أبو غريب ـ ح27 ـ عائلة الحاج جياد كركر..!!

 

 

جلال جرمكا/ كاتب وصحفي عراقي/ سويسرا

عضو ألأتحاد الدولي للصحافة وعضو منظمة العفو الدولية

tcharmaga@hotmail.com

من دفتر ذكرياتي في معتقل/ أبوغريب ـ الحلقة السابعة والعشرون ـ عنوان الحلقة/ عائلة الحاج جياد كركر!!.

ياترى من هي هذه العائلة.. وماهي علاقتهم بمعتقل/ أبوغريب؟؟؟.

في الحقيقة قصتهم أغرب من الخيال.. حيث مفارقات وظلم وأظطهاد..طيب.. لنرى:

 كنا قد أنتقلنا الى القسم الثاني وكان مراقب القسم أحد ألأخوة من تركمان كركوك، وكان قبل أعتقاله (ضابط أحتياط).. للأسف الشديد نسيت أسمه.. لكوني لم أدونه في دفتر الذكريات.. والعجيب كنت أحبه ولي علاقة معه..الم أقل لخريف العمر تأثيره..؟؟ حاولت أن أتذكر أسمه.. لكن هيهات.. على كل!!.

طلبوه الى ألأدارة.. عند العودة أخبرنا بقدوم وجبة جديدة من المحكومين.. وأكثرهم من أهالي مدينة بغداد.. وقد جاؤا من ألأمن العامة وألأستخبارات العسكرية.

تلك كانت من المسائل الطبيعية.. كل أسبوع.. كل فترة وجبة جديدة.. الذي يهمنا كان ياترى من أية محافظة هؤلاء.. والسبب (كما أسلفت) لتتهيأ القدامى لأستقبال أبناء محافظتهم وألأعتناء بهم.. هكذا كانت ألأمور!!.

الذي جلب أنتباهنا كان هنالك ـ أب وثلاثة من أولاده ـ ضمن تلك الوجبة.. نعم أربعة أشخاص من عائلة واحدة ... مسألة عجيبة ومحيرة!!

بعد التحية والسلام والحمدلله عالسلامة عرفنا أسمائهم وهم :

ـ الحاج / جياد كرر .

ـ صباح جياد كركر .

ـ حيدر جياد كرر .

ـ قاسم جياد كركر ـ حتى أكون دقيقاً ـ غير متأكد من أسم ألأخير!!.

الحاج/ جياد كان محزوناً جداً.. ما أن راى ألأهتمام وألأستقبال حتى أجهش بالبكاء.. بكى بحرارة.. حتى تعاطفنا معه.. هدئناه..:

ـ توكل بالله حاج.. قول يالله.. أنت مؤمن .. هذه قسمتنا جميعاً.. الله كريم .

كان رده معقولاً ومنطقيا!!.

ـ أخوان (ماظل) عندي أحد.. هؤلاء ثلاثة.. والرابع أسير في أيران.. كلهن نسوان.. من يعينهن؟؟؟.

كلام الحاج/ جياد كان منطقياً.. مع ذلك كان من الواجب تهدئته.. والتحدث معه ومشاركته في تلك المحنة!!.

بعد الحمام وتناول الطعام والشاي وقليل من ألأستراحة.. سألناه عن سبب وجود الجميع هنا!!؟؟.

رد علينا/ الحاج جياد وهو محزون للغاية.. مع ذلك قال:

ـ القصة طويلة وطويلة جداً.. لكنني سأختصرها:

لي أبني الرابع أسير منذ سنوات عديدة ، تأسر في (الشوش)*.. ومنذ ذلك الوقت أنقطعت أخباره ..لم نستلم أي خبر غير رسالتان عن طريق الصليب ألأحمر.. نعم تأكدنا أنه أسير.. حاله حال آلآف من العراقيين!!.

قبل ستة أشهر.. تفاجئنا وفي الليل أن أبني ألأسير قد عاد.. ودخل البيت.!!.

كانت فرحة لاتوصف.. أستقبلناه بالأحضان والفرح.. أرادت والدته أن (تهلهل) ..أي تزغرد.. لكنه منعها وقال :

ــ جئتكم بزيارة سرية كم يوم وأعود الى آيران!!!.

ما أفتهمنا قصده.. ماذا تعني زيارة سرية وهو أسير؟؟ وياترى كيف دخل العراق؟؟ وكيف سيخرج؟؟.. مع عشرات ألأسئلة المنطقية!!.

في كل ألأحوال الفرحة كانت لاتوصف ..بعد سنوات طويلة من الغياب.. نعم جلسنا معه حتى الصباح وهو يحكي قصته من (طق طق الى سلام عليكم) .. عرفنا مايلي:

بعد أن تأسر مع وحدته (جميعاً) نقلوهم الى داخل ألأراضي ألأيرانية .. وهناك الى معسكرات أعتقال.. وغيرها من التفاصيل المملة!!.

بعد سنة أو أكثر.. يتطوع مع آلآف وينظم الى أحدى التنظيمات العراقية (المسلحة) أعتقد جماعة المجلس ألأعلى.. قوات بدر.

هناك يصبح حراً.. حيث التدريب والمحاضرات وغيرها..!!.

لذلك أستطاع من أقناع أصدقائه ومسؤليه أن يجازف وعن طريق كوردستان دخل العاصمة.. والمسألة كانت سهلة.. ولكن بواسطة أناس معتمدون!!.

وزيارته كانت لسببين :

ـ للقاء ألأهل .

ـ للقاء خطيبته.. وأذا أمكن يأخذها معه!!.

نعم يبقى ألأبن ألأسير عشرة أيام مع ألأسرة دون أن يخرج من البيت.. والسبب لوجود عشرات المخبرين والجواسيس وغيرهم.. من الجدير بالذكر إن الحاج / كركر كان من عناصر الجيش الشعبي.. أي بيته بعيدة عن الشبهات !!.

بعد تلك الفترة.. يعود ويغادر بغداد ولكن بمفرده.. حيث رفضت خطيبته وهي أبنة عمه أن تغادر معه لكون المصير مجهول والطريق خطر.. حتى هو (ألأسير) أقتنع بالمسألة..لذلك عاد الى أيران عن نفس الطريق!!.

هكذا كانت فرحة كبيرة.. لم يعلم بالزيارة (بني بشر) غير أفراد العائلة فقط..لاغريب لاجار ولا أحد... أطلاقاً !!.

بعد أسبوع من عودة (ألأسير) ..في أحدى الليالي تداهم قوة من ألأمن مسكن الحاج/ جياد ويبدأون بالتفتيش والعبث بالأثاث والدواليب.. بحثاً عن شخص!!.

سألهم الحاج كركر:

ـ ماذا تريدون؟؟ عن من تبحثون؟؟.

رد عليه الضابط المسؤل :

ـ حاج نعرف كل شىء.. أين أبنك ألأسير؟؟.

قال الحاج: أبني أسير.. يعني ألأسير وين يكون؟؟؟.

رد الضابط: حاج لاتغشم روحك .. أعترف أحسنلك.. أكرر للمرة ألأخيرة.. أين أبنك الذي كان هنا قبل أيام ؟؟.

الضابط يؤكد.. والحاج ينكر.. حينها يأخذون العائلة جميعاً.. نساء ورجال الى دائرة ألأمن ويهددوهم بشتى أنواع التهديد منها ( التعرض للنساء)!!.

هنا لابد من ألأعتراف.. نعم يقوم الحاج بالأعتراف وبالتفصيل الممل!!.

كان رد المحققون :

ـ طيب لماذا لم تخبر عنه.. مو أنت حزبي وجيش شعبي!!؟؟.

كان الحاج / كركر.. يبكي بحرارة ويقول :

ـ ياناس.. ياعالم.. هل هنالك من يخبر عن أبنه ويذهب به الى حبل المشنقة؟؟؟.

نعم بعد بقائهم لأشهر في ألأمن العامة.. يحالون الى محكمة خاصة/ محكمة أمن الدولة والتي تشكلت بعد حل محكمة الثورة (سيئة الصيت) وكانت في داخل مديرية ألأمن العامة في منطقة/ البلديات!!.

تحكم عليهم جميعاً بالسجن المؤبد/ عشرون عاماً.. وعلى ألأسير(حكم غيابي) أعدام رمياً بالرصاص مع أستراد كافة ألأمتيازات التي أستحقها كأسير حرب من رواتب وغيرها!!!.

كانت كارثة.. في كل مواجهة كانت النساء يأتين للمواجهة.. وكان أحدهم متزوجاً.. كانت مأساة بحق!!!.

المشكلة والتي كانت محيرة فعلاً:

ياترى كيف علمت ألأجهزة ألأمنية بالحادث.. ألأسير وصل بسلامة الى أيران.. غير العائلة وبيت عمه لم يعلم بالموضوع أي غريب!!!؟؟.

تلك كانت من الأمور الي لا أنساها أطلاقاً.. عائلة تتجرد من يقوم بالعمل وأيجاد لقمة العيش.. ياترى ما العمل؟؟؟.

كانت أيام صعبة لاتنسى.. لاتزال تلازمني.

هنالك حلقات أخرى إنشاءالله تعالى .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com