المالكي واللعب بالوقت الضائع
 

 

 

د. فيصل الفهد

info-bounces@doniamail.com

لايزال المالكي يتحدث متفاخرا بما أنجزه من اتفاق (تاريخي) مع من سبق أن اتفق معهم قبل الاحتلال وبعده (حزبا الطالباني والبارزاني وجماعة الحكيم) مع محاولاته لاستمالة من باعوا أنفسهم في الوقت الضائع ممن يدعون كذبا أنهم من عشائر العراق العربية في محافظتي الانبار وصلاح الدين وهي وسيله ضغط لثني جبهة التوافق عن قرارها المتردد أو ربما أن هناك اتفاق بين هذه المكونات الهجينة لعدم إحراج ممثلي جبهة التوافق في مسرحية تمرير الفقره140 الخاصة بكركوك ومشروع سرقة النفط العراقي وبعدها تعود جبهة التوافق الى التوافق مع المالكي والحكيم والطالباني والبارزاني!!

وفي ظل أجواء التآمر ضد الشعب العراقي يزداد الحديث عن الهروب الأمريكي من المستنقع العراقي وازدادت معه عمليات التسريب التي تتم بشكل منظم (ومدروس) لمعلومات ووثائق وقرارات عن مراكز صنع القرار الأمريكي (التي يفترض أنها على قدر كبير من السرية) وهذه التسريبات تتحدث عن نتائج دراسات وإحصائيات ونصائح إضافة إلى تقارير لزيارات ميدانية لمسئولين كبار في الإدارة الأمريكية كلفوا بالقيام بها أضافه إلى التقارير التي يقدمها من انتهت مهمته في العراق فيطلب منه أن يدلو بدلوه أو أنه يقوم بذلك مبادرة منه نتيجة لما عصف به هول الأحداث والوقائع التي شاهدها أو عاشها بأم عينه والتي تتناقض تماماً عما يحاول أن يظهره الرئيس الأمريكي أو أركان إدارته من أن الأوضاع في العراق تسير على خير ما يرام وأن ما وضعته أمريكا من برامج لاحتلال العراق وتدجينه ديمقراطياً بالقتل والترهيب والترغيب والاعتقالات قد جاء بثماره لاسيما بعد تطبيق إستراتيجية بوش بزيادة عدد قواته في العراق.

إن عملية تسريب المعلومات هذه والحديث عن الفرار من جهنم العراق تثير كثير من التساؤلات وفي مقدمتها هل فعلاً أن إدارة بوش وصلت إلى نقطة اللاعودة؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا يخرج علينا الطالباني رئيس جمهورية (الطالباني) والمالكي رئيس وزراء (الألعوبة) بتصريحات نارية بأنهم لا يقبلون برحيل قوات الاحتلال ثم يتجاوزون هذه الأمنيات ليقدموا طلباً رسمياً إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن (الأمريكيين) من أجل إبقاء هذه القوات إلى يوم يبعثون؟!

وهنا يمكن أن تثار أسئلة منطقية أخرى ولكنها باتجاه معاكس تتعلق بحقيقة وجود صلاحيات للحكومة المنصبة من المحتلين فمثلاً هل أن الطالباني أو المالكي أو حكومتهم الألعوبة ومجلس نوابهم المهزلة قادرين فعلاً أن يطلبوا من الأمريكيين مباشرة أو من مجلس الأمن أن يسحبوا القوات الغازية من العراق؟!

إن أي إنسان عاقل يدرك تماماً أن بقاء المحتلين أو فرارهم هو قرار أمريكي صرف لا حول ولا قوة فيه لا لمجلس الأمن ولا للعملاء في العراق... فالإدارة الأمريكية عندما غيرت دفتها من أفغانستان إلى العراق لم تنتظر قراراً من أحد ولم تسمع نصيحة من صديق أو خصم... إذن قرار الاحتلال كان قراراً أمريكياً وقرار الهروب سيكون أمريكياً أيضاً!!

وإذا كان الأمر هكذا فماذا تعنيه كل هذه التصريحات والفبركة الدعائية؟ ونقول أن في كل شيء في الحياة بداية ونهاية وما بينهما ونحن الآن في مرحلة التمهيد للنهاية فالإدارة الأمريكية بما ارتكبته من حماقة بحق الشعب العراقي ونظامه الوطني أدركت سراً أنها ذهبت إلى المكان الخطأ في الزمن الخطأ وأن هذا الإدراك الذي لا يمكن لأي مسئول يمتلك الإحساس والعقل أن يخزنه في مجرات مكتبه السرية طويلاً.... وبما أن بوش قد حباه الله بقليل من الإدراك فقد أصبح من المتعذر عليه أن يحتفظ بجوهر هذه الحقيقة (تورطهم في غزوهم للعراق) ومن الصعوبة عليه بشكل أكبر وبإحراج شديد أن يصرح بها أمام الرأي العام إذن فأفضل طريقة هي تسريب هذه الحقيقة ونتائجها بشكل تدريجي ليتهيأ الرأي العام الأمريكي أولاً والعالمي ثانياً للتعاطي مع إعلان قرار الهروب الأمريكي من العراق وبأقل الخسائر (الاعتبارية).

إن المجرم بوش وإدارته المتصهينة لايعيروا أي اعتبار لعملائهم الذين جاؤوا معهم لاحتلال العراق فهم ليسوا اكثر من سلعة رخيصة تستعمل لمرة واحدة ثم ترمى في الزبالة وهذا هو مصير كل العملاء في كل تجارب الاحتلال الأمريكي لشعوب العالم وهنا نسأل المالكي وأقرانه في العمالة إذا كان الأمريكيون قد خططوا للهروب من جحيم العراق فماذا أنتم فاعلون؟ اما كبير العملاء الطالباني فانه لا يحتاج إلى التفكير في هذا الأمر لأنه في كل الأحوال سيعود إلى السليمانية رغم أن الشعب العراقي لن يسمح لأي خائن أو عميل أو مجرم شارك في قتل العراقيين وفي تدنيس أرضهم الطاهرة أن يشم هواء العراق.. هذا إذا سلم هؤلاء المجرمين العتاة من عقاب الله والمقاومة العراقية الآن.

وربما كان هذا الموضوع (مصير العملاء بعد خروج الأمريكيين) هو شغلهم الشاغل. ومن هنا نلاحظ هذه الحمى المجنونة التي ظهرت على حكومة المالكي حيث أصبح لا شغل لها سوى الاغتيالات والاعتقالات فإذا كان الأمريكيون قد اعتقلوا منذ احتلالهم للعراق وحتى الآن أكثر من 300 ألف عراقي لازال أكثرهم رهن الاعتقال فإن حكومة المالكي ومن خلفها مليشياتهم الإيرانية يريدون أن ينافسوا الأمريكيين في أرقامهم فشنوا حملات واسعة من الاعتقالات والقتل الجماعي أملاً في الوصول إلى حالة أو وضع يجعل الإدارة الأمريكية تتراجع عن قرار الانسحاب من العراق وما يتمناه العملاء ليس حباً في الأمريكيين ولكن لأن وجود الأمريكان ضمانة لوجودهم (حسب ما يعتقدون) وكل هذه الجرائم (القتل والاعتقالات الجماعية) بحجة أنهم قادرين على إنهاء مقاومة الشعب العراقي (حتى نهاية الشهر الثامن من هذا العام موعد تقديم شتراوس لتقريره ) وتناسى هؤلاء الأغبياء أن الأمريكيين بكل ما جيشوا له وحشدوه من عدة وعدداً وتكنولوجيا متطورة وكم من الجواسيس والعملاء بما فيه (هم) فشلوا فشلاً ذريعاً ونفضوا أيديهم من هذه القضية الخاسرة بل إن الذي يحدث أن المقاومة تزداد قوةً وتنظيماً وأداءاً وعدداً بشكل هائل في كل يوم أكثر من اليوم الذي سبقه إضافة إلى أن زيادة عمليات الاغتيالات والقتل المنظم وزج أعداد كبيرة في السجون والمعتقلات يزيد من مساحة العراقيين الذين يؤيدون المقاومة وقسم كبير منهم ينتمي إلى تشكيلاتها أو يمارسها على طريقته الخاصة (فرداً أوجما عات) وهذا يحدث كل يوم...

وبمعنى آخر إن العملاء يعتقدون أن لديهم فرصة مع وجود المحتلين بإيجاد أرضية مشتركة معهم لتحقيق مصالحهما بعد القضاء على المقاومة أو أضعافها بحيث يمكن لهؤلاء أن يؤمنوا وضعهم في العراق ويستمروا في حكمه بدعم وإسناد إيراني حتى بعد خروج الأمريكيين!!
إن هذا التفكير القاصر للحكومة الالعوبه المبني على حسابات (إيرانية) ومصلحة أمريكية مع مسايرة الطالباني لهما يدلل على حجم غباء هؤلاء ومدى حقدهم على الشعب العراقي والعروبة والإسلام ومدى ضلوعهم في المشروع الإيراني الذي يلتقي في بعض أهدافه مع أهداف الإدارة الأمريكية المتصهينة.

فالأمريكيون يتمنوا أن تزداد حدة المواجهة بين هذه المليشيات العميلة والشعب العراقي ومقاومته والخسائر في الطرفين سوف تسجل لصالح الأمريكيين الآن وفي المستقبل وأما النظام الإيراني فإنه يمكن أن يستفيد من أي إضعاف للمقاومة العراقية وقدراتها القتالية والقضاء على رموزها وقياداتها المقتدرة المجربة بما يعني أن العراق سيعاني من فراغ الرموز والقيادات بعد خروج الاحتلال وبالذات في المؤسسات العسكرية الأمر الذي سيتيح الفرصة المناسبة لبروز عناصر تملأ هذا الفراغ (إيرانيه) وهذا يتم وفق حسابات دقيقة للعمائم الإيرانية التي تعرف جيداً النقاط الارتكازية للمقاومة العراقية (الجيش العراقي والحرس الجمهوري وفدائيو صدام والأجهزة الأمنية والاستخبارية إضافة إلى مناضلي حزب البعث والفصائل الإسلامية والقومية المجاهدة).

إن ما يحدث في العراق بين هؤلاء المجرمين وبين الشعب العراقي وما يترتب عليه من خسائر يدفع ثمنها العراقيين إنما تدخل في صلب لعبة التجاذب والصراع بالنيابة بين أمريكا وإيران والميدان بينهما هو العراق والضحية هو الشعب العراقي وبمعنى آخر أن الطرفين الأمريكي والإيراني إنما يقاتلان بعضهما ولكن بعيداً عن أراضيهما وشعبيهما.

لقد أصبح التداخل في الخنادق وخلط الأوراق وتزييف المصطلحات والتلاعب في الألفاظ ظاهرة يحاول جميع اللاعبين في الساحة العراقية استغلالها كل لمصلحته وعلى حساب الآخرين إلا أن النتيجة المسلم بها تؤكد أن كل ما يحدث سيسجل لصالح الشعب العراقي ورصيد مقاومته الوطنية الباسلة .

فكل من هذه الأطراف يخطط الآن ليعوق ويعكر مرحلة ما بعد تحرير العراق لاسيما وأن إيران تدعم بقوه المليشيات العميلة للاستمرار بالعمليات الإرهابية ضد الشعب العراقي وهذا ما يجب أن ينتبه إليه العراقيين من الآن وأن يقبروه في مهده. وهم قادرين على ذلك.


العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com