|
للاسف اصبح العراق و كما يقول المثل الشعبي " حايط انصيص" " ياهو اليجي يشبخ عليه" . من اوليات المهام الوطنية هو الحفاظ على موارد الشعب واسس معيشته، ولا يمكن اعماروازدهار العراق بدون ثرواته المائية. واي انتقاص وسرقة لهذه الثروة تعني تهديدا لمستقبل ابناء العراق. يذكر أرنولد توينبي في كتابه البشرية والارض الأم Mankind And Mother Earth ان اول الثورات الاجتماعية في التاريخ البشري قامت على ارض الرافدين. فبعد تعلم الزراعة كان البشر ينثرون البذور ببساطة على الارض وينتظرون المطر وبعد ظهور الزرع ونضوجه يقومون بحصاده، ولكن حدث على ارض الرافدين شيء جديد، فقد انتظمت، لاول مرة، مجموعة من البشر وخططت ونفذت شق الترع وبنت مشاريع الري، وقامت باستثمار مسبق املا بمردود لاحق، يعتبر توينبي هذا التنظيم الاجتماعي الجديد على ارض الرافدين، اول ثورة اجتماعية في التاريخ. ان الماء و النهرين هما اساس الحضارة في العراق. من الاجراءات التعسفية شروع السلطات التركية بانشاء سد اليسو على نهر دجلة. اذ اعلن ناطق رسمي باسم وزارة الموارد المائية العراقية عن اجراءات تركية لإنشاء سد اليسو على نهر دجلة. و سيحرم هذا السد (696) ألف هكتار من الاراضي الزراعية العراقية من المياه ويخفض الوارد المائي (11) مليار متر مكعب. وقام رئيس وزراء تركيا رجب طيب اروغان بوضع حجر الاساس لسد اليسو على نهر دجلة قرب منطقة دراغيتجيت وعلى بعد (45كم) عن الحدود السورية وهذا السد هو من نوع املائي ركامي ويبلغ منسوب قمته (530م) اما منسوب الخزن الفيضاني الاعلى فهو (528م) فيما يبلغ منسوب الخزن الاعتيادي للسد (525م) وان حجم الخزن الكلي هو (11,41) مليار متر مكعب فيما يصل حجم الخزن الاعتيادي فيه (10,41) مليار متر مكعب وان المساحة السطحية لبحيرة خزان السد هي (300) كيلومتر مربع وان السد سيولد طاقة تصل الى (1200) ميكاواط وطاقة سنوية ستبلغ (3830) كيكا واط. ان اليسو يعد اكبر سد سينشأ على نهر دجلة و ستبلغ تكاليفه اكثر من (1,2) مليار دولار و هو محط جدل كبير منذ فكرته الاولى في نهاية السبعينات لتأثيراته السلبية على عدد من المدن الكردية في تركيا اضافة الى ازالته لمواقع تأريخية مهمة اشورية ورومانية وعثمانية اما تأثيراته السلبية الاكبر فستكون على العراق. وبهذا الخصوص صرح ناطق رسمي بأسم وزارة الموارد المائية قائلاً: ان كميات المياه الواردة الى العراق في نهر دجلة ستتأثر بشكل كبير عند اكمال تنفيذ مشروع سد أليسو حيث سيتحكم السد في تحديد كميات المياه المطلقة الى العراق. وذكر المصدران الوارد المائي الطبيعي لنهر دجلة عند الحدود العراقية – التركية هو ( 20,93 ) مليار متر مكعب /سنة وفي حالة تنفيذ المشاريع التركية من المتوقع ان ينخفض هذا الوارد الى (7، 9 ) مليار متر مكعب/ سنة وهو يشكل نسبة 47% من الايراد السنوي لنهر دجلة، ان مثل هذا النقص في ايرادات النهر له انعكاسات خطيرة على العراق في مجالات (الزراعة، الشرب، توليد الطاقة، الصناعة، وبدرجة كبيرة انعاش الاهوار، البيئة). وكما هو معلوم فان نسبة كبيرة من سكان العراق تعتمد على نهر دجلة في تأمين احتياجاتها من مياه الشرب والزراعة والاحتياجات الاخرى وتظهر الحسابات الفنية انه في حالة حدوث نقص مقداره (1) مليار متر مكعب/ سنة من واردات النهر سيؤدي الى تجميد مساحات زراعية تقدر بحوالي (62500) هكتار،فكيف الحال اذا انخفض الوارد المائي الى(7، 9 ) مليار متر مكعب/ سنة عند انشاء سد اليسو ستكون مجمل المساحات الزراعية التي ستحرم من تجهيزات المياه(696000) هكتار من الاراضي المزروعة وهذا سيؤدي الى انخفاضاً كبيراً بمساهمة هذا القطاع في الانتاج المحلي وانعكاسات ذلك على دخول الفلاحين والمزارعين مما سيدفع بهم الى ترك مهنة الزراعة والهجرة الى المدن وبالتالي سيؤثر في تدهور اوضاعهم الاجتماعية، كما ستزيد من اتساع وزحف مساحات التصحر في العراق وانتشار الكثبان الرملية وحصول تغيير في طقس العراق من خلال تكرار العواصف الرملية اضافة الى تدهور المراعي الطبيعية وانخفاض انتاجها في المناطق المتاخمة للاراضي الزراعية التي ستقطع عنها المياه اضافة الى جفاف الاهوار طبيعيا. وقال الناطق الرسمي بأسم وزارة الموارد المائية: عند قيام تركيا بتنفيذ سد اليسو سيؤدي في السنوات الجافة الى تقليص المياه المتدفقة بشكل حاد وخاصة بعد اكمال منظومة مشروع اليسو – جزرة (وهذا الاخير هو سد سيتم المباشرة به بعد انجاز سد اليسو) حيث سيتم تحويل كافة المياه الى اراضي هذا المشروع قبل عبورها الحدود الدولية ( التركية – العراقية) وسيؤدي الى انعكاسات سلبية كبيرة على بيئة العراق وحرمان الكثير من السكان القاطنين على النهر من امدادات مياه الشرب. واضاف ان انشاء سد اليسو سوف لايقلل من ذروات الفيضانات العالية وهذا سيؤثر على سلامة وأمن المنشآت المدنية والسكان المنتشرين على طول اسفل مجرى النهر كما سيؤثر تأثيرا كبيرا على هيدرولوجية نهر دجلة وتغيير النمط الطبيعي لتدفق مياهه وانعكاسات ذلك على خطط التجهيزات المائية للزراعة وتوليد الطاقة وتشغيل السدود في العراق وانعاش منطقة الاهوار، كما ان النقص المتوقع في واردات نهر دجلة سينعكس ايضاً على توليد الطاقة الكهربائية من المنشآت الهيدروليكية القائمة على نهر دجلة في العراق وهي منظومة سد الموصل (السد الرئيسي والسد التنظيمي) وسدة سامراء حيث سيؤثر على امدادات المصانع ومحطات ضخ مياه الشرب والمؤسسات الصحية والاحتياجات المدنية من الكهرباء. واكد الناطق الرسمي ان العراق لم يتسلم من الجانب التركي أية معلومات تخص قيامه بانشاء سد اليسو أو مواصفاته الفنية أو أية دراسات عن هذا المشروع وانما علمنا بها عن طريق وسائل الاعلام المختلفة وذلك يخالف المعاهدات المعقودة بين الجانبين ومباديء واحكام القانون الدولي التي تقضي بقيام دول أعالي مجرى النهر باشعار دول اسفل المجرى بأي نشاطات تقوم بها يمكن ان يكون لها أثر ضار ذو شأن على دول أخرى من دول المجرى المائي، وان موقفنا القانوني بخصوص استغلال مياه نهري دجلة والفرات هو ان العراق لايعترض على مسألة التنمية في منطقة جنوب شرق الاناضول ولكن ذلك ينبغي ان لايكون على حساب حقوقه التاريخية واستعمالاته القائمة وبما ينعكس سلبا على حياة المواطنين العراقيين وان على الحكومة التركية ان تعلم الدول المتشاطئة قبل انشاء السد استنادا الى احكام القانون الدولي والاتفاقيات الثنائية بين العراق وتركيا. وقال الناطق الرسمي بأن العراق سبق واعترض على بناء سد اليسو المذكور لتاثيراته السلبية على كمية المياه الواردة اليه ووفق اجراءات رسمية عبر وزارة الخارجية ووزارة الموارد المائية والجامعة العربية وتوضيح وجهة نظرنا الى الجهات التي تدعم تمويل بناء السد مؤكدين على ضرورة ان يكون هنالك اتصال مباشر بين تركيا و العراق فيما يتعلق بقسمة المياه الدولية وكل ما يتعلق في انشاء السدود الخازنة في كلا البلدين لكي لا تتأثر احتياجاتهما للمياه. ويجب ان نضيف ان انشاء مثل هذا المنشأ وبهذه الشروط سيكون له تأثيرات وعواقب بيئية وخيمة على مجمل دول المنطقة وبضمنها تركيا نفسها. كما سيؤدي الى اختفاء انواع حياتية حيوانية ونباتية وسيؤثر سلبا على التنوع الحيوي في عموم المنطقة. لذا علينا العمل المكثف والسريع والاتصال بالمنظمات البيئية العالمية وبشكل خاص ذات النفوذ والخبرة مثل" Green Peace " لغرض تجميع اكبر تحالف بين المنظمات ذات الشأن لحماية موارد رزق اهلنا وبيئتهم. وتقع هذه المهمة على منظمات المجتمع المدني والجهات الحكومية لضمان استخدام حوض النهرين دجلة والفرات لصالح شعوب المنطقة بدون اجحاف والحفاظ على الظروف البيئية السائدة وبشكل خاص مناطق الاهوار التي ستهدد بعد الجهود الكبيرة التي بذلت من اجل اعادتها من جديد.
|
||||
© حقوق الطبعوالنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |