|
من ملامح التشابه بين الفكر العفلقي والفكر النازي ، أن كليهما ينظر الى الحرب على أنها غاية ... فكلا الفكرين يريان في مسيل الدماء مجدا يبعث على النشوة.. فالأمة العظيمة هي تلك التي لا تضع السلاح جانبا ... الحروب في كلا الفكرين هي السمة الحضارية. يقول موسوليني: "إن الحرب وحدها تبعث الطاقة البشرية الى ذروتها وتضفي النبل على اولئك الذين يمتلكون الشجاعة الكافية لاختيار الحرب " ... هذا المعنى نفسه يردده صدام حسين بصيغة اخرى حين قال في لقاء مع صحافية المانية في شهر ابريل من عام 1992 ردا على سؤالها فيما اذا كان قد ندم على احتلاله الكويت: "إنني موقن بأن في داخلي شجاعة أكثر مضاء فيما لو تكررت التجربة" ... ولعل البعض يتذكر ما قاله عام 1990 عقب احتلال الكويت: "اننا نجدد الجبهة بدماء جديدة ومستعدون لتقديم ثلاثة ملايين شهيد" .... قوله هذا لا يختلف عن النشيد النازي الذي صاغه الشاعر "أرنست برثرام": "القبور وحدها تخاطب الوطن" (ويبدو ان شاعر البعث صالح مهدي عماش قد استلهم المعنى ذاته في قوله: بعث ٌ تشيِّده الجـــماجم والدمُ تــتهــدم الـدنيا ولا يتهــدَّمُ
وفي خطابه الذي القاه بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس الجيش العراقي ، قال صدام: "ان القيمة التاريخية لإنجازات الحروب ليست في احتلال الارض أو تحريرها ولا في تدمير قوة العدو، إنما القيمة الاساسية هي أنكم بدأتم عصرا جديدا من النهوض النفسي " قال الطاغية المقبور ذلك، مع انه يعرف أن الحروب التي تحدث عنها، لم ترجع لنا شبرا من أرض، ولا برميل ماء من نهر، وكل الذي حققته، انها ضاعفت من مساحات المقابر ومن اعداد الارامل والثكالى والايتام .. فكما اراد الفكر النازي تركيع الأعراق البشرية أمام العِرق "الآري" .. فإن الفكر العفلقي أراد هو الاخر تركيع باقي الأمم أمام الامة العربية (لكن صدام ـ وبعد نجاحه في تحويل الحزب الى تابع من توابعه أراد تركيع الأمة أمام صنمه)...ما يعني ان الفكر العفلقي، هو فكر شوفيني، يتنافى مع قوانين الارض وتعاليم السماء المتمثلة بالحقيقة الإلهية "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" الفوهرر أدولف هتلر لم يكن مفكرا... إنه التلميذ الذي انتهل من الفكر النيتشوي الذي يعتبر المنهل الروحي للنازية الالمانية.. هذا الفكر الذي يرى: "إن الشر والألم شيئان ضروريان لاختبار ارادة الأمة" .... وصدام حسين ليس مفكرا هو الاخر بقدر ما هو التلميذ المستضيء بفكر أبيه الروحي ميشيل عفلق الذي يرى هو الاخر: "أن الحروب وحدها الكفيلة بتحقيق أمة البعث " وأن : " العمل القومي عمل مع البشر لا مع الملائكة ، عمل على الأرض لا في السماء وإن واجبه الاول هو أن يستهدف النجاح .. ولكي ينجح فلابد أن تفشل كل الأعمال الأخرى"
إذن ؟ هل ثمة ما يدعو للتفاؤل بغد عراقي جميل إذا عاد الى السلطة ، الحزب الذي ما زال يعتبر عفلق أباه الروحي ومعلمه الفكري؟ فالأفق السياسي العراقي ينبئ عن أن البيت الابيض الأمريكي بصدد إعادة الاعتبار له ، وإشراكه في السلطة عضوا (ريثما ينبت ريشه من جديد لينقلب على بقية الأعضاء ـ على غرار انقلابيه عامي 1963و 1968 واقلابه الثالث على الجبهة الوطنية)
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |