|
كانت الأسابيع الماضية التي شهدت لقاءات مكثفة بين الإطراف الرئيسية الحاكمة والتي صدرعنها وثيقة "المبادئ الوطنية لاتفاق القوى السياسية واليات العمل" أو ما سمي بالميثاق السياسي لجبهة المعتدلين التي ضم المجلس الإسلامي الأعلى والحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني وحزب الدعوة، وتواصل جهود الحوار بضم الحزب الإسلامي العراقي الى الإطراف الأربعة المذكورة، ثم صدور البيان الختامي لاجتماع القادة السياسيين في السادس والعشرين من آب الماضي، كانت تلك الفترة مناسبة لتقييم الأداء السياسي والاقتصادي والأمني الذي اتسم بالارتباك والتصدع الذي أصاب النشاط النيابي والحكومي جراء قرارات الانسحاب منهما أو تجميد النشاط فيهما. لكن فحوى البيانين لم يتضمن مراجعة نقدية جريئة تسمي الأخطاء الجسيمة وتداعياتها على مختلف الصعد والمسؤولية عنها، كخطوة ضرورية نحو وضع الحلول المعالجة لها. وكان من شأن هذه الممارسة ان تؤشر الى لبنة من لبنات الممارسة الديمقراطية وتبعث لدى المواطن العراقي الغارق في بلواه جذوة أمل وبقية ثقة بمن أوصلهم الى سدة السلطة ظنا منه أنهم قادرون على تعويضه عن سنوات القهر والحروب الدكتاتورية. البيان الختامي لاجتماع القادة السياسيين، بدل ان يشير الى ان قدرا كبيرا من البلاء كامن في الركون الى مبدأ المحاصصة الطائفية والقومية وضرورة التحلي بكل شجاعة لوضع مصلحة الوطن فوق مصلحة الطوائف والتوليفات الإثنية في هذه المرحلة التي تتصارع فيها القوى الإقليمية الطائفية والدولية على الساحة العراقية النفطية، نراه يشير في الفقرة الثانية منه الى" - تشكيل اللجان الضرورية لتحقيق التوازن الوطني في مؤسسات الدولة مع اخذ معايير الكفاءة والنزاهة بنظر الاعتبار. "وهو بذلك يؤكد على عزم هذه الأطراف على تقاسم غنائم الدولة ومرافقها وفق التوصيف الطائفي والقومي الذي سمته" التوازن الوطني"!!. ثم وبدرجة لاحقة الأخذ بمعايير الكفاءة والنزاهة بنظر الاعتبار. ان التأسيس لبناء عراق ديمقراطي فيدرالي لا ينسجم أو يتوافق مع الإصرار على التمسك بالتوازن الطائفي أو القومي والتحاصص فيهما، وقد دلت الأحداث منذ التاسع من نيسان العام 2003، ان التمادي في غرس وإذكاء الشعور الطائفي والقومي لا تقف حدود أثارهما التدميرية على مجمل وضع البلد الحالي ومستقبله أيضا بل ستطال المكونات الطائفية والقومية نفسها شرذمة واحترابا دمويا داخليا، والسجال هنا يستند الى الوقائع اليومية التي تشهدها جميع مدن العراق بعد تحكم الولاة طائفيين وحزبيين عليها، وتوزع فيها المواطن العراقي بين خيارات ثلاثة أما الإذعان بذل لفرمانات هؤلاء الولاة، أو العيش تحت ظل رعب يومي ،أو الهجرة هربا من شقاواتهم. الفرصة اليوم لا تزال تسمح في مراجعة شاملة للعملية السياسية وعدم الاستئثار بالقرار السياسي والأمني وذلك عبر مشاركة جميع الإطراف السياسية التي تهدف قولا وفعلا الى وقف نزيف دم المواطن العراقي اليومي، خصوصا وان الأيام المقبلة تنتظر صدور قرارات إدارة الرئيس جورج بوش والكونغرس على ضوء التقرير المشترك الموعود الذي سوف يقدمه قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بيتريوس والسفير الأمريكي رايان كروكر في منتصب شهر أيلول الجاري. كما ان استحقاق التعديل الوزاري بات ملحا سعيا الى تشكيل وزارة تؤمن الأمن والخدمات الضرورية وتعيد ملايين المهجرين والمهاجرين الى مواطنهم، وتلك مطالب مستحقة ومشروعة لا تحتمل التأجيل.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |