|
(احتضار السلطة)
ناديه غريب رياح ليس غريبا ما تئول اليه السلطة في العراق اليوم، والمتمثلة بالحكومة الحالية من احتضار بطي مميت، والسبب واضح كوضوح الشمس،(كل ما يبنى على باطل فهو باطل) . ومثالنا على ذلك النظام البائد الذي استمر بقوتة ونفوذة وسيطرتة الى اكثر من ثلاثة عقود ونصف، الا ان هذا النظام تهاوى بايام معدودة عكس توقعات الخبراء والمحلليين العسكريين. واليوم وامام انظار الجميع تتهاوى الحكومة الحالية بسبب اخطائها الكبيرة التي اوقعت نفسها بها، غير ابهه لكل شي، وغير مكترثة لكافة الحلول المنطقية والشرعية التي قدمت لها. فلا نزال نراها تستغل الوقت المتبقي لها بمناورات جديدة مثل التحالفات واللقاءات التي لاتغني من فقر، للتشبث بما يمكن من الوقت في هرم السلطة المتهاوي. ان اكثر الامور بروزا وجوهرية لسقوط الحكومة وتاكلها هو البناء الطائفي الذي رافق بناء الحكومة الجديدة، من المؤسسات المدنية والعسكرية ، وعزل وتهميش بقية الكتل والحركات والقوائم من اجل الانفراد بالسلطة. ان وضع العراق اليوم يشهد صراعا حادا بين اطراف الحكم، وان الانقسامات والتشققات والتصدعات باتت واضحة على وجهة الدولة اليوم، وكان وما يزال عجز الحكومة واضح في ردم الهوة هذة بسبب كبر اتساعها وحجم رقعتها يوما بعد يوم، مما يضع مرافق الدولة الاخرى في موضع تخبط واضح في اداء واجباتها وخصوصا في الامور التي تهم المواطن بالدرجة الاولى مثل استقرار الامن وتقديم الخدمات الضرورية، وسبل المعيشة الضرورية للمواطن اليوم . ناهيكم عن طريقة توزيع الوزارات والذين زجوا في هذة الوزارات ، اشخاص لا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد بهذة الوزارات وباعتراف البعض منهم الشخصي بذلك. ان حكومتنا فقد بنيت على المحاصصة الطائفية وتشكلت وزاراتها ومرافقها بموجب المحاصصة ايضا، فلم يكن هنالك مجالا يسمح به لدخول الخبراء والمحترفين في فن القيادة واصولها وتضلعاتها، بسبب اقصائهم وتجاهلهم المتعمد مما دعى الامور اولا واخيرا الى اضاعة في الوقت والجهد والمال. فحكومة بنت اساساتها على اساس الاستحقاقات الطائفية والجهوية، وليس على حساب الكفاءة والمهارة والاختصاص، حكومة هشة وصورية، بسبب نقص الخبرة والتجربة لدى قيادييها ووزرائها بسبب صعودهم المفاجي ايضا الى قمة هرم السلطة، وهذا واضح في تلكؤ اداراتها امام المشكلات والعقبات والازمات، وهي اخيرا بدت واضحة من انها لم تكن تنم عن الاحتراف والتخصص. ورغم هذا وذاك نجد ان مكونات ما يسمى بحكومة الوحدة الوطنية هي اصلا متنافرة تارة ومتناحرة تارة اخرى فيما بينها، ووما يثير الدهشة في هذا الوضع السلبي جدا هو دور الحكومة في بذر بذور الطائفية من البداية بسبب صراعها الواضح على السلطة والنفوذ . كما ومن الامور التي ساعدت اليوم في احتضار الحكومة الحالية هي عمل روموزها البارزين ومن البداية لحساب مصالحهم الفئوية والحزبية على حساب المصلحة الوطنية وتضخيم الشعور بالانتماء الى الطائفة وهو ناتج اولا واخيرا عن ضعف الحس الوطني لديهم . مما يرسخ ويقوي الحاجز الحقيقي لمفهوم الطائفية، وهذا نراه واضحا اليوم في العمل