الأنظمة الغربية وأثرها في المجتمعات الإسلامية ...!!

 

 

عدنان الجعفري/ مؤسسة اليوم الموعود الثقافية

al_moaood@yahoo.com

لكل شعب من الشعوب حضارته وتقاليده الخاصة ومن طبيعة هذه الشعوب بل كل البشر متباينين بالميولات والرؤى الحياتية فلا يمكن ان يجمعهم نظام سوى النظام والقانون السماوي الذي لا يفرق بين البشر بل كل الموجودات على ظهر البسيطة .فالقوانين الوضعية أثبتت فشلها في ان تكون دستوراً نموذجياً لكل البشر لان المقنن هو كأي فرد من أفراد المجتمع يمتلك غريزة حب الذات ويتأثر بالميولات العاطفية والفكرية التي يؤمن بها ويكتب القانون وفق الأيدلوجية التي تعلمها في المدارس التي تتخذ رؤى ومنهجاً في نظرتهم الى الطبيعة ؛إلا ان الدستور السماوي جاء من مقنن يترفع عن النقص في جميع مجالات الحياة فهو الذي يحقق العدالة والمساواة بين الموجودات على الأرض فصيغ الحكم في إدارة شؤون البلدان العربية ودول العالم الثالث تأثرت بالفكر الغربي من خلال عدة عوامل ساعدت على انتشار صيغ حكم السياسة الأوربية ونشر النظام التعليمي والإداري المتأثر بالفكر الأوربي .

فتلك البلدان كانت تحكمها الأفكار والحضارة الموروثة لديهم وخاصة في العالم الإسلامي فان الفكر والقوانين الإسلامية هي الطابع المسيطر في إدارة شؤونهم الحياتية ولكن المئة عام الماضية ومن خلال ما يسمى عصر النهضة العلمية لدى الغرب وسيطرة الدول الاستكبارية على البلدان المستضعفة سياسياً واقتصادياً بل في معظم مجالات الحياة وذلك من خلال عدة أساليب وآليات عمل لنشر النموذج الغربي قد تم إعدادها وفق إستراتيجية معينة ترعى مصالح العالم الغربي في البلدان الشرقية عموماً والشرق الأوسط خصوصاً .

فاليوم  يسير العالم العربي والإسلامي فضلا عن باقي الدول على أساس قانون ما يسمى (حكم الشعب) الذي صاغه منظروا الغرب أمثال ميكافيلي ومنتسيكو وبسمارك فجاءت الى امة العرب والإسلام صيغ الحكم الليبرالي والديمقراطي ثم جاءت تباعاً نظرية فصل السلطات الثلاثة والعلمانية والبيروقراطية والنظام الرأسمالي والاشتراكي ... الخ من التجارب الإدارية والسياسية والاقتصادية في حقول البلدان الغربية فسياسة الحكم في البلدان العربية والإسلامية قد ساد عليها الصبغة الأوربية والتي لا تمثل فكر وحضارة العرب والمسلمين فأصبحنا نخضع بالتبعية للقوى الأوربية سواء تسير خلف المعسكر الشرقي تحت مظلة الاتحاد السوفيتي (سابقاً) وروسيا –حالياً- أو السير خلف المعسكر الغربي تحت مظلة أمريكا وبريطانيا وفرنسا .

ولعل أهم الأسباب التي أدت الى التبعية لهذه القوى هو دخول الاستعمار واحتلال البلدان وخصوصاً المئة سنة الماضية التي كانت البذرة الأولى لزرع الفكر الغربي في العالم العربي والإسلامي ،فلا شك ان احتلال البلدان لفترة من الزمن يترك اثرا بالغاً في تلك البلدان المستضعفة من خلال نشر الثقافة الغربية في ربوع الشرق المسلم والتي تتقاطع مع الرؤى الاسلامية للقوانين الحياتية ،وقد ساعد الاحتلال في نشر ثقافته من خلال السيطرة الادارية والسياسية لتلك البلدان  فقد ساعد هذا الجو على صنع جيل من المثقفين والمتاثرين بالحضارة العربية والاسلامية يتبع الرؤى الأوربية في طريقة تفكيره وحياته ومقلداً تقليداً اعمي لكل العادات الغربية وبذلك عاشوا غرباء بين شعبوهم لأنهم انسلخوا وابتعدوا عن القيم والمبادئ  التي عاشوا عليها والتي وجدوها غريبة عنهم بعد شدة تأثرهم وميولهم للاتجاه الغربي  والملفت للنظر ان هؤلاء المثقفين قد هيئهم الاستعمار للامساك بزمام الحكم في تلك البلدان بعد ان أصبح وجود الآلة العسكرية

موقفا محرجا من خلال الحركات التحريرية للاستعمار والمقاومة له. إلا ان المستعمرين لم (يتركوا الجمل بما حمل) كما يعبر المثل الشعبي بدل استبدال طريقة الاستعمار للشعوب بعد خروجه باستعمار حديث والية جديدة للسيطرة على مقدرات الشعوب وذلك بفرض حكومات تدين بالولاء والخضوع للمصالح الغربية بعد ان هيئوا لهم  الأرضية الكافية تحت غطاء القومية العربية أو الديمقراطية المزيفة وما (كمال أتاتورك) و(رضا بهلوي) في تركيا وإيران وحزب البعث في العراق وسوريا وباقي الأحزاب الحاكمة للدول العربية والاسلامية إلا صورة للاستعمار الحديث والسيطرة على الشعوب فكريا واقتصادياً وخاصة في المجال السياسي من خلال الدساتير لتلك البلدان التي تفوح منها رائحة الفكر الغربي وطريقة التفكير في الحياة ومنذ مئة عام ليس تحديداً اخذ الحكم الإسلامي ينحسر عن البلاد العربية والاسلامية وقد لبست هذه الشعوب ثوب الحضارة الغربية وقد انخدعت ببهرجتها وتفكيرها فعاشت تلك الحكومات مبتعدة عن تقاليدها والأشد خطورة من كل ما تقدم هو وجدود تيار إسلامي يحمل الأفكار العلمانية ويتجه بالدين نحو  تغريبه وعلمنته السياسية والفكرية ،حتى أصبحت التيارات والأحزاب العلمانية تتوافق وتنسجم مع تلك الشخصيات التي تدعو الى علمنة الدين ومن أهم الصيغ الأوربية التي دخلت بلاد الإسلام هو فصل رجل الدين عن الحياة السياسية وجعله منحصرا بأمور الفتوى في الإحكام العبادية وهذا يحمل نفس المنطق العلماني بعد وفاة الرسول الأعظم –صلى الله عليه واله- عندما احتج من احتج على بنت النبي محمد –صلى الله عليه واله-  فاطمة الزهراء – عليها السلام – عندما قال لها ( أبوك يقول نحن معاشر الأنبياء لا نورث) وكان المقصود منها عليكم بأمور دينكم فانتم ورثتم العلم (لا غير) أما حقوقكم ومراتبكم التي نص عليها النبي والكتاب قد تناسوها وأسسوا بعد غياب النبي –صلى الله عليه واله-  مبدأ الانتخاب وحكم الشعب بدلاً من النص النبوي المنزل من الله فنجد ان علمنة الدين وتغير مساره بدأ منذ وفاة الرسول الأعظم –صلى الله عليه واله- حتى جاء منظروا الغرب ووجدوا التيار الإسلامي المبطن بـ( العلمانية) طريقا لنفوذهم وبذلك أصبح اللذين أسسوا (الانتخاب) بدلا من النص قد هيئوا الطريق لدخول العلمانية الى بلاد العرب والمسلمين فجاءت نظرية (بسمارك) و(مونتسيكو) و(ميكافيلي) موافقة للتيارات التي تدعي الإسلام والحاملة للفكر الغربي والتاريخ يشهد كم من الخلفاء في البلاد الاسلامية اختاروا مستشاريهم من  غير المسلمين حيث ان هذه الخطوة كانت البداية لاختراق الامة الاسلامية فكرياُ وسياسياً واقتصادياً وأصبحوا هؤلاء (المستشارين) من المسيح واليهود واللذين يميلون الى الصليبية والفكر اليهودي يدخلون الى الأمة الاسلامية قرارات قد غيرت مسار الإسلام والمسلمين لولا المفكرين الواعين من علماء  الإسلام وخصوصاُ أئمة أهل البيت– عليهم السلام– اللذين بذلوا قصارى جهدهم للحفاظ على الإسلام فكراً ودستورياً ونظاماً يقود الحياة رغم كل هذه الصعوبات ،وما نشاهده اليوم في التيارات الاسلامية الحاكمة في العراق فقد صادقت ووقعت على قانون ادارة الدولة المؤقت (سيئ الصيت) الذي كتبته الايدي الامريكية واليهودية واصبح هذا القانون اساساً للدستور الدائمي والذي ضم معظم  فقرات الدستور الذي سنه (بول بريمر) وقد صادق على هذه الدستور معظم التيارات الاسلامية والمبطنة بالغطاء العلماني، وبالتالي فان هذه التيارات التكفيرية ستكون هي الاداة لتهديم الإسلام وتشويه الصورة للاسلام المحمدي كنظام يقود الحياة وحضارة شامخة بوجه الرياح العاتية.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com