|
أبوغريب ـ ح25 ـ أزمة الثلاجات وعملية جريئة لحزب الدعوة ..!!
جلال جرمكا/ كاتب وصحفي عراقي/ سويسرا عضو ألأتحاد الدولي للصحافة وعضو منظمة العفو الدولية
من دفتر ذكرياتي في معتقل/ أبوغريبـ الحلقة الخامسة والعشرون ـ عنوان الحلقة أزمة الثلاجات وعملية جريئة لحزب الدعوة ألأسلامي..!! ياترى أية ثلاجات (برادات) في معتقل رهيب كمعتقل/ أبوغريب.. وماهي تلك ألأزمة التي تستحق أن نخصص لها حلقة خاصة.. وماهي علاقة ـ الثلاجات ـ بعملية جريئة لحزب الدعوة ؟؟؟. في الرد: نعم كانت أزمة كبيرة تستحق أن نخصص لها عدد من الحلقات.. وهنالك علاقة بين الثلاجات وتلك العملية الجريئة...!! إذن انرى: لعل من يعتقد بأن الفرد حينما ينجو من ألأجهزة ألأمنية ويحاكم ويتحول الى/ أبوغريب ..كل شىء عال العال.. صحيح حين المقارنة نجد إن أبوغريب (فندق من الدرجة الممتازة/ خمسة نجوم) لأكثر من سبب في المقدمة: ـ الطعام الجيد، حيث بأمكان النزيل أن يتناول ما يشتهي (على حسابه طبعاَ).. حيث ألأطعمة وأدوات الطبخ ..حتى الفقراء مشمولون برعاية الميسورون.. إذن ليست هنالك مسألة أسمها جوع وتجويع!! ـ الخروج من الغرف المظلمة والمعاناة.. حيث في أبوغريب ساحات للجلوس في الهواء الطلق والتمشي وشم الهواء النقي!! ـ لقاءات أسبوعية مع ألأهل وألأحبة، ومعرفة أخبارهم والجلوس مع العائلة وألأولاد لأكثر من أربع خمس ساعات.. وتلك نعمة كبيرة!! ـ وجود أدوية، حيث ألأهل وألأصدقاء.. ناهيك عن وجود عدد من ألأطباء والمضمدين.. إذن ليس هنالك مرض من غير علاج. ـ ألأستقرار (ذهنياً).. المحكوم يعرف الوقت.. وله أمل في أن يخرج بعد أكمال مدة الحكم!! كل هذا وعوامل أخرى... ولكن هذا لايعني أن المحكوم في نعيم.. على العكس لابد من أن يواجهه العديد من المشاكل .. نعم مشاكل كثيرة.. ولكن ما العمل، غير الصبر والتفكيرللتغلب على تلك المشاكل بهدؤ وعقل وتفاهم؟؟؟ المعضلة أن (النزيل) تحت رحمة مجموعة من الجلاوزة والمجرمون من النوع الثقيل.. حيث كل فرد من أفراد ألأمن كان (عديم الضمير والوجدان والغيرة) واحدهم حقير بمعنى الكلمة.. يعتبر نفسه قيصراً بحاله والنزلاء مجموعة حيوانات!! بما أننا كنا نعتمد على عوائلنا لجلب الطعام وبقية المستلزمات الضرورية، إذن لابد من وجود ثلاجة (براد) لحفظ تلك ألأطعمة لأسبوع.. نعم من غير ثلاجات المسألة صعبة.. بالأخص خلال فترة الصيف والربيع والخريف!! قبل السماح بأستعمال الثلاجات الكهربائية، كان النزلاء يعيشون حالة مأساوية.. شخصياً لم أكون هناك ولكنهم روها لي بالتفصيل الممل حيث : كانوا يستخدمون (صناديق مصنوعة من الفلين) لحفظ ألأطعمة.. كل يوم أو يومان ، كانوا يشترون (قوالب ثلج) بأسعار مرتفعة.. وكانت تلك الصناديق (الكبيرة) توضع في الساحة ألأمامية، لعدم وجود أماكن تسع كل تلك الصناديق في الداخل، ولكنهم كانوا يواجهون معضلة كبيرة.. والمعضلة وجود عدد كبير من (القطط)، نعم تلك القطط كانت تتسلل في الليل وتبدأ بفتح الصناديق المغلقة بالحبال وألأقفال.. وتبدأ بالعبث بمحتوياتها.. حيث التلف وألأكل(على راحتها)! مع كل ألأجراءات ألأحترازية إلا أن العملية كانت لصالح القطط دوماً!! ياترى الم تكن تلك القطط تعرف أن أصحاب هذه الصناديق لأناس محكومون في هذا المعتقل ..؟؟ أم ماذا ..؟؟. يوم بعد يوم تتفاقم ألأمور.. وتزداد الشكاوى للأدارة لأيجاد حل للمشكلة.. ولكن على مايبدو من غير حل!! مرة وضعوا حراسة على الصناديق.. ولكن أية حراسة؟.. لايمكن للشرطي أن يبقى الى الصباح يراقب القطط..لذلك حتى تلك الحراسة لم تكن بالمستوى المطلوب!!. بعد فترة ومع كثرة الشكاوي ، حصلت الموافقة على أدخال عدد محدود من الثلاجات الى الأقسام.. ومع مرور الزمن أزدادت ألأعداد.. ولكن حتى لا أنسى في كل فترة كانوا يفتشون عن الحجج ويقومون بجمع مبالغ من النزلاء بحجة تصليح وتقوية الشبكة الكهربائية!!.. والنزيل المسكين يدفع وأمره لله الواحد القهار!!. مع هذه وتلك أصبح الميسورون أصحاب برادات، يساعدون الذين من دون ثلاجة بحفظ مأكولاتهم !!. الحديث عن الثلاجات (البرادات) حديث طويل وممل، ولكنني هنا سأسرد حادثتان عشتها خلال وجودي وكنت طرفاً فيها: 1/ في أحد ألأيام كان مراقبنا/ نهاد القيسي (أبوهبة) كان دبلوماسي في وزارة الخارجية، محكوم بالمؤبد لكونه التقى (عن طريق الصدفة) في أحد البارات مع دبلوماسي أمريكي في جمهورية الجيك!!..لذلك حكم عليه بالمؤبد/ عشرون عاماَ والتهمة التجسس لصالح أمريكا!!.. ياترى أين أنت آلآن يا / أبو هبة ؟؟؟؟. أخبرنا / أبوهبة مايلي: ـ أخوان السيد المدير (مدير القسم) يقول، على أصحاب الثلاجات الصغيرة، أن يهيئوا ثلاجاتهم وأخراجها مع عوائلهم في المواجهة القادمة.. والسبب لكون التيار الكهربائي لايتحمل كل تلك الثلاجات!!. في الحقيقة الخبر كان بمثابة صاعقة في الرأس!!. ياترى ما العمل..؟؟ والغريب أن ألأكثرية كانت ثلاجات صغيرة.. طيب من المفروض إن الثلاجات الكبيرة هي التي تصرف من الكهرباء أكثر.. طيب لماذا الثلاجات الصغيرة..؟؟. شخصياً كانت ثلاجتنا (أنا وزملائي/ ريبوار وأسفنديار) كبيرة.. ولكن القرار كان يشمل الكثيرون كانوا من أصحاب الثلاجات الصغيرة!!. في اليوم التالي كشفنا اللعبة وكالأتي : إن السيد المدير/ الرائد أسماعيل، كان يروم التمتع بأجازته الشهرية، وكان بحاجة الى مبلغ من المال.. لذلك عمل هذه الضجة والمشكلة لأجل أن نجمع له مبلغاً من المال.. وهذا كلما في ألأمر!!. ما العمل ..؟؟ قمنا بجمع المال.. وسلمناه الى المراقب وبدوره سلمها لسيادته.. بعد ساعات يأتينا أحد الضباط وبكل وقاحة يقف أمامنا ويقول: ـ أخوان.. أبشروا.. الثلاجات تبقى، لكون الشبكة (شبكة الكهرباء) تحسنت!!!. شكرناه .. أستاذ بارك الله فيكم وفي الشبكة !!!. ولرب سائل من يسأل: لماذا الثلاجات الصغيرة وليست الكبيرة؟؟. سؤال وجيه.. في الحقيقة السبب لكون عدد الثلاجات الصغيرة كانت أكثر.. لذلك كان قد تأكد أن المبلغ سيكون أكثر ... مجرد أستفزاز وبزنس حقير على حساب الناس الغلابة!!. 2/ عدد الثلاجات لم تكن تناسب الموجودين.. حيث العدد كثير والثلاجات قليلة!!. في تلك الفترة جائنا مدير عام جديد أسمه/ العقيد حسن العامري* والملقب بـ (حسن دعوة) .. واللقب بسبب كرهه الشديد لحزب الدعوة ألأسلامي حين كان مديراً لأمن مدينة الثورة (ظل لفترة طويلة مديراَ هناك)!!... لقد أعتقل العشرات منهم ونفذ حكم ألأعدام بأغلبيتهم.. كان يكره التنظيمات الشيعة بشكل غير طبيعي.. الغريب أنه كان شيعياَ من أهالي الجنوب وخريج/ كلية ألأمن القومي!!. بعد مدينة الثورة نقل الى منصب/ مدير أمن معتقل/ أبو غريب !!. أجتمع بنا في الساحة وقال : ــ شنو مشاكلكم ..؟؟. ردوا عليه : ـ مشاكلنا كثيرة.. ولكن ألأهم مسألة الثلاجات!!. وجه سؤاله الى مدير القسم : ـ كم واحد قدم طلب لجلب ثلاجة..؟؟. رد عليه مدير القسم: سيدي بحدود ستين شخص!!. قال : لا.. ستين كثير.. الكهرباء لايتحمل العدد.. ٍاعطي الفرصة لعشرون شخص.. وسنعمل قرعة بالأسماء ألأن وأمامكم!!. فعلاً كتبوا ألأسماء على وريقات صغار.. ووضعوها داخل كيس.. وبدأ أحدهم بسحب ألأسماء واحدة تلو ألأخرى.. وأمامنا . بعد العشرون أسم قال: ـ ومني عشرة أسماء أخرى..ليبلغ العدد ثلاثون!!. فعلاً سحبوا عشرة أسماء أخرى.. وبذلك قضى على أكبر وأهم مشكلة. من الجدير بالذكر أن عدد من النزلاء كان قد جلب (مجمدة) كبيرة.. يخزن ألأطعمة للنزلاء مقابل أجور أسبوعية.. كانت تلك خطوة كبيرة للقضاء على المشكلة نهائياً!!. كانت أيام صعبة.. لاتنسى مهما طال الزمن.. أنها تتعايش معي طالما أنا على قيد الحياة!!. هنالك حلقات أخرى بأذنه تعالى . * عقيد ألأمن / حسن العامري كان يسكن منطقة قريبة من ـ جميلة / شارع خيرالله طلفاح في صباح أحد ألأيام / 1997 كان متوجهاَ الى عمله ومعه سيارة حماية .. تصدى له مجموعة مسلحة من تنظيمات / حزب الدعوة ألأسلامي وأمطروه بوابل من النيران.. قتل على الفور والغريب في ألأمر أن أفراد الحماية لم ترد على النيران ولو بطلقة واحدة..!!...القوا القبض على أفراد الحماية..أعتقلوهم..أستجوبوهم.. ولكن بعد فترة أطلق سراحهم !!.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |