|
مع تصاعد حدة الأزمة السياسية في العراق اليوم, ومع سعي القوى السياسية لأيجاد مخرج لهذه الأزمة, طرحت بعض هذه القوى فكرة حل البرلمان العراقي الحالي وإجراء إنتخابات مبكرة وفقا لأسس جديدة تؤدي إلى حلحلة الوضع القائم, وقيام حكومة قوية تستطيع النهوض بالبلد والخروج به من حالة التدهور التي يعانيها على مختلف الأصعدة. إلا أن هذه الدعوة سوف لن تلقى أذانا صاغية من قبل أغلب الكتل والفعاليات السياسية الممثلة اليوم في مجلس النواب, بل إنها ليست موضع ترحيب الأدارة الأمريكية فضلا عن الحكومة العراقية. ولكل كتلة وقوة سياسية اسبابها الخاصة التي تدعوها إلى رفض هذا المقترح بل وعدم التفكير فيه لأنه ينطوي على مخاطر ربما تطيح بالمكاسب السياسية التي حققتها هذه القوى والأحزاب. وعند البدء بقائمة الأئتلاف العراقي الموحد والي حازت على أعلى نسبة من أصوات الناخبين العراقيين, فلاتبدو هذه القائمة في وضع تحسد عليه مع إزدياد حالات الأنقسام والأنفصال التي تعصف بهذه القائمة. فبعد إنسحاب حزب الفضيلة جاء إنسحاب التيار الصدري من الحكومة ليثقل كاهل قائمة الأئتلاف بهموم جديدة وهي التي خرجت وبقدرة قادر موحدة بعد الأنقسام الشديد الذي عصف بها أبان عملية ترشيحها لرئيس وزراء يقود الحكومة الحالية. ولذا فلاتبدو المكونات الأساسية لهذه الكتلة وأعني حزب الدعوة والمجلس الأعلى والمستقلون متحمسة لأجراء إنتخابات جديدة , لصعوبة إعادة جمع جميع الكتل السياسية تحت لافتة واحدة كما كان عليه الأمر في السابق. فيما سترحب الكتلة الصدرية والفضيلة بذلك وستخوض هاتين القوتين الأنتخابات منفردة, ولربما ستحوز الكتلة الصدرية على مقاعد أكبر بكثير مما تمتلكه اليوم في مجلس النواب نظرا لحجم التأييد الشعبي الذي تحظى به هذه الكتلة في الجنوب العراقي. وهذا ما لاتحبذه الأدارة الأمريكية لأنه سيعني تقوية لشوكة القوى التي تصفها هذه الأدارة بغير معتدلة. واما كتلة التحالف الكردستاني وهي الكتلة الوحيدة التي حافظت على تماسكها طيلة المدة الماضية, فلاتبدو خائفة من إجراء إنتخابات جديدة لأنها ستحافظ على نسبة تمثيلها, غير أنها هي الأخرى لاتحبذ إجراء إنتخابات جديدة. ويعود سبب ذلك إلى خشية هذه الكتلة من إختلال موازين القوى في البرلمان القادم لصالح قوى سياسية ستجد كتلة التحالف صعوبة في التعامل معها, على العكس من القوى الحالية التي تحتفظ بعلاقات وثيقة معها ومنذ أيام المعارضة, ولذا فلن يلقى هذا المقترح ترحيبا من هذه الكتلة. وأما كتلة التوافق وهي التي أدخلت البلد في الأزمة الحالية, وهي التي لاتقدم أي حلول لمشاكل البلد بل تسعى لتعقيد الوضع وإدخال العراق في دوامة لانهاية لها, فهي الأخرى لن يلقى مقترح إجراء إنتخابات مبكرة أي ترحيب لديها. ويعود ذلك إلى ظهور قوى سنية جديدة كصحوة الأنبار وديالى وغيرها من القوى التي ستعيد ترتيب الأوراق في البيت السني بالشكل الذي يؤدي إلى تمثيل هذه القوى الجديدة في البرلمان وعلى حساب جبهة التوافق. وأما القوى الليبرالية والعلمانية الممثلة في البرلمان فهي الأخرى تعاني من إنقسامات حادة, وفي ظل هذا الواقع فمن المستبعد أن تعيد هذه القوى إستجماع قواها وخوض الأنتخابات كما حصل في المرة السابقة, غير ان هذه القوى سترحب بإجراء إنتخابات مبكرة في حالة تم تغيير الأسس والقواعد التي تجري عليها الأنتخابات بالشكل الذي يمنع تدخل المرجعيات الدينية فيها كما تريد هذه القوى, وبغير ذلك فلن يلقى هذا المقترح قبولا منها . وفي ضوء ذلك فلايبدو في الأفق أن هناك بوادر لأيجاد حل للأزمة الراهنة من خلال إجراء إنتخابات مبكرة, لأنها فكرة غير مرحب بها من أغلب الكتل حاليا, فضلا عن إنها ستؤدي إلى مزيد من التعقيد في الوضع السياسي العراقي بدلا من ان تكون أداة لحلحلته.
|
||||
© حقوق الطبعوالنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |