|
المالكي يقفز على مشاكل العراق ليفتح جبهة جديدة بضرب حزب العمال الكوردستاني
أحمد رجب تواجه حكومة السيد نوري المالكي العديد من المشاكل والعقبات ومن أبرزها إنسحاب الكتل المرتبطة بالإرهاب وبالصداميين والتكفيريين من حكومته المتمثلة بكتل التوافق والحوار والعراقية كتل عدنان الدليمي وصالح المطلك وخلف العليان واياد علاوي ونتيجة لهذه الأوضاع أصبح وضع العراق حرجاً ووصل درجة مقلقة، فالوضع الأمني لا يتحسن وسبل المعيشة تتضايق وتشتد والأسعار في إرتفاع جنوني والخدمات تتضاءل حيث يجري تخريب شبكات الكهرباء وإنقطاع المياه عن الدور السكنية، وان كل هذا التدهور يؤدي إلى الإحباط ومشاعر الخوف، ويشجع الإرهابيين ويرفع معنوياتهم للقيام بأعمال أكثر همجية ووحشية، وتخلق أرضية مناسبة لتردد المساهمين في العملية السياسية في الإسهام في توفير متطلبات معالجة الوضع، وتشهد البلاد آخرين، وهم بقايا البعث الذين إستفاقوا وأستعادوا عافيتهم الشريرة جرّاء الأوضاع الشاذة هذه، وأخذوا يزجون أناساً منهم داخل العملية السياسية لعرقلتها وتخريبها، ويشاركون في المساعي لإسقاط الحكومة، وهم يكرهون أن يتحسن الوضع، وهم يصبون إلى ذلك وتوجد جهات أجنبية وأيادي خفية تساعدهم. ان الاوضاع الحالية هي نتيجة لعدم اتخاذ مواقف واجراءات حاسمة بعد إزالة نظام صدام الدكتاتوري وقبره ضد اجهزة وتنظيمات النظام البائد وعدم ملاحقتها. فأستطاعت هذه القوى المنبوذة اعادة تنظيم صفوفها مستفيدة من تناقضات الوضع ومواقف القوى الاقليمية والاخطاء التي ارتكبها المحتلون ووجود توجهات محددة لديها بأعتماد أساليب التخريب والأندساس لتقويض الوضع ومنع الاستقرار وتخريب كل محاولات البناء. انّ حكومة السيد نوري المالكي تتّفرج على عمل الميليشيات التي تكاثرت بشكل رهيب حيث تتناغم أعمال هذه الميليشيات مع أعمال الإرهاب ليحترق البلد أمام أنظار المواطنين الذين أصبحوا وقوداً لتلك الأعمال القذرة التي تساعد في زيادة الجريمة وتفشي الفساد الإداري والخلقي في جميع مفاصل المجتمع، وفي خضم هذه الأحداث المأساوية يحاول السيد المالكي تحويل الأنظار إلى تركيا الكمالية ويزور هذه الدولة التي لها مطامع كثيرة في العراق وتتدخل بكل صفاقة في الوضع السائد في البلاد. أن زيارة السيد المالكي لم (تكن) ناجحة كم إدّعى السيد علي الدباغ الناطق باسم الحكومة العراقية، وأن الزيارة جاءت لإحياء تنفيذ بنود الإتفاقات السابقة بعد أن أصبحت منسية، ولا يستفيد منها العراق بتاتاً، وإلى جانب تلك الأعمال التي تسمى عادة (بروتوكولية) وقّع السيد المالكي وثيقة خطرة مع نظيره التركي، إذ جاء في مذكرة (التفاهم) بين الحكومتين العراقية والتركية: أكد رئيسا الوزراء اصرار الطرفين بشأن الكفاح ضد الإرهاب، حيث أبديا تأييدهما من أجل شلّ فعاليات ونشاطات كافة المنظمات الإرهابية في العراق وعلى رأسها منظمة العمال الكردستاني. كان الأفضل تأجيل الزيارة إلى إشعار آخر لكي يتمكن السيد المالكي إيجاد مخرج لأزمة الحكومة التي يرأسها، والعودة إلى حل المشاكل الأساسية وفي طليعتها مسألة كركوك والمادة 140 من الدستور العراقي. ويعلم المتابع للشأن العراقي بأنّ النظام العراقي السابق على مدى40 عاماً قد دأب على تغيير التركيبة السكانية لعدد غير قليل من المدن والقصبات العراقية ضمن سياسة التطهير العرقي والتمييز العنصري التي انتهجها أبان حكمه ومن هذه المدن كركوك وخانقين وبدرة ومندلي ومخموروسنجار وغيرها، ففي مدينة كركوك على سبيل المثال قام النظام الدكتاتوري إلى تعريبها بصورة منظمة وذلك بجلب وإستقدام عشرات الألوف من العوائل العربية عن طريق الإغراءات ومنحهم إمتيازات وبيوتاً سكنية إضافةً لقطع أراضي خاصة وتوظيف أبنائها في الوظائف الحساسة والمهمة، وبالمقابل قام بتشريد وترحيل عشرات الألوف من سكانها الأصليين من الكورد والتركمان والكلدوالآشورالسريان وإرسالهم إلى جنوب العراق ولم يكتف النظام بذلك وقام بإعتقال خيرة أبناء هذه القوميات ومن ثمّ تعذيبهم وقتلهم على شكل مجاميع وبعد زوال النظام كانت المقابر الجماعية في طول العراق وعرضه خير شاهد على بشاعة الجرائم الوحشية. لقد سقط النظام وانبثق عهد جديد يحمل (نوعاً) من الديموقراطية حيث تمكن الشعب العراقي في ظلها من خوض الإنتخابات لإختيار ممثليه الحقيقيين وإنتخاب حكومة والتصويت على الدستور الدائم الذي من شأنه رفع كل أشكال الظلم والتمييز وإسترجاع الأوضاع غير الطبيعية في ظل النظام السابق إلى سابق عهدها ومن البنود المهمة التي جاءت في الدستور العراقي المادة (140) التي تنّص على تطبيع الأوضاع في المناطق المتنازع عليها والتي تعّرضت لحملات التغيير الديموغرافي ومنها مدينة كركوك التي تعتبر مدينة القوميات المتآخية. ويجري الآن الحديث حول هذه المادة وكيفية تطبيقها بحرارة وخاصة من قبل الكورد الذين يعتقدون بأنّ وقت التنفيذ يقترب من النهاية حسب القرارات السابقة، ومن الضروري الإشارة بانّ رؤى وملاحظات الأطراف على آلية تطبيق المادة (140) من الدستور تختلف من جهة إلى أخرى، والبعض يعتقد بأنّها ستخلف مشاكل إدارية وسياسية، وممّا لا شك فيه ان عدداً من الأطراف السياسية تعمل جاهدةً عرقلة تطبيقها لانّ المادة تنّص بصراحة ووضوح على إعادة المرّحلين الذين تمّ ترحيلهم قسراً في عهد النظام العراقي السابق إلى كركوك وأماكنهم الأصلية، وإجراء إستفتاء على المناطق المتنازع عليها مع نهاية العام الجاري، وتتمّلص هذه الأطراف التي تعمل على عرقلة تطبيق المادة المذكورة من الإلتزامات الدستورية التي سبق وأن وافقت عليها من خلال الدعوة إلى تأجيلها إلى وقت لاحق، وهذا خرق دستوري واضح، وان أصحاب مثل هذه الدعوات يبحثون عن تحقيق مصالح ذاتية، وفي مقابل هؤلاء تقول أطراف أخرى بأنّه لا داعي لتأجيل تنفيذ المادة (140)، لأنّ أي تأجيل سيؤّدي إلى تفاقم الوضع وتصاعد وتيرة العنف في المدينة، ويأتي الكورد في طليعة هذه الأطراف وهم يتخوّفون من تدخل الأطراف الدولية والإقليمية التي تصف الوضع في كركوك حسب عقلياتها وأجندتها الخاصة، وأن الكورد لا يقبلون التدخلات الخارجية من أي طرف كان في حل مسألة كركوك، وهم يستندون إلى حل متفق عليه وأقّره الدستور ولا يطلبون أكثر من تنفيذ الدستور. ووفقاً لتصريحات المسؤولين التي تمّ نشرها في أجهزة الإعلام المقرؤة والمسموعة والمرئية وتأكيداتهم بانّ القيادة السياسية في إقليم كوردستان ورئاسة البرلمان الكوردستاني لن يقبلا مطلقاً أي تأخير، أو تأجيل في تنفيذ المادة (140) التي تعتبر خطاً أحمراً بالنسبة للشعب الكوردستاني، ويشار هنا بأنّ القيادة الكوردستانية وحكومة الإقليم رفضتا مقترحاً من قبل حكومة السيد نوري المالكي بتاجيل تنفيذ المادة (140) لثلاث سنوات، لأنّ أي تأجيل في تنفيذها ليس في مصلحة الشعب الكوردستاني، إذ يخشى البعض من انّ تأجيل المادة المذكورة لثلاث سنوات يجعل الحكومة المركزية قوية إقتصادياً وسياسياً ممّا يؤّدي