|
رسالة ثانية الى سيادة الرئيس الطالباني : مظفر النواب (جيفارا الشعر العربي)
يحيى السماوي رغم أن رسالتي الأولى إلى سيادتكم لم تنل منكم الاهتمام ـ وربما لم تحظ حتى بمجرد قراءتها قراءة عابرة قبل أن ينتهي بها المطاف الى سلة المهملات إلآ أنني عزمت على كتابة رسالتي الثانية هذه ـ ولي خيط صغير من بُردة الأمل في أن سيادتكم سيلقي عليها نظرة اهتمام فتتحقق الغاية التي هدفت اليها من وراء كتابتها... قرأت كلمتكم الأخيرة حول ضرورة أن تهتم الدولة العراقية بمبدعي الشعب ورموزه الفكرية والثقافية ، وحسنا ما قلت ـ غير أن هذا القول سيبقى مجرد ذرٍّ للرماد في العيون ما لم يُشـفع بالعمل الفوري، ليغدو القول عملا منجزا على أرض الواقع ، وليس حبرا على ورق.. في 28 /8 / 2006 وجهت الى سيادتكم رسالة عبر اكثر من منبر اعلامي عراقي تمنيت عليكم فيها إيلاء الاهتمام بفنان الشعب العراقي المناضل "فؤاد سالم" يوم كان نزيل أحد مستشفيات دمشق يشكو خللا في قلبه، استوجب إجراء عملية جراحية أخرى في لندن ، في وقت لم يكن فيه فناننا الكبير يملك إيجار شقته الضيقةـ وليس ثمن بطاقة السفر ومصاريف إجراء العملية، حتى إذا مرّت الايام والاسابيع ، وازدادت حالته الصحية تدهورا ، دون أن تمدّ الدولة يد العون ، لجأت عائلته الى بيع بعض مقتنياتها ومدخراتها (والاستدانة) ليواصل فنان الشعب العراقي رحلة العلاج مشفوعا بدعاء ملايين العراقيين الذين عرفوه مناضلا أرخص عمره ذائدا بحنجرته عن أحلامهم وطموحاتهم....أما الدولة، فلم تكلف نفسها عناء السؤال عن صحته ـ باستثناء زيارة عابرة من مسؤول كردي ، بدأت بـ "السلام عليكم" وانتهت بـ "تمنياتنا لكم بالشفاء العاجل" ... قبل شهور، كان الشاعر الكبير المناضل مظفر النواب نزيل أحد المستشفيات الأمريكية بعدما استفحلت عليه آلام عموده الفقري وحالت دون قدرته على الوقوف أكثر من بضع دقائق (وليس التمشـِّي في شارع حين اقترحت عليه نزهة في متنزه أو سوق)، فتداعت نخبة من الأطباء العراقيين المقيمين في امريكا للعمل على وضع حدٍّ لآلامه، فأقنعوه ـ بعد جهد شاق وطويل ـ بقبول دعوتهم لزيارة أمريكا وتحمُّل نفقات علاجه على حسابهم الخاص (وهو الذي لم يكن يملك غير بيت صغير في دمشق حملته ظروفه الصحية على بيعه لتسديد فواتير علاجه في وقت سابق) ... النواب ـ جيفارا الشعر العربي ـ يتلوّى ألما ً ويبيع بيته من فاقة، وتسديدا لمستلزمت علاج ، بينما دولتنا تهدر ملايين الدولارات كرواتب لأعضاء في البرلمان يقيمون في عمان ولندن وواشنطن، و لحماية بيوت وعوائل وأبناء وأحفاد أفراد ٍ لم يقدموا ربع ما قدمه النواب الكبير شعرا ونضالا ومحبة... هذا الهـَرَم الشعري الكبير ، يتكفل بعلاجه أطباء عراقيون مغتربون مثله ، في وقت لم يبخل فيه سيادتكم بمنح عشرات آلاف الدولارات الى أديب عربي يملك ملايين الدولارات (ولا اعتراض على ذلك ـ لو أنكم أوليتم الاهتمام ذاته لرموزنا المبدعين المعوزين في أوقات محنتهم).. وسؤالي سيادة الرئيس: هل كانت حكومتنا الموقرة ، ستترك النواب الكبير يبيع بيته لينفق ثمنه على مستلزمات البقاء على الحياة ، لو كان " روزخونا " وليس الشاعر الكبير الذي تتباهى به الجماهير العراقية والعربية وأبجدية الضاد والحرية؟ وهل كانت حكومتنا الموقرة ستترك النواب الكبير يتلوى ألما ً لو أنه كان ناطقا بلسان " طائفة "أو قومية" أو "حزب" أو "مذهب" وليس بلسان الحرية والعدالة والمحبة؟ يقال إن القائد الوطني العراقي الخالد "عبد الكريم قاسم" كان يتجول ذات ليل ، فدخل أحد أفران الخبز.... فلفتت انتباهه صورته الكبيرة في واجهة المخبز ، وتحتها أقراص الخبزـ وقد بدت صغيرةـ فقال للخبّاز: عليك بتقليل حجم الصورة.. وتكبير حجم رغيف الخبز ... أقصد سيادة الرئيس، التقليل من حجم الاقوال، والزيادة في حجم الافعال فيما يتعلق بالإهتمام بمبدعينا ورموزنا الذين أسهموا في صنع وجداننا الوطني والابداعي.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |