سقط القناع عن الوجوه المتاجرة بآل البيت

 

 

سناء صالح /هولندا

sanaelgerawy@hotmail.com

 للمرة الثانية تحرق كربلاء, مشهد يتكرر يعيدك الى الانتفاضة الآذارية التي يصرون على تسميتها بالشعبانية ليأسلموها, جيرها أدعياء الدين, تناسوا دور الشرفاء من أبناء العراق, من أحراره الذين لم يرتضوا ما فعله الدكتاتور, استغلوا الحس العفوي الديني للعراقيين الذين لايلجأون الى الأئمة بدافع سياسي وإنما يحركهم الموروث والشعور المشترك بالاضطهاد, حينما يبكون الحسين إنما يبكون هزيمة الحق أمام الباطل, لم يبكونه لأجل القيادات التي تتخذ الدين بوابة للارتزاق والمناصب, سرقوها وهي الغضب الشعبي العفوي الذي لايحق لأي طرف إدعاء شرف تفجيرها, لابل أخمدوها وأفشلوها حينما بات النصر قريبا عندما أطلقوا لأبواقهم العنان بأنهم سيصنعون عراقا على الطراز الإيراني, فأخافوا أمريكا والعرب وأعطوا المبرر لإجهاضها واندحارها .

 لست بمعرض الحديث عن الانتفاضة وإنما النيران التي كانت تلتهم أجزاء من المرقد الشريف والجماهير الجارية فزعا المنظر المؤلم الذي أشعل نيرانا في صدري وصدور العراقيين الذين يرون وطنهم يساق الى الهاوية, والغضب العارم لما يحث أعاد لي غضبي يوم وجه الدكتاتور عصاباته لدك المراقد الشريفة في كربلاء .

المتباكون بالأمس على المساس بحرمة بيوت الله ويسيّرون المسيرات أو يعلقون عضويتهم ويسحبون وزراءهم بذريعة المطالبة بإعادة بناء مراقد العسكريين, هاهم يحملون معاولهم لهدم مرقد أبي عبد الله لمطالب سياسية محضة وخلافات وصراعات دنيوية زائلة لاعلاقة لها بالمبادئ التي يتظاهرون بتبنيها, والزهد والورع والتقوى الذي يتخفون به .لقد فضحتهم أفعالهم, تكالبهم على السلطة, زيف شعاراتهم, ألم يرعو من أوقد النار في الصحن الشريف من الخطر المحدق بالأعداد الهائلة من البسطاء المخدوعين بالكلام المعسول من الروزخونات الذين يطوفون القرى والأرياف يبيعون صكوك غفران , مقابل المبايعة لمن نصبوا أنفسهم ورثة لآل البيت عليهم السلام .

 ما يثير التقزز هو ما تحاوله وسائل الأعلام وتصريحات المسؤولين من ذر الرماد في العيون وخداع الشعب العراقي من أن البيت الشيعي إنما هو حجر صلد ووحدة واحدة ,وإن ما حدث إنما هو بتدبير من قوى خارجية وهذا احتمال وارد ولكن أن يخفي المسؤولون رؤوسهم في الرمال كالنعامة ويلقون تبعات مايحدث الى ما خلف الحدود, سوف لايحلّ المشكلة ولكنه سيعمق الهوة بين الشعب والمسؤولين ويعدم الثقة بينهم , وهو ليس إلاّ استخفاف بعقول الناس وقدرتهم على فهم طبيعة الأوضاع وتحليلها والتوترات بين الأحزاب والتكتلات والمليشيات الشيعية التي هي واضحة وبينة , لو لم تكن الأطراف الشيعية متورطة في الأحداث فما معنى أن يجمد مقتدى الصدر جيشه, وهل هي هذه المرة الأولى التي تحصل مثل هذه المواجهات , ألا يتذكر الشارع العراقي والكر بلائي بالذات أحداثا مشابهة وفي نفس المناسبة أو بعدها ببضعة أيام وما أكتبه ليس خبرا سمعته بل كنت هناك في مدينة كربلاء قبل أربع سنوات أي في أكتوبر عام 2003 , يوم حدثت المواجهات بين جيش المهدي ومنظمة بدر على خلفية المحاولات للأستيلاء على المال والذهب الموجود في خزائن الإمامين, وما خلفته من قتلى ولم يكن القتال في الشارع بل في الجامع الواقع في منطقة المخيم, وبعد ذلك التصريحات الصادرة عن المسؤولين عن المرقدين باختفاء كميات كبيرة من الذهب من ممتلكات الروضتين والهجوم على الأمام الحر. إن كان المسؤولون بانشغالاتهم بالأمور والمشاكل الكبرى , المصالحة أو المنافقة والتخطيط لابتلاع أحدهم الآخر قد نسي هذه الأحداث فإن الشعب العراقي لديه وقت فراغ طويل , فلا عمل يشغله ولا مستقبل يفكر به , فلن ينسى وإن صمت اليوم فلا أظن أن صمته سيطول , سيكذبهم ويعريهم أنا لاأريد أن أنفي تهمة التورط وإثارة الفتن من قبل دول الجوار التي تضمر الحقد على العراق, ليس في هذه الأيام بل على مر السنين, ألم تلعب تلك الدول دورا مشينا في القضاء على ثورة تموز المجيدة بتكالبها وفتح موانئها وحدودها أمام الأساطيل الأجنبية وتمويل المتآمرين, ولكن هذا لايعني أن نرحّل أسباب ما يجري الى العدو الجاهز دوما العدو الخارجي من دول (النواصب) حسب قول الأعلام الطائفي الموجه وحسب تصريحات بعض السادة من الكتلة الصدرية , وتوجيه أصابع الأتهام الى جهة واحدة فقط ,وإن افترضنا صحة أقواهم فهذا يعني أن هناك اختراق في الأجهزة الأمنية والجيش والمؤسسات التي من واجبها حماية الحجاج وهذا يعني أيضا تحمل الحكومة العراقية وزر دماء الشهداء الذين سقطوا ضحايا ولكن كل ماقيل لايقلل من بشاعة وفظاعة مايجري من تصفية حسابات بين أطراف في الطائفة نفسها ,إن إغماض الحكومة والكتل والأحزاب أعينها عن هذه المشاكل ستزيد الأمور تعقيدا وإن الظهور بمظهر الانسجام والأتحاد والتآلف إن كان يستخدم للتسويق لمدة قصيرة فإنه سوف لايصمد وتظهر العلة بفتنة كبرى ستحصد كل شيء وتأتي على ماتبقى من العراق.

وأنا لم آت بشيء جديد لو قلت أن إنهاء التدخل الخارجي مقدور عليه بضوابط السيطرة على الحدود والاتفاقيات مع الدول المتهمة بتصدير الإرهاب إ ن الحل هو توفير سبل الحياة الكريمة للمواطن العراقي سيعزز الشعور بالانتماء لهذا الوطن فيدافع عنه, وحينذاك سوف لايقبل بأن يدعم الإرهاب أو يأويه.

كلمة أخيرة أقولها للقيادات الأمنية والعسكرية :في الزيارات القادمة وهي كثيرة و بما أنه مازلنا في بداية موسم اللطم الرجاء تواضعوا ولا تظهروا كثيرا على الشاشات بمنطق الثقة المطلقة بأن الوضع تحت السيطرة وهي كلمة السيءالذكر أبو العلوج الصحّاف التي ماتزال صوره الساخرة على قمصان باعتها شركات الملابس الغربية استخفافا به وبكذبه.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com