|
في الذكرى الثالثة لرحيل المناضل مرشد محمد الوندي
محمد غازي خانقيني هذه الايام يصادف الذكرى الثالثة لرحيل المناضل مرشد محمد الوندي الذي قدم حياته من اجل الشعب والوطن وخدمة الانسانية جمعاء منذ صباه وحتى اخر يوم في حياته المليئة بالعطاء، على رغم من كل المشاكل الصحية والاجتماعية والظروف الصعبة والمؤلمة والحصار الفكري الذي جابهته من تشريد واختفاء واغتراب عن الوطن . وكان الفقيد خطاطاُ وفناناً تشكيليا لم يقتصر حياته على الجانب الفني فقط، بل كان مناضلاً وسياسياً عنيداً وسخر حياته مع رفاقه في مقارعة الدكتاتورية والاستبداد وتصديه لنظام البعث الدموي في سبيل حرية الشعب العراقي بشكل عام والشعب الكوردي بشكل خاص، واستمر في نشاطه من اجل العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة لاطياف الشعب العراقي ومحاربة الفقر والجهل والظلم والتخلف بواسطة اقلامه وفرشاته حتى أخر يوم من حياته، بعد ان وجد طريقه في الانتماء الى الحزب الشيوعي العراقي الذي كان في طليعة القوى الوطنية المناضلة على الساحة العراقية. عندما قامت حكومة البعث بحملة الشعواء ضد أعضاء الحزب الشيوعي العراقي في نهاية السبعينات من القرن الماضي، أضطرت الفقيد مرشد الوندي الى مغادرة مدينته خانقين فألتجأ الى جبال كوردستان وانظم الى الصفوف الحركة الوطنية المسلحة، فقضى فترة طويلة من حياته وبين أخوته واخواته من جميع الأطياف العراقي على جبال كوردستان وداخل وديانها وكهوفها ، واخيراً استقر به المطاف في السويد بعد أصابته البليغة في احدى المعارك ضد الجيش العراقي، واصبح الفقيد معوقاً ومشلولاً إلا انه لم يتخلى عن نشاطه السياسي والفني وتحدى الزمن وصعاب ايامه خلال أعماله الفنية. كان مرشد الوندي مناضلاً حقيقياً لأنه شارك في كثير من الفعاليات الفنيه والسياسية وحتى القتاليه حيث سقط من احد مرتفعات الجبليه وكان اصابته بالغه واصبح مقعدا حتى وفاته في شهر الثامن سنه2004 في احد المدن سويديه ونقل جثمانه الى مسقط راسه في خانقين ودفنه هناك.
شيئاً من حياة الفقيد مرشد محمد الوندي: ولد الفقيد في مدينة خانقين في سنة 1954 من عائلة ميسورة وفنية وكان أخاه الاكير الاستاذ اسماعيل قناناً تشكيلياً وخطاطاً واستاذاً جامعياً وكذلك أخاه الاستاذ خليل كان فناناً وخطاطاُ ومعلماً وبعد ذلك نقل الى احدى الدوائر الدولة موظفاً بسبب موقفه الوطني من نظام البعث، وعاش الفقيد طفولته وصباه وشبابه على ضفاف نهر الوند واكمل دراسته البتدائية والمتوسطة والاعدادية في خانقين ولكن لم يتمكن الاستمرار في دراسته الجامعية بسبب ظروف السياسية والوطنية، وكان معروفاً بين اهله ومعارفه بانه صريحاً جداً وصادقاً دائماً مع نفسه ومع الاخرين كما كان نبيلا وهادئا ويحب الخير للأخرين . وكان مرشد الوندي يتميز اسلوبه بقوة التعبيرلكتابة الخط العربي الذي يعتبر الخط العربي من الخطوط المتقدمه جماليا شكلا وتركيبا عن سائر الخطوط الاخرى. وهو من اهم العناصر الحضاريه وواحدا من اهم مظاهر الفنون الاسلاميه. قطع الخط العربي مراحل عديده وفي كل مرحله جاهد الخطاطون من اجل ان يضعو له اسسا وقواعد متينه وراسخه يالاضافه الى الاهتمام الكبير في الجماليه شكل الحروف. اليوم نرى ان ماوصل اليه الخط العربي من الجوده والكمال يفوق الخطوط الرومانيه والصينيه والفهلويه. وظهر موهبة الوندي بأتجاه الخط والفن التشكيلي في وقت مبكر منذ صباه عندما كان طالباً في صفوف الاولى من الابتدائية وأشتهر بين الخطاطيين الذين برزو في مدينة خانقين ومحافظة ديالى في القرن الماضي واستغل الوندي محل والده (دكان) ليواصل أبدعاته الفنية وبشكل خاص في الخط، وكان الفقيد يبحث دائماً عن سطور وخطوط قديمة ومحاولاته المستمرة لفك غموض الكتابة القديمة والكتابة الكوفية وهو من قلائل اعطو ديمومة البقاء لتلك السطور القديمة وحمايتها من الضياع ، حيث تعود على قراءتها وأبداع في كتابتها أيضاً. وكرس الوندي حياته خدمة للمجتمع العراقي بكل اطيافه بواسطة اقلامه وفرشاته التي كانت سلاحه الحقيقي ليحارب اعداء الشعب العراقي، كما زين اقلامه وفرشاته أوجه كثير من الصحف الوطنية مناهضاً للنظام البعثي وافكاره الشوفينية ، وكما رفض ان يخدم في الجيش العراقي ليكون اداة بيد جلاوزة النظام لقمع ارادات وحريات شعبنا ، وكان يقول لأصدقائه المقربين لو حملت سلاحاً سوف استخدمه ضد الطغاة البعثيين والمنافقين ، والتحق برفاقه من الشيوعيين والوطنيين في قوة الانصار الذين كانوا متواجدون في كوردستان، وعرف بين رفاقه في كوردستان باسم حميد الخطاط الذي اخذه اسماً حركياً له. نعم انني فقدو صديقاُ واخاً ومناضلاً بعد ان ارسل لي خطوطه الجميلة قبل وفاته كي انقله الى اجيال القادمة الذين سيواصلون من بعده مسيرة الابداع خدمة للوطن والشعب. ولكني أواعد نفسي ان اكتب رثائك كل السنة في ذكراك، رغم اني لست كاتباً ولا شاعراُ، وسوف استمر لنشر كل كلمة خطتها وقاتلت بها من اجل الحرية والكرامة، للأسف الشديد لم اقرأ عن الوندي بذكرى وفاته من قبل رفاقه واصدقائه، لذلك اجبرت ان اكتب هذه الكلمات البسيطة لاعبر عن حزني والامي ولا يصبح من المنسيين، واكرر رغم اني لست كاتباً ولا صحفياً ولا شاعراً . المجد والخلود لفقيد الشعب والوطن مرشد الوندي، وستبقى ذكراك خالد لا تغيب عن أذهاني واذهان رفاقك ومحبيك الذين يتذكرون على الدوام ما قدمته من مآثر لا يمكن نسيانها.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |