حكومة قوية هي الحل

 

ساهر عريبي

sailhms@yahoo.com

تمر العملية السياسية الجارية في العراق اليوم بمرحلة حرجة ومنعطف خطير يستدعي بذل الجهود الحثيثة ومن قبل الفرقاء السياسيين كافة, بغية إيجاد حل للخروج من الأزمة الراهنة التي وصفها الدكتور برهم صالح بالحادة والخطيرة. فالعراق يتعرض ومنذ سقوط الدكتاتورية الصدامية إلى هجمة شرسة يقودها الأرهابيون من تكفيريين وصداميين, مدعومون من دول إقليمية لاتطيق مجاورة التجربة الديمقراطية العراقية الوليدة, خوفا من وصول أثارها إليها. ولم تكتف هذه الهجمة بإستهداف العراقيين بغض النظر عن إنتمائاتهم الطائفية والقومية, بل إنها تستهدف اليوم العراق حاضرا ومستقبلا, وتسعى لتدمير العراق شعبا وأرضا لتحيل حياة العراقيين إلى جحيم وتحولهم إلى مهاجرين داخل وطنهم وخارجه.

 ورغم هذا الوضع الشاذ والتحديات الكبيرةالتي تواجه العراقيين والتي تستوجب تكاتفهم ووحدتهم, فإن بعض القوى السياسية أثرت أن تكون أداة طيعة بيد قوى خارجية لاتريد للعراق ولاللشعبه خيرا, ولاتهدف إلا إلى تخريب العملية السياسية وإدخال العراق في دوامة حرب اهلية لاتبقي ولاتذر, بدلا من أن تقف في صف سائر أبناء العراق في هذه الحرب ضد قوى الأرهاب التي تستهدف وجودهم. ولذا فلم تترك هذه القوى فرصة إلا وسعت من خلالها لأجهاض العملية السياسية سواء عبر تعطيل البرلمان وشله, او عبر خلق المتاعب للحكومة المنتخبة وإضعافها بغية إسقاطها وإدخال البلاد في حالة من الفراغ والفوضى السياسية.

 وفي ظل هذا الوضع الحرج فلاتملك القوى الوطنية العراقية التي ضحت وقدمت الكثير في سبيل الحصول على حريتها وكرامتها, لاتملك غير خيار دعم العملية السياسية وديمومتها ومنع كائن من يكون وتحت أي إسم او مسمى من العبث بالوضع السياسي العراقي وإعاد عقارب الساعة الى الوراء والأطاحة بالمكتسبات التي تحققت للمظلومين من العراقيين بعد قرون من الأضطهاد والأستعباد.

 لقد وضعت تلك القوى مصالحها الشخصية والفئوية الضيقة ومصالح عدد من دول الجوار , فوق مصلحة العراق, ولقد أن الأوان لوقف هذه القوى عند حدها, ورسم خطوط حمراء لها لن يسمح لأي كان بتجاوزها. فالعملية السياسية خط أحمر ولن يسمح لأي كان بتعطيلها أو تدميرها.

غير أن هذه الديمومة للعملية السياسية ورعايتها لن تتحقق إلا بتشكيل حكومة قوية قادرة على رعاية المسيرة الديمقراطية والحفاظ عليها, وتحقيق أمال العراقيين في العيش الهني والرغيد.ولاضير إن كانت هذه حكومة وحدة وطنية أو حكومة أكثرية برلمانية, فالأمر الأساسي هو ان تكون حكومة قوية. ولكن ماهو المقصود بالحكومة القوية؟

 إن المقصود بالحكومة القوية هي تلك الحكومة التي تتمتع بأوسع تأييد جماهيري وبقاعدة برلمانية عريضة تقف خلفها وتسندها في عملها ولاتعرقل مسيرتها. لقد كان احد العوامل الأساسية التي ساهمت في إضعاف الحكومة الحالية هو ضعف التأييد البرلماني لهذه الحكومة رغم كونها حكومة وحدة وطنية. فهذه الحكومة ومنذ تأسيسها كانت هدفا لسهام عدد من القوى البرلمانية رغم أنها شاركت في تكوينها. ولقد أن الأوان اليوم لوضع النقاط على الحروف وإلزام القوى المشاركة في الحكومة بضرورة دعمها وإسنادها برلمانيا أو فسح المجال لغيرها لدخول الحكومة وفقا لهذه الأسس.

 وكذلك فإن المقصود بالحكومة القوية هي تلك الحكومة التي يعتمد مبدأ الكفاءة في إنتخاب أعضائها, لا مبدأ المحسوبية والمنسوبية والأنتماء الحزبي والولاء لهذا وذاك, بل المطلوب الكفاءة والولاء للوطن . إن الكفاءة تعني معرفة القرار والقدرة على إتخاذ القرار والقدرة على تنفيذه. لقد كان احد نقاط ضعف الحكومة الحالية هو إعتماد سياسة المحاصصة عند تشكيلها بدلا من إعتماد مبدا الكفاءة بغض النظر عن الأنتماءات الطائفية والقومية والحزبية الأمر الذي ساهم في ضعف أدائها.

 وأخيرا فإن الحكومة القوية هي تلك الحكومة التي تعتمد في سياستها, مبدأ العدل والمساواة بين العراقيين جميعا بغض النظر عن إنتماءاتهم , فيشعر الجميع بأنها حكومتهم وليست حكومة طائفة او قومية معينة. فإن تعلن مثلا منطقة ذات هوية معينة منكوبة بسبب عمل إرهابي , فيجب إعتماد نفس المبدأ في منطقة أخرى في حال تعرضها لعمل مشابه. وحينها ستكون هذه الحكومة قوية لأن الشعب كله يقف ورائها وبغير ذلك فهي حكومة واهية , تسير نحو الهاوية وحينها لن يأسف عراقي على سقوطها!.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبعوالنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com