الاخير الذي قامت به الحكومة الحالية كورقة ضغط اخيرة امام انسحاب المشاركين معها في العملية السياسية، وهو التحالف الكردي الشيعي الاخير . وهدف التحالف واضحا جدا لانة تحالف لا يهدف للاصلاح السياسي المنشود بل تحالف طائفي لكسب اكبر وقت للمماطلة والمطاولة في الحلبة السياسية . لان المصالحة الوطنية لم تستطيع الحكومة الحالية من تطبيقها على ارض الواقع بسبب عجزها الفعلي عن ذلك، لان سياستها ولحد اخر رمق في عمر الدولة هي سياسة طائفية بحتة، وهذا واضح في ان الاولى كانت وما تزال تتكور وتتمحور وتتجذر حول نفسها . ان الازدواج واضح في مفردات الحكومة الحالية وفي الياتة ووضعة السياسي، في وقت يمر فيه العراقييون ابناء هذا الشعب المنكوب بماساة مريرة وفريدة من نوعها وظلمها وواقعها في تاريخ الانسانية المعاصر . وقد فات الوقت وتاخر كثيرا على الحكومة الحالية لوضع الخطوات اللازمة للاصلاح السياسي على الساحة العراقية من خلال اتخاذ خطوات جدية وحاسمة على ارض الواقع عن طريق اللقاءات والحوارات والتنازلات من قبل الاطراف المعنية لذلك . بل ذهبت الحكومة الى ابعد من ذلك من خلال خلق جو خانق بالازمات السياسية ولم تنجح ايضا حتى بالتصدي لها عبر التصريحات الاعلامية والاتهامات والتهديد والتهميش والاقصاء لاغلبية الكتل المشاركة لها في العملية السياسية . ان وضع الحكومة الحالية لا يحسد علية ولا يحمد عقباه ، فهي تمر بازمة شديدة وخانقة وذلك من خلال مخططاتها التي رسمت ومنذ البداية نحو التكتل والتمحور حول ذاتها. وقد انتقلت عدوى التكتلات السياسية الى المجتمع بسرعة ليصبح المجتمع ايضا متكتلا حول بعضة البعض وذلك نراه واضحا في اشتعال نار الفتنة الطائفية والقتل على الهوية اليوم . واليوم ايضا صار المواطن العراقي العادي على قناعة تامة بان اداء الحكومة ودورها الراهن هو اداءا ودورا كان مميزا بالفشل، ومما ولد قناعة تامة بعدم ضرورة استمرار الحكومة الحالية بهذة الصورة التي هي عليها الان . اذ انها عاجزة تماما وفعلا عن تحقيق او انجاز اي شي مهم في العملية السياسية او تحقيق ابسط المستلزمات الضرورية لحياة المواطن العراقي . فما فائدة وجود حرية وديمقراطية مطلقة في التعبير عن الراي الشخصي باللسان، والتظاهر والانتقاد والكتابة على الجدران؟ وما فائدة الصحف والمجلات التي وصل عددها الى اكثر من 210؟ وما فائدة القنوات والمحطات الفضائية والارضية التي قاربت الخمسين محطة؟ وما فائدة حرية تاسيس الاحزاب او الانتماء لها والتي تجاوز عددها المئة من احزاب قومية ودينية ويسارية؟ ما فائدة ظهور دور المراءة في البداية ثم عزلها ؟ وما فائدة وجود مجتمع مدني دون ان ياخذ براية او حتى يقبل في وجودة؟ ما فائدة الحكومة وسلطتها في ظل استفحال القوة المدمرة التي تستمد شرعيتها من الاولى؟ وما هو تعليل الحكومة الحالية حول استفحال العنف في كل مكان؟ لقد تضاءلت شرعية الحكومة يوما بعد يوم بسبب صمتها المطبق امام القوة التي اصبحت عنفا مدمرا وقد وصل الى الحكومة نفسها وراح يصطدم بذاتها ، بسبب انفلات نقاب القوة لتصل الى متاهات العنف المستشرية في كل مكان. ان ما يحدث اليوم في عراقنا هو صراع دموي مقيت لا نستطيع حتى الاشارة اليه بسبب دمويته وعنجهيتة المتزايدة كل يوم والتي بلا حدود. ونجد اخيرا ان من يغذي ذلك العنف المستشري اليوم في العراق من الداخل والخارج، فالقوى المحتكمة الى العنف من الداخل هي اصلا كانت مزروعة لدى بعض المكونات الشعبية من الشعب بسبب الحروب المريرة التي مر بها وبسبب علمها في اصول صناعة اليات الموت والتفنن بصناعتها ونصبها وتفجيرها في اجساد الابرياء. اما القوى الخارجية المحتكمة الى العنف فهي تسعى وتطمع في الاندماج في السلطة الحالية لغرض الواقع الجديد في الانتساب اليه بدافع رغبتها الملحة في تقويض السلطة الشرعية والتسلط عليها باعتبارها ورقة ضغط امام المارد الامريكي العسكري المهيمن على المنطقة . ان هذة القوتان المميتتان للعراق واهلة (الداخل والخارج) تلتقي معا وتصب وتغذي بعضها البعض بمحور واحد وهو انتهاك حرمة الانسان البري وحقه الطبيعي في العيش بسلام، وهي ايضا انتهاك صارخ لكل القوانيين والاعراف السماوية، وتعليلهم على ذلك ان هذة القوة هي سلاحهم الاخير في هذة المعركة المصيرية. الم يعلموا ان الانسان خليفة الله في الارض، وان قتل الانسان سواء كان شيعيا او سنيا او مسيحيا او يزيديا او صائبيا بريئا هو عمل لا يرضاه الله سبحانه وتعالى ولا رسولة ولا ال بيت الرسول عليهم السلام ولا الصحابة الكرام؟ للاسف اقولها وبمرارة اننا شعب الحضارات التي امتدت مساحتها الزمنية والعلمية والتشريعية الى الكثر من 7 الاف سنة، للاسف اقولها اننا نعيش في بدايات القرن الواحد والعشرين ونحن نرى ما يحدث في شعبنا من موت وجوع وقهر وتشريد ، ففي نفس الوقت الذي نحيا به الان لنرى ذلك ، نجد ونرى بام اعيننا وعقولنا حكومات الدول المنتشرة في كل مكان والتي اخذت وتعلمت من حضارتنا ما تعلمت، نجدها تتباهى وتفتخر بما تعمل وتنجز لمواطنيها الذين تحتضنهم وترعاهم وتقدس حياتهم وتعتز بهم كشعوب تتفاخر بهم امام العالم من خلال دعمهم وتشجيعهم وتأهيلهم لانجازاتهم العلمية والفنية والثقافية والرياضية والحضارية. ان ما يحتاجة العراق اليوم قبل الامن والخدمات هو حكومة جديدة قادرة اولا على اجراء المصالحة السياسية في بلد متعدد الاطياف والالوان ، وتمتلك روحا وطنية حقة تفتح بها على الجميع وتنادي بالاصلاح وتبتعد كل البعد عن التمحور الطائفي وهذا سيكون خلاصنا. نقف اليوم امام طريق مزدود مظلم لا امل ولا روح فيه ، فلا بد من اجراء التغييرات الجوهرية في صلب عمليتنا السياسية متمثلة اولا بوجود تحالفات وتكتلات جديدة داخل وخارج البرلمان في سبيل اصلاح ما تبقى من العملية السياسية. يجب ان تكون الحكومة القادمة حكومة مرشحة ومنتخبة من قبل الشعب لان الشعب اليوم اصبح اكثر وعيا واكثر ادراكا بسبب ماساته المريرة التي عاشوها لوحدهم في ظل حكومة قابعة خلف الجدران الكونكريتية غير ابهة بعدد الارقام القياسية المتنامية كل يوم جراء عمليات القتل والتفجير والاختطاف والتهجير القسري التي تحدث كل يوم . ان الحكومة العراقية اليوم وباعتراف الكل قد فقدت الثقة والمصداقية لكل ما قالت او ستقول، وفيما فعلت او ستفعل، وفقدت بذلك الكثير من الشركاء لها في العملية السياسية، بسبب اقصائهم وتجاهلهم وتهميشهم الواضح، وكان من ضمنهم القائمة الوطنية العراقية التي يتراسها الدكتور اياد علاوي الامين العام لحركة الوفاق الوطني العراقي ، والتي قررت بدورها الانسحاب الكامل من العملية السياسية. واتهمت الحكومة القائمة بذلك من انها تسعى الى زعزعة العملية السياسية الحالية. علما ان دور القائمة كان واضحا منذ البداية من خلال دورها البناء في تقديم المقترحات والتعديلات للحكومة رغم تهميش دور الحكومة للحركة وقد كان اخرها المقترح المكتوب لرئاسة الوزراء في شباط (فبراير) من هذا العام وقد تضمن مقترحات عدة حول اعادة النظر بقانون الارهاب وتطهير الجيش والشرطة من العناصر الاجرامية وتعليق العمل بقانون اجتثاث البعث وابعاد المظاهر ذات الطابع الطائفي والجهوي ومنها هيئة التوازن والعمل بجدية على ارساء المصالحة الوطنية ومنع تدخل دول الجوار ووضع الخطط لاعادة المهجرين قسرا من الداخل والخارج. ولم تتلق القائمة الوطنية العراقية اي رد او دعوة للحوار للتباحث، بل على العكس استمرت الحكومة بالتهميش والاقصاء وفوق ذلك ملاحقة للقوى والشخصيات المكونة للقائمة الوطنية العراقية كما استمرت الفوضى في الحلبة السياسية من خلال الملاحقات والقمع ضد القوى السياسية المشاركة ايضا في العملية السياسية. وبناءا على هذا الانحدار السلبي للحكومة وعجزها في حماية واقعها السياسي وتخليها عن معالجة هموم واحتياجات المواطنيين قررت القائمة الوطنية العراقية الانسحاب الكامل من العملية السياسية، وان من يستمر بالتعاون مع هكذا حكومة لن يكون مرتبطا بالتاكيد بدور القائمة في خلق مجمتع سياسي وحضاري معاصر. ان دور القائمة العراقية اليوم هو تصحيح المسارات السياسية في العراق وغير مكترثة تماما لكل تحالف مريض لا يسعى الا ازدياد الفتنة في العراق ، لان دخول القائمة في السلطة لم يكن من اجل تعزيز موقعها الوظيفي في الحكم، وهذا كان واضحا جدا، بل كان من اجل تعزيز القيم والمبادي الشريفة السامية للوطن والمواطنين. فلم يكن دور القائمة كباقي الادوار التي تنافست مع الاخرين للاستحواذ على اكبر عدد ممكن من الكراسي والمناصب او المقاعد الوزارية او البرلمانية او حتى السيادية، وكان دور الحكومة بارعا لا على ارساء الوحدة الوطنية في عملية التوزيع بل كان لارضاء بعضهم البعض، من خلال تنحية الاستحقاقات الوطنية والانتخابية والتوافقية. لقد همشت القائمة الوطنية العراقية كثيرا علما ان هذة المرحلة لا تتحمل اطلاقا التهميش لاي مكون اجتماعي او سياسي او ثقافي، ونجد ذلك واضحا من خلال انفتاح القائمة الوطنية العراقية على بقية الكتل المشاركة واللجوء الى التفاهم والحوار البناء، فنحن في هذا الظرف الصعب لا يمكن مواجهة مشروع الفتنة القائم والمخاطر التي تحيط بالوطن، الا عن طريق التكاتف الحقيقي السياسي الجديد ضد التفرقة الطائفية والارهاب والاحتلال. بسم الله الرحمن الرحيم وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين صدق الله العلي العظيم
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |