يا بوش أوقف خدمك في بغداد... كفى طغيانا ضد الشعب.. وإن البعثيين ليسوا عجما بل من العراقيين!

 

 

سمير عبيد/كاتب ومحلل سياسي

  لقد تم إعلامي رسميا بأن المقالتين الأخيرتين التي كتبتهما ونشرتا في الصحافة والمواقع العراقية والعربية قد وصلتا إلى الرئيس جورج بوش، فالأولى كانت بعنوان (سيادة الرئيس بوش إن كنت ترغب بكسب العراقيين عليك إتباع ما يلي) والمقالة الثانية كانت بعنوان (الطائفيون في العراق نجحوا باستعداء المالكي ضد الدكتور علاوي وحولوا العراق إلى جمهورية الظلام والبكاء).

ولقد علمت بأن المقالات التي كتبها و يكتبها الإخوة الذين يعارضون الاحتلال، والعملية السياسية الكسيحة في بغداد قد تم الإيعاز بجمعها منذ أكثر من ستة أشهر، وبأوامر من الإدارة الأميركية، لغرض وضع أفكارها في الإستراتيجية الأميركية حول إنقاذ الولايات المتحدة في العراق، ونحن بدورنا نطالب بإنقاذ بلدنا وشعبنا، والحفاظ على المصالح المشتركة مع الولايات المتحدة، ودول العالم كافة، وفي مقدمتها دول الجوار.

فالاحتلال بغيض ويُشعر المواطن الحر في العراق بالعار والمهانة، أما حكم العملاء والفاشلين فهي مرحلة سوداء وداكنة في تاريخ العراق، وتاريخ العلاقات الأميركية العراقية، لأن هؤلاء الذين دعمتهم الولايات المتحدة ليكونوا حكاما على العراق، جاءوا و هم يحملون قلوبا شوفينية ونازية لا ترحم من يخالفها بالرأي والخط السياسي.

جاءوا و في قلوبهم براكينا من الأحقاد على الشعب العراقي.

جاءوا وهم يحملون معاول الهدم للإنسان العراقي، بدليل أنهم حولوا المواطن العراقي إلى فأر لتجاربهم السياسية الفاشلة والبالية.

ولكن الغريب في الأمر أنهم يحصلون على التشجيع والحماية من الدولة التي تعد نفسها الأولى في العالم من ناحية التمدن والنهوض والحرية واحترام حقوق الإنسان، وهي الولايات المتحدة الأميركية.

فيا سيد بوش...

إن عدوكم الأول ليس أنا، ولا الذين يخالفونكم بالرأي حول العراق، ولا الذين يقاومون الاحتلال في العراق، لأننا وهؤلاء الناس النشامى ليس عندنا وعندهم ثأرا مع الولايات المتحدة، ومع الإنسان الأميركي، بل نحن شعب عُرف بالإباء، ونرفض أن يكون بلدنا محتلا، وحتى وأن كان من قبلكم أو أية دولة أخرى، فأنتم جئتم لتحتلون بلدنا وحقنا رفض احتلالكم وبالطرق التي نتمكن منها وعليها.

لذا فنحن شعب نحب الحياة والآخر، وفي مقدمة الآخر هو الإنسان الأميركي والغربي ، فشعبنا لا يعرف التطرف والقتل، و لقد عرف شعبنا بالكرم وطلب العلم وحب التجدد، وعدم الميل إلى الأنظمة الدينية ، ولكنكم جئتم بشعارات وطبقتهم أخرى، بل طبقتهم مراحلا وألوانا ونماذجا مختلفة من الشعارات والسياسات في العراق، والتي معظمها بُنيت على النميمة والافتراء والغش من قبل من تخاطبونهم بالحلفاء العراقيين و الذين دمروا العراق، وأغرقوكم في المستنقع العراقي لحساب أسياد لهم من خارج العراق.

فسياساتكم في العراق يحركها ( رد الفعل) فقط، وعلى طريقة الرد البدوي الذي يأتي على ضوء الفتنة والإشاعة أي أنتم طرحتم الحكمة والمنطق والعقل ومبادئ الولايات المتحدة أرضا، ولبستم وامتطيتم وعشقتم الأساليب الديكتاتورية والقمعية، والتي تستند على تكريم المشروخين وطنيا ، وتكريم المنحرفين أخلاقيا وسياسيا ووطنيا واجتماعيا، ومحاصرة ومطاردة العقلاء والشرفاء والأمناء والأصحاء، أي تحولتم إلى الثقافة الشمولية والأسلوب الشمولي المقرف في العراق.

لهذا ..كفى ظلما، وكفى طغيانا، فالشعب العراقي لا يستحق كل هذا الظلم والبطش، فهو شعب نهل من حضارة عمرها سبعة آلاف سنة، ولديه قاعدة اجتماعية متينة، ولو تعلمها الشعب الأميركي لشكركم إلى يوم يبعثون، وأولها احترام الضيف والتعاون والتكافل والقناعة والأمانة وحب الجار ونبذ العنف والغش، فهذه هي خصال الشعب العراقي والذي كرمته الأمم المتحدة بزمن صدام حسين لأنه خاليا من المخدرات، ولأنه نجح في القضاء على الأمية.

فأنظر ماذا ولد احتلالكم للعراق، والذي جاء بشعارات الحرية والديمقراطية، لقد تحول العراق إلى جمهورية الرعب والخوف، فمن تركها سلم ومن بقي ندم.

فهل هو هذا الوعد الذي أوعدت العراقيين به يا سيد بوش أن يتحول بلدهم إلى جحيم، ويكون ممرا لمخابرات الدنيا كلها ،ويكون مرتعا للإرهاب والجريمة والمخدرات، ويكون بلدا للمشيخات والعصابات التي تتاجر بالدين والوطن والأخلاق.

فنحن نعرف بأن جميع الأديان توصي بالوحدة والتآخي والدفاع عن وحدة الأوطان، وجميعها تنبذ العنف والفتنة والقتل، فمن أين جئت بهؤلاء يا سيد بوش وأعطيتهم (صك الحكم في العراق) ليحولوا الناس إلى عبيد وقطيع ومن يعترض إما مصيره التغييب أو السجن أو التشريد أو التهجير أو القتل والتمثيل بجثته .

أما نظرتهم للمرأة فهي مجرد جارية يُمارس معها حسب اللوائح التي لا تمت للأديان والأخلاق والقوانين بصلة وضمن سيناريوهات (التمتع، والسيغة، والزواج الوقتي والمنقطع) والحديث يطول.

فقبل يومين أوصلت إلى مسامع العراقيين اعترافا بأنك أخطأت بحل الجيش العراقي، وهذا صحيح، بل أخطأت أن تدع هؤلاء الحكام يحاسبون القيادة العراقية السابقة، لأن هؤلاء لا يختلفون عن المجرمين الذين كانوا في القيادة السابقة علما أن هناك رجالا لا يستحقون المحاكمة والأهانة والتنكيل وكانوا في القيادة العراقية السابقة، لأنهم منفذين للأوامر، وفي مقدمتهم وزير الدفاع سلطان هاشم الطائي ورفاقه من الضباط.

لهذا فاعترافك بخطأ حل الجيش يجب أن تكمله بإطلاق سراح وزير الدفاع ورفاقه، وجميع الذين يوافق الشعب العراقي على إطلاق سراحهم، وتحويل الذين يستحقون المحاكمة والمسائلة إلى جهة وطنية عادلة، وفيها من المختصين كي يحاسبوا هؤلاء، فمن الجريمة وعدم المنطق أن يحاسبهم ويحاكمهم من هو يستحق المحاكمة والحساب العسير يا سيد بوش...

لذا لا تكن مظلة للظلمة والمارقين والقتلة والفاشلين، ففرصتك بكسب صداقتنا ،وصداقة شعبنا كبيرة عندما تفرض حصارك على الذين حكموا العراق منذ 9 / نيسان ـ أبريل 2003 ولحد الآن، ومن اجل تأسيس محكمة عراقية لمحاكمتهم جميعا، ومن يتبرأ ليتبرأ ويكون أخا معنا لنبني العراق، ومن يدان يجب تنفيذ الإدانة بحقه كي تكون عادلا يا سيد بوش.

ولكي تدخل التاريخ باعترافك بالخطأ وإصرارك على جبر خواطر العراقيين، وأن جبر خواطرهم بإطلاق سراح وزير الدفاع ورفاقه فورا ،وحمايتهم ومن ثم محاسبة جميع رجال وأركان الذين حكموا العراق منذ التاسع من نيسان / أبريل 2003 ولحد البنت بهذا الأمر، وتنهي الهيمنة الدينية الغوغائية التي شوهت الإنسان العراقي والمسلم سواء كان شيعيا أو سنيا.

فالعراق يا سيد بوش لا يليق به إلا الحكم العلماني الهادئ مع الدين، فنحن أول الذين سيرفع لواء المعارضة للنظام العلماني عندما يكون سببا بمضايقة المتدينين ورجال الدين الأتقياء النبلاء، فنحن نريد بلدا فيه المسجد والحسينية والكنيسة والمعبد والبار والمرقص لأننا شعب متنوع ويمتلك أيمان وعقل، وكل إنسان يعرف كيف يربي أبناءه وعائلته، وهذا أهون لنا من الإرهاب والتشدد والزندقة والتكفير والتفجير.

و أخيرا...

بودنا أن نطرق سمعك حول موضوع رجال (البعث) فهؤلاء ليسوا عجما بل هم من العراقيين، ومن القبائل العراقية، وأنهم جزء من المجتمع العراقي، لهذا كفى ظلما وكفى توظيفا لهذا الموضوع الذي حُمّل أكثر مما يجب، وأصبح وسيلة لاجتثاث الناس من قبل عصابات هؤلاء الحكام الذين تسلطوا على الشعب العراقي بحرابكم وطائراتكم ودباباتكم.

وللعلم فأنهم لن يصمدوا 48 ساعة عندما تنسحبون من العراق، لأن في داخل 80% من العراقيين ثأرا وحقدا على هؤلاء الحكام الذين أحرجوا الشعب العراقي بين شعوب العالم ، و أحرجوا الشعب العراقي وطنيا ومذهبيا ودينيا وأثنيا، وجعلوا العراقي يخجل بأن يقول أني من العراق نتيجة الفشل الساري في العراق، ونتيجة الإصرار على نشر التخلف والثقافة الغوغائية في العراق، وكذلك نشر عبادة الأشخاص (الأصنام) تحت حجج دينية مفبركة خارجة عن المنطق والعقل والزمان والمكان ....

لهذا فرجال البعث كُثر، وليس كل بعثي هو قائد، وليس هناك قيادة عليا بالحجم الذي يتحدث عنه هؤلاء الحكام الذين لا يستطيعون الخروج من المنطقة الخضراء، فالانتماء لحزب البعث لم يكن عقائديا إلا عند القلّة القليلة بل كان الانتماء لحاجة العمل والدراسة والسفر والتحرك، أي (انتماء الاضطرار) لهذا فمشكلة رجال البعث تشبه مشكلة رجال الدين الآن.

.أي كان هناك سواد أعظم من البعثيين والذين هم باللسان، وكانت هناك قلّة من آمنت بالبعث وهذا حقها ولا يجوز اجتثاثها ومحاسبتها، إلا فقط محاسبة الذين أجرموا وأساءوا... وكذلك ففي العراق ملايين من رجال الدين بفضلكم والذين هم عبارة عن (عمامة، ومداس، وخاتم، ومسبحة) وهم يتحركون مع مصالحهم، أي يغيرون ولاءهم مع مصالحهم، وهم كُثر بفضلكم، ولكن علماء الدين قلّة، فهؤلاء هم الأصل والذي يجب أن يُحترموا ويُحافظ عليهم لأنهم يمتلكون العلم والمنطق والعقل والحكمة ومبدأ الحوار.

لهذا فالوقت من ذهب.... وعليك يا سيادة الرئيس استثمار الوقت للمصالحة مع العراقيين، وأول شرط لدى العراقيين هو محاسبة رجال ما بعد التاسع من نيسان / أبريل 2003 ، وإطلاق سراح الأبرياء من النظام السابق وإطلاق سراح العراقيين والعراقيات ودون تأخير... والعمل على أعادة الانتخابات وإيقاف الدستور المسخ.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com