قتل الأيزيدي والمشي بجنازته !

 

 

يوسف ابو الفوز

haddad.yousif@hotmail.com

ما حصل لابناء شعبنا من الايزيدين، على يد عصابات التكفير الاجرامية، أعاد الى البال جرائم النظام العفلقي الفاشي المقبور، الذي وأد الالاف من ابناء شعبنا الكوردي المناضل، خلال عمليات الانفال البشعة، وكان بينهم المئات من الايزيدين، نساءا ورجالا واطفالا، وخلال سنوات الكفاح المسلح لاسقاط نظام العفالقة، ايام نشاط ونضال فصائل البيشمه ركة، ومنها التابعة للحزب الشيوعي العراقي، في جبال كوردستان، مررنا بتلك القرى الفقيرات، التي قدمت لنا مختلف المساعدات ، حيث كانوا يتقاسمون معنا خبزتهم، وعرفنا الكثيرين منهم بشكل مباشر، وعاشرناهم، وضحكنا مع اطفالهم، ولعبنا معهم، وثم بكيناهم باحرالدمع حين علمنا بما حل بهم من ماس خلال عمليات الانفال سيئة الصيت على ايدي المجرمين العفالقة ، وفي كتابي "اطفال الانفال" الصادر في السليمانية، شتاء 2004، عن وزارة الثقافة في اقليم كوردستان هناك ملحق بصور وقوائم اسماء لبعض من هؤلاء الضحايا من الايزيدين .

يعود اليوم حلفاء فلول وشراذم نظام المجرم المقبور صدام حسين، ليرفعوا رايات التكفير بأسم الدين، ويقترفوا واحدة من ابشع الجرائم بحق الناس المسالمين العزل ، ليس لذنب فعلوه، سوى لانهم ينتمون الى الديانة الايزيدية ، التي هي واحدة من اقدم  الديانات التوحيدية المسالمة.

فكرة كتابة هذه السطور، ولدت خلال مروري على بعض المواقع الاعلامية الاليكترونية، لمطالعة ومتابعة ما صدر حول الجريمة الشنيعة من تقارير وتفاصيل ومن بيانات استنكار وتعزية من مختلف المنظمات والاحزاب والجمعيات، وايضا من المقالات الصحفية، وخلال مطالعتي كل هذا استوقفتني بعض بيانات الاستنكار، التي تتطلب اصدار بيان استنكار خاص ضد طريقة كتابتها واسلوبها ، فهذه البيانات "تدين " الجريمة وتتباكى على "ابناء شعبنا في قضاء سنجار"!!، ورغم اني لست مع البيانات الطويلة التي تسهب وتبعد القارئ عن الغرض الاساس، الا ان بيانات الاستنكار التي اعني كانت بخيلة جدا بالكلمات على  "ابناء شعبنا "!! المتباكى عليهم، بحيث ان احدها تجاوز قليلا الخمسة عشر كلمة، وبيان اخر تحدث بشكل مبستروبفقرة قصيرة وردت ضمن بيان ادان " بالجملة " عدة اعمال اجرامية حصلت مؤخرا في وطننا العراق، وكأن "ابناء شعبنا  في سنجار " !! لا يستحقون بيانا منفصلا يتضامن معهم ويدين الجريمة التي نفذت بحقهم من قبل اعداء الشعب والوطن؟؟

اعود لاقول، لست ضد ان تكون البيانات قصيرة، فهي يمكن ان تكون برقيات، وهذا معقول جدا، ولكن من المضحك ان تكون مكتوبة وكانها "سلة خضرة مشكل" او على طريقة "بدربك أحبيب"، ولكن اكثر ما اثارني واستوقفني هو ان هذه البيانات لم تجرأ وتسم "ابناء شعبنا في قضاء سنجار" من الايزيدين بأسمهم ولو مرة واحدة كيزيدين، وكأن "ابناء شعبنا" الساكنين في سنجار قدموا من القمر او المريخ، وليس لهم هوية معروفة ومعلومة!!

ان هؤلاء الذين يستنكفون وباصرار عن ذكر اسم الديانة الايزيدية في بياناتهم النارية، أعتبرهم شخصيا من المساهمين في الجريمة بهذا الشكل او ذاك، فصاحب الفعل الاجرامي الذي ارسل سياراته المفخخة الى الاحياء السكنية الفقيرة، والى كراجات السيارات، يتغذى من هذا العقل ذو النزعة التكفيرية، الذي يتباكى بدموع التماسيح على الضحايا الابرياء وفي داخله يمد لنا لسانه على طول مقاس النصوص التكفيرية التي يخبأها تحت رداء الكلام المنافق المعسول .

ان اصحاب هذه البيانات، عندي، كمن يقتل الميت ويسير بجنازته، فهم يتناسون ـ ولا يريدون ـ معرفة أن الايزيدية واحدة من اقدم الديانات التوحيدية، تؤمن بإله واحد، والتي يقطن معتنقوها ارض بلاد الرافدين منذ الاف السنين، فخبراء الاثار يشيرون الى ان الابحاث بينت ان كلمة "ايزيدي " تعود في اصلها الى كلمة سومرية هي (a..zi-da) المكتوبة بالخط المسماري، والتي تعني  الطريق الحق والذراع الأيمن، وهذا يتلائم تماما مع بعض ما يقول به الايزيدون عن دينهم نحن "على دين الحق والطريق الصحيح". وللاسف، ولاسباب كثيرة  لم تتوقف المظالم والاساءات والاعتداءات على الايزيدين منذ أيام السلطنة العثمانية وحتى ايام الحكم الملكي في العراق، وفيما بعد في ايام الديكتاتورالمجرم صدام حسين ، الذي صار معروفا كيف تأمر لاثارة نقمة الشيعة المسلمين على الايزيدين وذلك بأن البس وحدات من قوات الحرس الجمهوري ملابس الايزيدين وارسلهم لمهاجمة بعض المواقع في مدينة كربلاءايام انتفاضة اذار 1991.

ان اصحاب هذه البيانات ، التي تتطلب التوقف عندها بحزم، والتصدي لأفكارها التي تقصي وجود الاخرين، ولا تعترف بهم، يصبون شاؤا ام ابو في ذات المجرى الاسن الذي يغذي العصابات التكفيرية، وكان يغذي نظام المقابرالجماعية المقبور، الذي همش كل الشعب العراقي، والذي اورثنا حطام بلد وشعب ، وما هم عندي الا جزء من هذا الحطام والبلوى.

اليس كذلك؟؟  

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com