إلى تغيير الوضع السياسي في العراق، وعندها لا ترغب تلك الحكومة بتنفيذ المادة المشار إليها. ويجري الحديث أيضاً بأنّ الكتل السياسية العراقية المختلفة تصّر إصراراً كبيراً على المطالبة بتعديل بعض مواد الدستور العراقي في الوقت الذي لا تقدم تلك الكتل أية تنازلات لبعضها البعض بغية الخروج من المأزق الحالي، وإيجاد حل يرضي جميع الكتل السياسية نفسها، هذا بالضد من إرادة الكورد الذين يصّرون على تطبيق الدستور، لأنّ الدستور ليس من بين بنوده ما يشير إلى إحتمال تأجيل تطبيق المادة (140) ويرون بأنّ تنفيذ المادة سينهي الإرهاب في المدينة، وان جميع القوميات المتواجدة فيها ستستفيد من تنفيذها، وهو عامل مهم لترسيخ الأمن والإستقرار والتعايش المشترك في العراق والحفاظ على وحدته. يدرك الكورد وجود تلكؤ وتأخير في عملية تطبيق المادة (140) مع وجود تطور بطيء في تنفيذها، ويتعاملون مع هذا الملف بالصبر والتحمل، ويقدرون الخطوات التي إتخذتها حكومة السيد نوري المالكي والإلتزام الذي أبداه لتنفيذ المادة مؤخراً الأمر الذي أغاظ الآخرين، وفي هذا السياق أعربت كتلتا العراقية وجبهة التوافق عن إعتراضهما الشديد وأمتعاضهما من موافقة رئيس الوزراءالعراقي المالكي على القرارات الصادرة عن اللجنة العليا المكلفة بتنفيذ المادة (140) والقاضية بتطبيع الأوضاع في محافظة كركوك، وتذرعت الكتلتان بأنّ تنفيذ المادة المذكورة لا تخدم المصالح العليا للعراق، وفي هذا الوقت بالذات يصّر الكورد أنّ الإستفتاء على مصير كركوك شرط أساسي لإستمرار المشاركة في العملية السياسية في العراق، وطبقاً لهذا الإصرار يحذرون الحكومة العراقية من وضع العراقيل أمام تنفيذ المادة (140) من الدستور، كما يشدّدون بأن تطبيق هذه المادة الدستورية هو الشرط الأساس لإستمرار مشاركة التحالف الكوردستاني في العملية السياسية. وينظر البعض انّ المادة (140) قرار دستوري يتضمن الكثير من مباديء العدالة والإنصاف وعلى الجهات التنفيذية تطبيق هذا القرار وإستبعاد إستخدام القوة أو اللجوء إلى الأساليب القسرية من أجل تطبيقها، وان الحل يكمن في آليات تنفيذ هذه المادة الدستورية باسلوب حضاري وأخوي وعراقي من غير اللجوء إلى المشاكل. كان على المالكي مطالبة تركيا بحل المسالة الكردية في تركيا عبر الحوار أو إبرام اتفاقية سلام بين الأكراد وتركيا، وإتفاقه مع أردوكان رئيس وزراء تركيا لم يكن اتفاقا إيجابيا وأن تركيا ضغطت على العراق وحكومة المالكي وهذه الاتفاقية لن تفيد الطرفين. ان تركيا ومعها القوى الشريرة دفعت بإتجاه توقيع وثيقة مهمة حسب أجندتها، وهي تحاول فرض شروط أخرى على الحكومة العراقية التي لا تملك في الوقت الحاضر قوات لحفظ أمن المواطنين التدخل في شؤون العراق بحجة متابعة ومحاربة حزب العمال الكوردستاني، وعرقلة المساعي لتنفيذ بنود المادة 140 الخاصة بمدينة كركوك والمدن الكوردستانية الأخرى. ان حكومة السيد المالكي بحاجة ماسة إلى دعم الكورد، وإلا فتنهار، إذ انّ الجماهير الكوردستانية ومعها حكومة اقليم كوردستان تريد من تركيا حواراً مباشراً مع مقاتلي حزب العمال الكوردستاني لحل مشاكل كوردستان، وعلى السيد المالكي التريث وعدم التوقيع على وثائق من شأنها حرق ما في جعبته، والعراق لا يحتاج فتح جبهة حرب جديدة، والكورد لن يغفروا لمن يعادي تطلعاتهم والشعوب تناضل في سبيل حقوقها.
|
||||
© حقوق الطبعوالنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |