الانسحاب من البصرة هزيمة ام انتصار

 

 

سعد البغدادي

saadkeion@hotmail.com

واخيرا انسحبت القوات البريطانية من مدينة البصرة باتجاه القاعدة الاخيرة المتمركزة في مطار البصرة تمهيدا للانسحاب الكامل من المدينة, الذين يعتبرون ان القوات البريطانية هُزمت تحت صواريخ الكاتوشيا اصابهم الفرح وتبادلوا التهنئة بالانجاز التاريخي وهم يقاربونه بانسحاب اسرائيل من جنوب لبنان دون ملاحظة الفارق اطلاقا. ودون ملاحظة الانجازات التي حققتها القوات البريطانية للبصرة. والعجب كل العجب انهم تناسوا دور هذه القوات في تحقيق الاستقرار لمدينة تطل على الخليج وتطفو على بحيرات نفط ولها حدود مع جارتين مشاغبتين؟

 ويتناسى هذا النفر ان البصرة من اهم معاقل الاحزاب المتعددة والمسلحة ويتناسى هذا النفر ان لغة فك الاشتباك في البصرة عادة ما تكون في الاسلحة الثقيلة حتى ان نزاعا دار بين عشيرتين استخدمت فيه دبابات؟ نعم دبابات عائدة للجيش السابق. يتناسى هذا النفر ما هو الدور البريطاني في انقاذ مدينة البصرة من سطوة العصابات المسلحة التي حاولت خطف المدينة تحت سطوة السلاح, ويتناسى المحتفلون دور هذه القوات الاجنبية في حفظ ثروة البلاد (النفط) من الضياع بيد تلك الاحزاب التي انتشرت بطول البصرة وعرضها. استطاعت هذه القوات المحتلة من السيطرة على تهريب النفط وفضح كل الجهات المتورطة في نهب النفط عبر الخليج وقضت او هي كادت ان تقضي على ظاهرة البحارة, واوقفت في فترة وجيزة التدخل الخارجي الذي كان ينظر للبصرة بانها مفتاح الجنوب ولجمت الطامعين في اقتطاع جزء من البصرة لضمها الى هذه الدولة او تلك بصفقات تورط فيها ساستنا؟

استطاعت هذه القوات وخلال فترة وجيزة من تواجدها ان تعيد الحياة الى ما سمي(البصرة الامنة) في حين كان العراق يشتعل تحت الارهاب والامن في البصرة امتد الى كل الجنوب, واساترك الاعمار ودور هذه القوات في جلب المستثمرين ودعمهم ورغم كل ما يقال عن البصرة في زمن الاحتلال البريطاني الا انها شهدت عدة مراحل من البناء والاعمار والزائر للبصرة يلحظ هذه الحركة العمرانية. واستطاعت هذه القوات ان تبني جيشا وشرطة من الصفر, دخلت القوات البريطانية وليس هناك جندي عراقي واحد او شرطي, وخلال فترة تواجدها كونت جيشا قادرا على التصدي للاعمال الارهابية.

قوات الاحتلال البريطاني عملت كمراقب على داء مجلس المحافظة المتخبط ومنعته من التمادي في الفساد الاداري فضلا عن دورها في واد الفتنة الطائفية التي حاول التكفيريون اشعالها. طبعا الحديث عن الانجازات لا يعني تجاوز الاخطاء التي ارتكبتها هذه القوات, فقد استطاعت الاستخبارات العراقية الامساك بعملاء لهذه القوات وهم متنكرون بزي عربي, حملات الاعتقال العشوائي التي طالت الابرياء, قصف المنازل الامنة بحجة البحث عن الميليشيا كما حدث في حادثة الحيانية حينما قتلت اكثر من تسعة اشخاص كانوا يستقلون سيارة كيا, توتير العلاقة مع الجارة ايران في قضية الرهائن البريطانيين. اذن هناك اخطاء يتحملها البريطانيون وهذا امر مؤكد. لكن في حسابات الربح والخسارة هل انتصرت بريطانيا ام هزمت, وهل سيتذكرها البصريون بحنين ام سيبقى شبح ابو ناجي يطاردهم.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com