لماذا يريدون إسقاط حكومة المالكي ؟

 

 

يحيى السماوي

:yahia.alsamawy@gmail.com

 مرة اخرى يقدم لنا قادة الإسلام السياسي قصر نظر ٍ في التعاطي مع المعضلة العراقية كاشفين عن حرصهم على " صورة الكرسي " وليس على "سورة الكرسي".. تفحص

أسباب الصراع بين رفاق الأمس، يكشف عن أن المصلحة الشخصية تأتي بالدرجة الأولى، تليها المصلحة الحزبية... وأما المصلحة الوطنية، فموقعها الدرجة الرابعةـ بعد الدرجة الطائفية والمذهبيةـ في سـُلـَّم المصالح .

 هذا ما يمكن أن يخلص اليه المتابع لسير الصراع على قيادة عربة الحزب وكرسي رئاسة الحكومة بين قطبي قيادة حزب الدعوة السيدين ابراهيم الجعفري ونوري المالكي وهو صراع كان من المفترض تأجيله ريثما يستعيد العراق عافيته (أو بعضها)في وقت بات جليا فيه أن جهات عديدةـ داخلية وخارجيةـ لا تريد للحكومة الحالية النجاح في مهمتها، وتعمدت وضع العصي في دواليبها، وخلع ألواح من سفينتها بغية تسريع إغراقهاـ ليقوم من وضع العصي والالواح بالإنقاذ، كي يظهر نفسه للشعب العراقي بأنه " القائد الضرورة " الجديد .. و" حامل المفتاح السحري " رغم أنه جرب ادارة السلطة في وقت سابق، فلم تكن  إدارته بأفضل مما هي عليه الحال الان.. بل إن حكومة المالكي قد ورثت الكثير من الانعكاسات السلبية الناجمة عن إخفاقات سابقيه ..

وقد أثبت السيد المالكي كونه الأكثر من بين سابقيه، قِـلـّة كلام، وكثرةَ عمل، والأكثر تواضعا والتحاما بالناس وسعيا ً للخروج بالعراق من النفق المظلم .

 وإذا كان لجبهة التوافق والقائمة العراقية مثلا بعض ا لمبررات لإفشال حكومة المالكي، لوجود خلاف طائفي أو أيديولوجي ـ فأنه لا يوجد أي مبرر لانشقاق حزب الدعوة ولتنامي الصراع بين قيادة الحزب من جهة، وبينه وبين الكتلة الصدرية من جهة أخرى مع أن  الكتلة الصدرية كانت وراء تسنم السيد المالكي رئاسة الحكومة... وما يؤسف له، أن الكتلة الصدرية التي دعمت المالكي بالامس، باتت تراهن على  إسقاط جكومته اليوم ..!؟

 ان الوطن السابح في بحيرة الدم المسفوح هدرا من قبل قوى الظلام الإرهابية وبقايا فلول النظام المقبور، توجب على الجميع تأجيل الخلافات والعمل كتلة واحدة للحيلولة دون غرق السفينةـ خصوصا وأن تسريبات اعلامية تشي باعتزام الادارة الامريكية إقامة حكم عسكري، ما يعني إعادة الاعتبار للديكتاتورية بحجة فشل النظام المدني في تحقيق الاستقرار... وثمة في الأفق ما ينبئ عن مشروع امريكي لتفتيت العراق وتحويله الى أرخبيل كيانات هشة تحت ذريعة الحيلولة دون نشوب حرب طائفية ( وهي التي نثرت بذورها وهيّأت لها المناخ الملائم).

 

 صحيح ان حكومة المالكي لم تنجح بإنجاز ما تعهدت بانجازه على صعيد تحقيق  الأمن والخدمات للمواطنين والمصالحة الوطنية ـ لكن الصحيح أيضا ، ان المالكي لا يتحمل مسؤولية هذا الفشل وحده بقدر ما يتحملها الجميع ـ بما فيهم الأحزاب والكتل التي انسحبت من الحكومة ، والتي ما فتئت تهدد بالانسحاب .... فهل يتدارك الجميع الخطر المحدق بالوطن والانسان العراقيين قبل فوات اللأوان ؟ أم سيبقى العراق يدور في متاهة حلقة مغلقة؟

تتحدث أقلام عديدة، عن أن كثيرين من المتصدرين واجهة المسرح السياسي العراقي في المرحلة الراهنة، قد اشتروا فللا وبيوتا في الخارج ... وإذا كان ذلك صحيحا، فهل يعني أنهم يائسون من الغد العراقي ، وبالتالي، فلا بأس من غرق الشعب وتفتيت الوطن طالما قد ضمنوا لهم سفينة نوح تقيهم من الغرق؟

   إذا كان الأمر كذلك، فليغادروا السفينة الان قبل إغراقه .... فالعراق لم يكن عقيما يوما.. ولن يكون.. لقد بلغ  الوجع العراقي منتهاه... وربما  العراق هو البلد الوحيد في العالم الذي يتواجد بعض نواب برلمانه في الخارج، وكأن الجماهير انتخبتهم ليمثلوهم في فنادق عمان ولندن وواشنطن مقابل رواتب خرافية، وليس في بغداد  أو البصرة والموصل وباقي المدن العراقية التي لا يخرج ابناؤها من بيوتهم قبل  قراءة سورة الفاتحة على أرواحهم ما دام أن عودتهم سالمين ليست مضمونة.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com