|
لقد كنت دائما اتوجه بخطابي للمسؤولين والقادة السياسيين معاتبا تارة ومذكرا تارة اخرى من اجل النهوض بواقع العراق للخروج من المأزق الذي هو فيه الان، لكنه لا يقع العتاب على المسؤولين فقط، بل يجب على المواطنين كذلك ان يتحملوا المسؤولية ولا اقول ذلك تبريرا لموقف المسؤولين بل انني وحتى هذه اللحظة مؤمن بان الكثير من المسؤولين العراقيين لم يوفوا بعهودهم ولم يصونوا الامانة التي حملهم اياها الشعب العراقي، ولكن ان بعض معرقلات مسيرة عمل المسؤول ناتجة عن اخطاء ابناء البلد. والنقطة المهمة التي اود التاكيد عليها في مقالتي هذه حول ما يشهده الواقع العراقي من نزاع واحتقان طائفي، هذا الامر الذي ظهر بعد سقوط النظام البائد واخذت تروج له الالسن الخبيثة التي لا تريد للعراق التقدم والتطور، وللاسف الشديد ان تلك الجهات الخبيثة استغلت مشاعر البعض من ابناء هذا البلد، واستثمرتهم لمصالحها الدنيئة، واخذت تحشد الهمم وتصنع السيناريوهات الكاذبة وتملأ العقول الفارغة بهذه البدع، وتحرض الطائفة السنية للرجوع إلى المربع الأول وتحذرهم من المد الشيعي وانهم سيتعرضون للابادة لو انهم رضوا بما يفعله ابناء الطائفة الشيعية، فاخذوا بحجة الدفاع عن السنة يسومون الشيعة سوء العذاب تقتيلا وتهجيرا وإبادة، وتارة أخرى تتوجه بخطابها لبعض المتشددين من الشيعة وتحرضهم على الإنتقام والرد بالمثل لإذكاء فتنة الإحتراب الطائفي، وهذا بدوره ولد الحقد والكراهية لدى المتطرفين من الطرفين، واخذت جماعة تدعي بانتماءها للمذهب السني لتقاتل الشيعة واخذت اخرى تدعي بانتماءها للمذهب الشيعي للإنتقام من السنة. ولكن المتتبع للواقع العراقي يرى بان هناك جهات وجماعات وشخصيات ورموز سنية معتدلة تدعو للتوحيد والتكاتف ونبذ الطائفية، وبالمقابل فان الشخصيات الشيعية والرموز الوطنية لهذه الطائفة تدعو جماهيرها الى التكاتف والتوحيد ونبذ الخلافات ولا استطيع ان انسى مقولة المرجع الديني الاعلى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله) في حديثه مع بعض الساسة العراقيين قائلا لهم (لا تقولوا للسنة اخواننا بل قولوا انفسنا) الى جانب دعواته المستمرة لنبذ العنف والخلافات ولابد للمؤسسات الامنية من ان تقوى مؤكدا سماحته بان السلاح لابد ان يكون بيد الدولة. وهذا ليس بالغريب من سيرة سماحته كونها ديدن ائمة اهل البيت عليهم السلام في العفو والسماحة والسلم واللاعنف والمجادلة بالتي هي أحسن. وهنا اتوجه بسؤال يدور في خلجاتي لتلك الجهات التي تحرض على القتال بانه على ماذا تستندون بقتال بعضكم البعض؟؟ علما انه لا يوجد كتاب او مصدر او فتوى تدعو للتقاتل، بالاضافة الى ذلك لا يوجد اي مرجع ديني وطني عراقي او شخصية سنية معتدلة تحرض على القتال. ومن هنا نستنتج بان تلك الجماعات التي تحرض للقتال وتحمل السلاح وتقتل بعضها البعض هي لا تمثل الشيعة ولا تمثل السنة، بل انها جماعات تكفيرية تريد زعزعة امن واستقرار العراق لتحقيق مصالحها الشخصية وانها يد من ايادي المحتل الخبيثة كونها تطبق سياسته العفنة التي تستند على قاعدة (فرق تسد) فلابد اليوم على الجميع ان يعوا لهذه المؤامرة الخطيرة لترك الخلافات جانبا والابتعاد عن سياسة العنف، لان الكل سواسية في الحقوق وعلى كل طرف ان يعترف بالطرف الاخر لتوحيد الكلمة والدعوة لخروج المحتل والتوجه لبناء مستقبل زاهر يرفل بالحرية والامان ورسم مستقبل للاجيال القادمة وتثقيفه على مبدأ الاخوة والترابط الروحي والمعنوي وتعليمه خطاب السماحة والعفو بعيدا عن خطاب العنف والقتال والاحتراب الطائفي والضغينة ونكون مصداق للاية الكريمة :( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |