|
ذكرت كتب التاريخ ان أبرهة الحبشي توجه بجيش جرار إلى مكة لهدم الكعبة الشريفة مستكبراً ومغرورا بهذا الجيش وتلك القوة، ولما تخلى الناس عن حماية البيت الحرام حماه الله تعالى من هذا الجيش وجعله آية للناس في كل زمان ومكان. وتذكر الروايات ان ابرهة ارسل مبعوثا الى اهالي المدينة ليخبرهم بانه سيقوم بهدم الكعبة، وطالبهم بان يأتوه باحد الشخوص البارزة ممن يمثل قبائل المدينة، فاتى اليه عبد المطلب عليه السلام، وفي حديث جرى بين الطرفين توجه ابرهة بالسؤال لعبد المطلب عن حاجته فأجابه بأنه يريد استرجاع إبله التي سرقها الجيش، فتعجب حينها ابرهة من جواب عبد المطلب وقال له بانه توقع ان يكون جوابه حول منعهم من ضرب الكعبة او الاعتداء على المدينة، فكان جواب عبد المطلب بانه هو من يحمي ابله وللبيت رب يحميه وما كان جواب عبد المطب الا ايمانا منه بان الله تعالى سيبيد جيش ابرهة وقد سجل التاريخ موقف من وقف امام جيش ابرهة ومن تخاذل عن نصرة الكعبة الشريفة. وكأن التاريخ يعيد نفسه فعاد احفاد ابرهة اليوم وخصوصا في زيارة النصف من شهر شعبان لهذا العام ليهدموا قبر الامام الحسين عليه السلام، الا ان من نذروا انفسهم لخدمة سيد الشهداء وقفوا بكل جرأة وتصدوا بشراسة لمنع أي اعتداء على تلك العتبات وزائريها. الا انه وللاسف الشديد ان من كان يدعي بتمسكه بحب الامام الحسين عليه السلام سواء محافظ كربلاء المقدسة واعضاء مجلسها تخاذلوا عن الدفاع عن تلك المراقد المقدسة، حيث ازدادت الاشتباكات المسلحة بين المجاميع المسلحة وقوات فوج حماية العتبات المقدسة المنتشرة في المنطقة المحيطة بالعتبات، وبعد يومين من القتال ونفاذ عتاد الشرطة هرع افراد تلك القوات الى العتبة الحسينية المقدسة وتصدوا لتلك المجاميع المسلحة، ولقد كنت احد شهود العيان الذين شاهدوا المنظر الرهيب الذي تعرضت له العتبات المقدسة وزائريها الكرام الذين ارعبهم صوت العيارات النارية والاسلحة الثقيلة وقد تعرض الكثير منهم الى اصابات بالغة بسبب الرمي العشوائي، والمضحك المبكي في هذه القضية ان المحافظ (عقيل الخزعلي) واعضاء مجلس المحافظة والمسؤولين في الحكومة المحلية والمركزية كانوا قد ملؤا اذاننا قبل بدء الزيارة بتصريحاتهم الرنانة حول وصول الاعداد الكبيرة من رجال الامن الذين تجاوز عددهم (11) الف جندي لكننا لم نلمس أي تاثير لتلك القوى، والعتبات المقدسة محاصرة وقد استهدفت هذه الجماعات برصاصها المواطنين والزائرين مما ادى الى استشهاد بعضهم واصابة آخرين بجروح نقلوا الى مفرزتي العتبتين المقدستين، كما استهدفت هذه الجماعات الوحدات الخدمية المحيطة بالعتبة الحسينية المقدسة كأماكن وضع امانات الزائرين ومناهل الشرب وأسلاك الكهرباء وزجاج نوافذها وغيرها بالحرق والتهديم واحرقت عددا من السيارات الخدمية العائدة لها. الا ان الملفت للنظر ان العتبتين المقدستين حوصرت ولمدة اكثر من خمس ساعات مع مواصلة القتال واستهدافها من قبل قناصات المجاميع المسلحة دون وصول أي قوة حكومية لحمايتها وتقديم الدعم والاسناد لها، رغم الاستغاثة المتواصلة من قبل مسؤولي تلك العتبات وزائريها. وبينما انا اتجول في المنطقة المحيطة بالعتبتين وبعد ساعات من القتال العنيف وصل الى العتبة المقدسة وفد من الحكومة المركزية لتقصي الحقائق وكان يرافقه عدد هائل من رجال الامن والسيارات المقاتلة، فحينها تسائلت مع نفسي ما هذه المفارقة حيث ان شخصين او اكثر من الحكومة المركزية يرافقهم هذا العدد الهائل من اجهزة الامن، وبالمقابل هذا مرقد سيد الشهداء وابن بنت رسول الله صلى الله عليه واله قد تعرض لهجوم عنيف من قبل مجاميع ارهابية والكل وقف موقف المتفرج ازاء هذه الاحداث ولولا تصدي خدمة هذا المرقد ووقوفهم بوجه هذه المجاميع وثباتهم رغم سقوط عدد من الشهداء والجرحى لاخترقت تلك المجاميع المسلحة هاذين المرقدين المقدستين واحدثت ما احدثت من اعمال ارهابية فيهما، فتعسا لمن تخاذل لنصرة الامام الحسين عليه السلام. إن هذا الامر يأتي تاكيدا لمن يدعي انه حريص على حماية مراقد اهل البيت عليهم السلام بيد أن كلامه لا يعدو سوى ترهات، لان ما حصل في كربلاء اثبت حقيقة مفادها أن للحسين رب يحميه..
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |