|
أبو غريب ـ ح28 ـ عبد الحسين هادي عويد ..!!
جلال جرمكا/ كاتب وصحفي عراقي/ سويسرا عضو ألأتحاد الدولي للصحافة وعضو منظمة العفو الدولية
من دفتر ذكرياتي في معتقل/ أبوغريب ـ الحلقة الثامنة والعشرون ـ عنوان الحلقة/ عبد الحسين هادي عويد!!. ياترى من هو هذا الشخص..؟؟ ولماذا هو من بين آلآف من المعتقلين؟؟. في الحقيقة لابد من أن يكون لهذا الشخص قضية.. وقضية مهمة...إذن لنرى : من بين الشخصيات التي تأثرت بها من بين المئات هم كثيرون.. ولكن يبقى ألأخ/ عبد الحسين له خصوصية ولأسباب عديدة سنأتي الى سرده.. المسألة بحاجة الى قليل من الصبر!!. ألأخ العزيز/ عبد الحسين، شاب في العقد الثالث من عمره، من أهالي مدينة (الحلة) وبالتحديد يسكن مع والديه في الحي العسكري. ألأخ/ عبد الحسين كان ضابط في الجيش وهو مهندس مدني.. منذ البداية كان معارضاً للنظام.. كم مرة ناقش الضباط عن الوضع العام.. لذلك كان من المشكوكين في ولائه للنظام.. لذلك: بالرغم من شهادته في الهندسة.. إلا أنه ينقل الى أحدى وحدات المشاة وينقل الى أحدى المعسكرات ومنها وحسب توصية (ألأستخبارات) ينقل الى أحدى الربايا على قمم أحدى الجبال مع مجموعة من الجنود، حيث الثلوج والبرد!!. هنا يشعر/ الملازم أول عبد الحسين بأنها عقوبة لا أكثر.. وإلا لماذا ينقل الى هكذا مكان في الوقت الذي أماكن المهندسين العسكريين معروفة..!! مع ذلك يظل في واجبه من غير مناقشة أو أستنكار!!. بعد فترة يترك الجيش ويلتحق بوحدة من وحدات (فصائل البيشمركة) التابعة الى الحزب الديمقراطي الكوردستاني.. ومنها وبواسطة سلسلة من اللقاءات مع مسؤلي ذلك الحزب يصل الى مقابلة ألأخ/ مسعود البرزاني رئيس الحزب. كالعادة يقوم السيد بارزاني بالترحيب به ويخيره بين البقاء في صفوف البيشمركة وألأستفادة من خبراته كمهندس وضابط.. وبين سفره الى الخارج. لكن ألأخ عبد الحسين يرد على السيد بارزاني: ـ لا أنسى كرمكم وفضلكم.. ولكنني أود السفر لأكمال دراساتي العليا!!. وحينها يزوده (الرئيس/ بارزاني) برسالة الى مسؤل الحزب في/ الشام لتسهيل مهمة سفره وأبداء كافة التسهيلات الممكنة له لكونه من ألأصدقاء والمقربين. يسافر/ عبد الحسين ويقيم لفترة في الشام.. ومنها يتوجه الى أوربا وحصراً الى مملكة هولندا ويستقر هناك!!. ألأخ/ عبد الحسين، كان ذكياً بمعنى الذكاء.. يتصرف ولكل حركة يحسب الف حساب.. بعد فترة من ألأستقرار واللجؤ وجواز سفر.. يبدأ بالتحرك.. يسافر الى العديد من دول العالم.. كان يجيد اللغة ألأنكليزية بشكل يلفت ألأنظار.. كان يترجم قصائد عربية الى ألأنكليزية بشكل لاتفقد نكهتها وقيمتها.. كان فناناً.. حلو الكلام.. له القابلية في أقناع الطرف ألأخر.. لذلك: يدخل علم التجارة و(البزنس) .. من خلال صفقات بسيطة..يصعد حتى يصبح من أصحاب الملايين.. كلها خلال عدد من السنوات!!!. ألأخ/ عبد الحسين، كان ذكياً.. له حس أمني قوي.. كان يتصرف بهدؤ وفي نفس الوقت كان على يقين بأن المخابرات العراقية تراقبه.. وإذا سنحت الفرصة يقومون بأيذائه.. ولكنه كان هو ألأشطر دوماً!!. روى لي هذه الحادثة: في أحدى النوادي يتعرف على فتاة جميلة.. بعد الجلوس وتناول المشروبات يتفاجأ بأنها عراقية .. كانت (تلح) عليه أن يلتقطا صورة معا.. بعد أصرار على مسألة الصورة.. أخيراً يوافق (أبوعلي) كما كنا نناديه.. ويلتقطان صورة فورية!!. بعد سهرة طويلة.. أستطاع (أبوعلي) أن يسرق الصورة منها ويمزق صورته ويبقي على صورتها ويعود بها الى حقيبتها!!. في الصباح، حينما تكشف العملية.. تغضب الفتاة وتقول : ـ لماذا فعلت هكذا.. ؟؟ هل تشك بي بأني أعمل لجهة مخابراتية؟؟ ثم لماذا تخاف؟؟. يرد عليها أبوعلي: ـ عزيزتي.. لا أعرف عن ماذا تتحدثين..؟؟ ثم لماذا صورة..؟؟ أنا معاك قلباٌ وقالباً!!!. بعد تلك الحادثة بالرغم من موعد أخر.. إلا أنه لم يلتقي بها أطلاقاً!!.. هنا تبين أنها كانت فعلاً من عناصر المخابرات العراقية.. لكنه كان ألأشطر!!!. بعد سنوات من الغربة.. وألأشتياق الى ألأهل.. يقررالسفر الى العاصمة ألأردنية واللقاء مع والديه وبأية وسيلة!!. في عمان.. يستأجر سيارة ويسلم السائق رسالة ومبلغ من المال، يكلفه بجلب والديه الى عمان للقاء بهما!!. يسافر السائق.. بعد عدد من ألأيام يعود ومعه رسالة من والده.. يعتذر السفر بسبب مرض والدته!!. يحاول مراراً ألأتصال بأهله ولكن الهاتف كان عاطلاً..!!!!!. هنا يقرر أن يغامر ويسافر.. لعل والدته في خطر.. نعم لابد من أن يسافر !!. قراره كان بعد تفكير وكالأتي: ـ أسمه في الجواز غير أسم.. شكله تغير خلال تلك السنوات. ـ أن الجهات قد نست الحادثة (هروبه من الجيش) بسبب مرور سنوات عديدة!!. لذلك يقرر السفر.. نعم يسافر بواسطة (باص) مع العشرات حتى لايجلب الشك ويأخذ سيارة بمفرده!!!. يأخذ السيارة ويتوجهون بأتجاه الحدود العراقية .. عند الحدود (طريبيل) تقف السيارة لغرض التفتيش وتأشير الجوازات وغيرها!!!. ينزل الركاب ليتوجهوا نحو مكاتب السفر لتأشير الدخولية!!.. هنا يقترب منه أثنان بالملابس المدنية ويقولان: ـ الحمدلله عالسلامة ملازم أول/ عبدالحسين!!!. ألأخ/ عبد الحسين، كان ذكياً ومتخذ كافة ألأحتياطات لمثل هذه المواقف.. يردعليهم وبأعصاب باردة: ـ أخوان أنتم مخطئون.. انأ لست عبدالحسين.. تفضلوا جواز سفري!!. على مايبدو أن الشخصين كانا متأكدان من كلامهما.. حينها قال أحدهم: ـ طيب تفضل معنا الى المكتب لمقابلة مسؤلنا والتحقق من كلامك!!. يتوجهان الى المكتب.. وإذا الجماعة من جهاز المخابرات.. ومستعدين كافة ألأستعدادات لألقاء القبض عليه.. ويبدوا أنهم كانوا يتابعونه.. وهنا هنالك أحتمال واحد لاغير: ـ أن السائق الذي حمل رسالته الى أهله كان من عناصر المخابرات.. وإن مسألة الرسالة فبركة مخابراتية.. وهذا ما كان يؤكده والده.. حيث قال أن السائق جائهما و سلمهم الرسالة ولكن لم يعود.. حيث أخبرهم بأنه سيعود ليأخذهم الى عمان!!. وفعلاً أغلبية السواق الذين كانوا يعملون على خط بغداد ـ عمان ..كانوا مرتبطون بجهاز المخابرات.. وحتى قسم منهم كانوا من منتسبي المخابرات.. والمخابرات الأردنية كانت تشك بتلك المسألة!!... وحتى مسألة تعطيل هاتف العائلة كانت مسألة مدروسة ومخططة لها من قبل المخابرات!!. طيلة ساعات التحقيق في (طريبيل) ينكر/ أبوعلي بأن أسمه/ عبد الحسين.. ينكر المسألة من ألأساس.. ولكنهم كانوا أكثر من متأكدون!!!. لذلك في الليل.. يأخذوه معهم موقوفاً الى المخابرات.. وهناك تبدأ التحقيقات.. ومع ذلك ينكر.. وينكر.. ولكنهم يواجهوه بعدد من ألأثباتات والصور ..حينها وبعد التهديد بجلب والديه.. يضطر ألأعتراف بالحقيقة!!!. كانت هنالك عشرات التهم ضده.. على أساس أنه عمل لصالح مخابرات أجنبية ضد العراق.. لكنه بالرغم من التعذيب والحرب النفسية لمدة عام ..لم ينهار ولم يعترف بأي شىء!!. حينها يحاكم في محكمة خاصة ويصدرون عليه الحكم بالمؤبد.. نعم عشرون عاماً بتهمة التجسس لصالح دول أجنبية!!!. أكمل ألأخ/ عبد الحسين أكثر من 15 عاماً.. في العفو العام قبل سقوط النظام يطلق سراحه.. وحينها وبواسطة ألأخوان/ الكورد يتوجه الى السليمانية.. ويبقى هناك لأشهر.. كنت أتابع أخباره.. ولكن بعد عام أختفى ولم يعد له أي أثر.. تألمت جداً لكونه كان طيلة فترة وجوده في أبوغريب كنا على أتصال دائم من خلال الرسائل البريدية.. تارة عن طريق أهله.. وتارة عن طريق ألأصدقاء.. لازلت أحتفظ بعدد من رسائله!!. كان قوياً.. لم يستسلم لليأس.. كان يخطط دوماً لعملية هروب.. يخطط ويفكر.. كان يطلعني على أكثرية الخطط!!. في أحد ألأيام طرحت الفكرة على أحد المراتب من رجال ألأمن وكان محل ثقة ويدعى (عماد الجنابي) سبق وإن كتبت حلقة عنه!!. تقبل/ عماد الفكرة وقال: ـ أثناء واجبي أستطيع أن أخرج به.. ولكن صدقني سيعدمون كل أقربائي.. وأهلي.. لذلك أعتذر..!!. بالرغم من مرور سنوات.. وسنوات.. إلا أنني لايمكن أن أنسى أصدقائي وأخواني في ذلك المكان القذر.. صحيح أنها أنتهت.. لكنها لاتزال تعيش معي!!!. ياترى أين أنت أيها الصديق العزيز أبوعلي الورد؟؟؟...أتمنى أن يقرأ أحدهم خطابي ويرشدني اليه.. من يعلم..؟؟ كل شىء جائز!!. هنالك حلقات أخرى بأذنه تعالى.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |