهاب والاحتراب الطائفي والصراع غير المسؤول على السلطة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |